بحث: أساليب إدارة المخلفات الإنشائية والفرص المتاحة لتدويرها
أساليب إدارة المخلفات الإنشائية والفرص المتاحة لتدويرها
المهندس/ علي بن محمد السواط
مدير إدارة تنسيق المشاريع - أمانة مدينة الدمام - السعودية
Alisswat2002@hotmail.COM
أساليب إدارة المخلفات الإنشائية والفرص المتاحة لتدويرها
المهندس/ علي بن محمد السواط
مدير إدارة تنسيق المشاريع - أمانة مدينة الدمام - السعودية
Alisswat2002@hotmail.COM
ملخص البحث :
تشهد
المدن العربية نمواً عمرانياً ملحوظاً نتيجة لارتفاع معدلات النمو السكاني والحاجة
لإنشاء مشاريع إنشائية جديدة لمواكبة هذا النمو، ونتيجة لهذه النهضة العمرانية
المتسارعة فقد برزت مشكلة المخلفات الإنشائية كواحدة من أهم المشاكل البيئية في
المدن العربية، وهذه المشكلة لها آثارها وأبعادها البيئية والاقتصادية على المدينة
وعلى تكاليف مشاريع البناء، وقد أوضحت إحدى الدراسات المبكرة (1986م) بأن معدل
المخلفات الإنشائية في المدينة العربية يوازي 69.4% من المجموع الكلي للمخلفات،
وأضافت إحصائية أخرى حديثة (1994م) بأن حجم المخلفات الإنشائية في المدن السعودية
يصل إلى 45% من المجموع الكلي للمخلفات بجميع أنواعها بينما تتراوح كمياتها في
كثير من الدول الصناعية المتقدمة بين 15-30% من المجموع الكلي للمخلفات، ومع ذلك
فإن هذه المشكلة تحضى بعناية وإهتمام في الدول المتقدمة التي تسن الأنظمة
والتشريعات وتتبنى تأسيس البرامج والخطط وتوفير الموارد للحد من هذه المشكلة.
تهدف هذه الورقة إلى التعريف بمشكلة المخلفات الإنشائية الناجمة عن أنشطة البناء والهدم في المدن العربية وتأثيراتها البيئية والاقتصادية، وسيمتد الحديث إلى إيضاح الطرق الملائمة للتعامل مع هذه النوعية من المخلفات والتي تبدأ بخفض نشوئها من المصدر ثم إعادة استخدامها ثم تدويرها، بالإضافة إلى إستعراض تجارب بعض الدول المتقدمة في التعامل مع هذه المشكلة، وستخلص هذه الورقة إلى التأكيد على أهمية معالجة هذه المشـكلة وإدارتها والتعامل معها بشكل فعال على جميع المستويات الحكومية والصناعية والهندسية في المدن العربية للحد من تأثيرتها البيئية والإقتصادية.
1. مقدمة:
لقد
أولت معظم دول العالم في العقد الأخير من القرن المنصرم عناية خاصة واهتماماً
واسعاً بمواضيع حماية البيئة والتنمية المستدامة، ولم يولد هذا الاهتمام من فراغ
فقد تعالت الأصوات البيئية المنادية بتقليل الآثار البيئية الناجمة عن الأنشطة
البشرية المختلفة ونادت بخفض المخلفات والحفاظ على قاعدة الموارد الطبيعية للأجيال
القادمة، وبلغت هذه الأصوات ذروتها في مؤتمر قمة الأرض الذي أقيم في ريو دي جانيرو
بالبرازيل في العام 1992م برعاية الأمم المتحدة وبمشاركة حكومية وشعبية واسعة
النطاق، وقد تم عقد هذا المؤتمر الهام في الوقت الذي أدرك فيه العالم أن هناك جملة
من التحديات البيئية التي أصبحت تهدد كوكب الأرض وفي مقدمتها تزايد ثقب الأوزون
والانفجار السكاني وتناقص الموارد الطبيعية وارتفاع معدلات المخلفات والملوثات
بشتى أشكالها الصلبة والسائلة والغازية، وكواحدة من أكبر القطاعات التنموية في
جميع دول العالم فإن قطاعات البناء والتشييد لم تكن بمعزل عن هذه الأصوات البيئية
المتزايدة، فقد شدد مؤتمر مسـتقبلنا المشـترك عن البيئة والتنمية في العـام 1987م
على أهمية مشـاركة جميع الحكومات والأفراد والقطاعات الصناعية بما فيها قطاعات
البناء والتشييد في الحفاظ على البيئة وخفض إنتاج المخلفات وإعادة إستخدامها
وتدويرها [1]، كما شدد مؤتمر قمة الأرض الأول الذي عقد
في ريو دي جانيرو بالبرازيل في العام 1992م ومؤتمر قمة الأرض الثاني الذي عقد في
جوهانسبيرغ بجنوب أفريقيا في العام 2002م على العمل بأسرع وقت ممكن للحد من فقدان
الموارد الطبيعية التي أصبحت مهددة بالاضمحلال والعمل على إعادة إستخدامها
وتدويرها [1]. وقد أشارت دراسات وتقارير متخصصة إلى أن تنامي الأنشطة الاقتصادية
البشرية وارتفاع معدلات التلوث في كثير من دول العالم قد وضع القطاعات الإنشائية
تحت المجهر بسبب المواد الأولية التي تستنزفها هذه القطاعات والمعدلات الكبيرة من
المخلفات الناتجة عنها [2]، ونتيجة لتنامي الوعي البيئي في الدول
المتقدمة تجاه الآثار البيئية التي تسببها أنشطة البناء والتشييد فقد نبه كثير من
المتخصصين بأن التحدي الأساسي الذي يواجه قطاعات البناء والتعمير في هذا الوقت
بالذات إنما يتمثل في مقدرتها على الإيفاء بالتزاماتها وأداء دورها في الحفاظ على
البيئة وتحقيق مفاهيم التنمية المستدامة الشاملة [3]،
وأضاف آخرون بأن الإدارة والسيطرة البيئية على مشاريع البناء والتشييد ستكون واحدة
من أهم المعايير التنافسية الهامة في هذه القطاعات في القرن الحادي والعشرين [4].
تستقطب
المدن الكبرى في المملكة العربية السعودية والعالم العربي كثيراً من الفعاليات
والاستثمارات التجارية والعقارية والإنشائية ونتيجة لذلك فقد ازدادت الأعباء
البيئية على تلك المدن، وفي ظل تسارع وتيرة الأنشطة العمرانية وتواصل أعمال البناء
والتشييد والترميم والهدم والإزالة فقد أصبحت مشكلة مخلفات البناء والهدم إحدى
أبرز المشاكل البيئية التي تعاني منها المدن العربية، وإن ما يزيد من خطورة هذه
المشكلة هو استمرار وتنامي الحاجة لبناء أعداد إضافية من المساكن والأسواق
والمباني الصحية والتعليمية والمكتبية والحكومية والخدمية وغيرها بالإضافة إلى
تواصل أنشطة ترميم وصيانة وهدم المباني القديمة القائمة، وهذه المتطلبات تجعل من
مشكلة مخلفات البناء والهدم مشكلة متفاقمة مع مرور الوقت ويخشى أن تصل إلى مرحلة
يصبح من الصعوبة التعامل معها وإدارتها والتحكم بها، إن أنشطة وعمليات البناء
والهدم المتواصلة في المدن ينتج عنها كميات كبيرة من الضجيج والتلوث والمخلفات
الصلبة حيث قدرت إحدى الدراسات الإستطلاعية المبكرة التي قام بها المعهد العربي
لإنماء المدن في العام 1986م [2] حجم مخلفات البناء والهدم بنسبة 69.4% من المجموع
الكلي لجميع المخلفات بشتى أنواعها في (42) مدينة عربية، وفي العام 1994م وحسب
إحدى الإحصائيات [3] فقد بلغت نسبة مخلفات البناء والهدم في المملكة العربية
السعودية 45% من المجموع الكلي للمخلفات. وهذه المعدلات العالية من مخلفات البناء
والهدم وحسب بعض التقارير المتخصصة [5]
تحتوي على نسب عالية من المواد الكيميائية والسمية الضارة التي يمكن أن تسبب
أخطاراً جسيمة على صحة الإنسان والبيئة وتتسبب في تلوث التربة والمياه الجوفية، ونتيجة
للتخلص من مخلفات البناء والهدم بطرق غير نظامية وهي ظاهرة شائعة في مجتمعاتنا
العربية فإن هناك كميات كبيرة من هذه المخلفات ملقاة على جنبات الطرق وفي الميادين
والأراضي الفضاء وهي ملفتة للنظر في كثير من المدن الكبرى التي تشهد نهضة عمرانية
متواصلة، فقد أوردت صحيفة الوطن السعودية [4] في حوار لها مع مدير عام الشئون
البلدية والقروية بمنطقة الرياض المهندس أحمد التويجري بعض الملاحظات حول ظاهرة
تكاثر مخلفات البناء والهدم في المدن والقرى، وتطرقت لنفس الموضوع صحيفة الرياض
[5] عندما اعتبرت أن مشكلة مخلفات البناء والهدم هي إحدى المشاكل البيئية والحضرية
البارزة في المدن الكبرى في المملكة العربية السعودية.
تهدف هذه الورقة إلى التعريف بمشكلة المخلفات الإنشائية الناجمة عن أنشطة البناء والهدم في المدن العربية وإيضاح تأثيراتها البيئية والإقتصادية، وسيمتد الحديث إلى التعريف بالطرق الملائمة للتعامل مع هذه النوعية من المخلفات وإدارتها عن طريق خفض نشوئها من المصدر، وإعادة إستخدامها، وتدويرها، وسيتم التطرق لتجارب بعض الدول المتقدمة في تعاملها مع هذه المشكلة. وستخلص هذه الورقة إلى التأكيد على اهمية حشد الجهود والطاقات والموارد على كافة المستويات الوطنية والصناعية في المدن العربية للتعامل مع هذه المشكلة وإدارتها وتقليص تأثيراتها البيئية والإقتصادية، كما توصي هذه الورقة بالإستفادة من تجارب الدول الصناعية المتقدمة في تعاملها مع هذه المشكلة.
2. المخلفات الإنشائية .. تعريفها ومكوناتها وأحجامها وتأثيراتها:
2-1.
تعريف ومكونات المخلفات الإنشائية:
لقد
تعددت التعاريف الصادرة من قبل الهيئات والمنظمات المتخصصة لمفهوم المخلفات، إلا
أن أحد أوضح التعريفات ورد في تشريع حماية البيئة البريطاني الصادر في العام 1990م
[6] والذي عرف المخلفات في نقطتين على النحو
التالي: (1) "أي مادة تشكل نفاية أو خردة أو تدفق أو أية مواد أخرى غير مرغوب
بها تنشأ من تنفيذ العمليات"، (2) "أي مادة أو سلعة تحتاج إلى التخلص
منها بسبب تعرضها للكسر أو التلف أو التلوث أو الفساد". وإذا كان هذا هو
المصطلح المتعارف للمخلفات فإن مخلفات البناء والهدم (Construction
& Demolition Wastes)
يمكن أن تعرف على أنها:
"البقايا والفواضل والحطام والزيادات والتكويمات من مواد البناء
والهدم التي تنتج من أنشطة البناء والترميم والإصلاح والهدم والإزالة للمباني
والمنشآت". أما مكونات مخلفات البناء والهدم فهي تضم بين جنباتها قائمة عريضة
من عناصر ومكونات المباني التي يتم هدمها والمواد التي يتم استهلاكها في عمليات
البناء الجديد مثل الخرسانة وحديد التسليح والطوب بالإضافة إلى المواد غير
المستهلكة التي تستخدم كمواد مساعدة في عمليات البناء مثل الخردوات وقوالب الصب
والدعائم الخشبية والمثبتات والمسامير والأوتاد، إن جميع المواد التي يتم إحضارها
لموقع المشروع بمختلف وظائفها الأساسية والمساندة جميعها معرضة لأن يصبح جزء منها
لسبب أو لآخر في نطاق المخلفات التي يتم التخلص منها عادة عند نهاية المشروع، وقد
تدخل ضمن هذه المواد مواد جديدة لم يتم استخدامها من قبل نتيجة لعدم الحاجة إليها
أو بسبب ففقدانها في موقع المشروع، وبشكل عام تتكون مخلفات البناء والهدم من:
الرمال والصخور والحجارة والحصى والركام وحديد التسليح والأسمنت والخرسانة والمونة
والبلاط والسيراميك والرخام ومواد التكسية والطابوق والطوب والزجاج والألمنيوم
والمعادن والألواح والأخشاب بأنواعها والبلاستيك والورق المقوى والعوازل والقواطع
والدهانات وبقايا التمديدات الكهربائية والميكانيكية وأجزاء السباكة والمواد
الصحية الأخرى.
2-2.
حجم المخلفات الإنشائية في بعض دول العالم:
أوضحت
إحدى الدراسات التي أجريت في المملكة المتحدة [7]
بأن معدل مخلفات المواد في قطاع البناء وصل لدرجة لا يمكن احتمالها في أي قطاع
آخر، وقد أكد أحد التقارير الصادرة عن معهد المهندسين المدنيين في المملكة المتحدة
[5] بأن صناعة البناء تعد أحد المنتجين الرئيسيين
للمخلفات، وأشارت إحدى الدراسات [1] إلى أن حجم مخلفات البناء السنوي في أوروبا
الغربية يبلغ تقريباً ضعفي حجم المخلفات البلدية الصلبة الأخرى التي تنتج سنوياً،
وقدرت نفس الدراسة حجم مخلفات البناء في دول أوروبا الغربية في العام 2000م
بأربعين مليون طن، أما وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA)
[8] فقد أوردت في تقرير لها أن حجم مخلفات
البناء والهدم في الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ حوالي 24% من مجموع المخلفات
التي يتم التخلص منها في المقالب المعالجة، وأوضحت دراسة أخرى [9]
بأن نسبة مخلفات البناء من مجموع المخلفات التي تدخل المرادم في الولايات المتحدة
تتراوح بين 20-29%، وفي أستراليا تتراوح بين 20-30%، وفي هولندا 26%، وفي ألمانيا
19%، وفي فنلندا تتراوح بين 13-15%، أما في المملكة المتحدة وحسب دراسة أخرى [5]
فإن قطاع البناء وحده ينتج من المخلفات أكثر من تلك التي ينتجها القطاع السكني من
المخلفات المنزلية.
كانت
تلك معدلات مخلفات البناء في إطار الحجم الإجمالي للمخلفات بجميع أنواعها، وإذا
كانت المعدلات المشار إليها تبدو مرتفعة نسبياً فإن الشك سيزول بمجرد التعرف على
حجم المخلفات ونسبة الفاقد من مواد البناء في مواقع تنفيذ المشــاريع الإنشائية،
فقد قدرت إحدى الدراسات الميدانية التي أجريت في المملكة المتحدة عام 1985م [10]
كمية مخلفات البناء بما يوازي نسبة 10% بالوزن من حجم جميع المواد التي يتم شرائها
وإحضارها لموقع المشروع، وهي نفس نسبة الفاقد من المواد في مواقع المشاريع الإنشائية
في هولندا [9]، هذه النسب تم تقديرها في بعض الدول
المتقدمة مثل المملكة المتحدة وهولندا أما في الدول الأقل تقدماً فإن الوضع يبدوا
أسوأ حالاً حيث بينت إحدى الدراسات التي أجريت في البرازيل [11] بأن حجم مخلفات
البناء في مواقع المشاريع الإنشائية يتراوح بين 20-30% بالوزن من جميع المواد التي
يتم إحضارها لموقع المشروع.
2-3.
حجم المخلفات الإنشائية في المدن العربية:
لابد من الإشارة إلى أن هناك نقصاً واضحاً في تقدير حجم مخلفات البناء في المدن العربية سواءً تلك الناتجة في مواقع المشاريع الإنشائية أو التي يتم التخلص منها في المرادم العمومية أو حتى التي يتم التخلص منها بطرق غير نظامية، فقد أشارت إحدى الدراسات [6] إلى عدم وجود إحصاءات دقيقة توضح حجم مخلفات البناء في جمهورية مصر العربية، كما أوضحت دراسة أخرى [12] بأن الأمانات والبلديات في المدن الكبرى في المملكة العربية السعودية لا يوجد لديها تصور دقيق ومعرفة بحجم مخلفات البناء التي تنتج في المدن التي تشرف على إدارتها، وقد أشارت دراسة استطلاعية مبكرة أجراها المعهد العربي لإنماء المدن في العام 1986م [2] إلى أن مخلفات البناء تشكل العبء الأكبر على عمليات النظافة في المدن العربية حيث بلغت نسبتها 69.4% من المجموع الكلي لجميع المخلفات بمختلف أنواعها في (42) مدينة عربية كما هو مبين في الجدول رقم (1).
جدول
رقم (1): أنواع المخلفات والمتوسط السنوي لأحجامها في (42) مدينة عربية [2].
|
أنواع
المخلفات |
الكمية
السنوية (طن) |
النسبة
المئوية (%) |
|
1.
مخلفات البناء والهدم 2.
النفايات المنزلية ونفايات الطرق
والأسواق 3.
مخلفات الأجهزة المنزلية والسيارات 4.
نفايات مخلفات الورش والمصانع 5.
نفايات الأشجار والمزارع 6.
نفايات المسالخ 7.
نفايات المستشفيات 8.
نفايات مخلفات الحيوانات |
7422746 2497389 287890 210959 106080 87336 64411 42920 |
69.4 23.1 2.7 2.1 1.1 0.6 0.6 0.4 |
|
المجموع |
10719731 |
100% |
* المصدر: المعهد العربي لإنماء المدن، 1986م.
ووجدت
نفس الدراسة أن (11) مدينة سعودية يتولد عنها وحدها 92.6% من إجمالي مخلفات البناء
وباقي المدن العربية التي شملتها الدراسة وعددها (31) مدينة يتخلف عنها فقط 7.4%
من إجمالي كمية مخلفات البناء، حيث يصل متوسط ما يتولد من مخلفات البناء والتعمير
في المدينة السعودية الواحدة (645606 طن) سنوياً وينخفض هذا المتوسط إلى (2833 طن)
في المدن العربية الأخرى، وقد أوضحت الدراسة أن هذا التفاوت الكبير في حجم مخلفات
البناء بين المدن السعودية والمدن العربية الأخرى ناجم عن النهضة العمرانية
الهائلة التي مرت بها مدن المملكة في ذلك الوقت، وحسب نفس الدراسة فقد بلغت نسبة
مخلفات البناء في مدن المملكة العربية السعودية في نفس العام (78%) من المجموع
الكلي لجميع المخلفات بما فيها النفايات المنزلية ومخلفات الأجهزة المنزلية
والسيارات ونفايات الورش والمصانع والمزارع والمسالخ والمستشفيات ومخلفات
الحيوانات.
وفي
إحصائية أعدتها أمانة محافظة جدة في العام 1998م [7] بلغ حجم مخلفات البناء السنوي
(718708 طن)، وفي عام 1999م تم تقدير مخلفات البناء التي تنتج يومياً ويتم التخلص
منها بشكل نظامي في المرادم العمومية في مدينة الرياض بكمية تصل إلى 2000 طن و1900
طن يتم التخلص منها يومياً في مرادم محافظة جدة وهما من كبريات المدن السعودية
[8]، مع الإشارة إلى أن هناك كميات أخرى من هذه مخلفات البناء يتم التخلص منها في
المدن الكبرى في المملكة بطرق غير نظامية عن طريق إلقائها على جنبات الطرق وفي
الأراضي الفضاء ولا توجد إحصائيات دقيقة لكمياتها، وفي إحصائية أخرى [3] حديثة إلى
حد ما أجرتها وزارة الشئون البلدية والقروية في المملكة العربية السعودية في العام
1994م تم تقدير حجم مخلفات البناء بنسبة 45% من حجم جميع المخلفات الصلبة الناتجة
في المملكة بمختلف أنواعها، أما فيما يتعلق بكميات هذه المخلفات في مواقع المشاريع
الإنشائية فلا تتوفر معلومات دقيقة عنها إلا أنها على أقل تقدير أقرب لأن تكون
مشابهة للوضع القائم في المواقع الإنشائية في البرازيل التي يصل حجم الفاقد من
المواد فيها إلى 30% من مجموع المواد التي يتم شرائها وإحضارها لموقع المشروع.
وبالنظر
إلى معدل مخلفات البناء في المدن السعودية من مجموع المخلفات بشتى أنواعها والبالغ
(78%) في العام 1986م و(45%) في العام 1994م ومقارنتها بالمعدلات التي أوردناها
لمخلفات البناء في بعض الدول المتقدمة والتي تتراوح من 10 -30% من المجموع الكلي
للمخلفات نجد أن حجم مخلفات البناء في مدننا لا يزال أعلى بكثير من المعدلات
العالمية، ومع ذلك فإن البلديات وإدارات المدن وصناعات البناء والهيئات البيئية في
الدول المتقدمة تبذل جهوداً كبيرة على جميع المستويات للتغلب على هذه المشكلة
وتقليص آثارها البيئية والاقتصادية من خلال خفض كمياتها وإعادة إستخدامها وتدويرها
بعكس البلديات وصناعات البناء وهيئات البيئة في المدن العربية التي تعاني من هذه المشكلة
بشكل أكبر ولا تبذل الجهود المطلوبة لمعالجتها والتحكم بها وإدارتها بشكل فعال.
2-4.
التأثيرات البيئية للمخلفات الإنشائية:
كثير
من مخلفات البناء التي كانت تصنف على أنها مجرد مواد خامدة (Inert
Materials) أصبحت الآن تصنف على أنها مواد سمية يمكن
أن تسبب مخاطر جسيمة على صحة الإنسان والبيئة، فقد أوضحت إحدى الدراسات المبكرة في
المملكة المتحدة [13] بأن المخلفات الصلبة الناتجة عن أنشطة
البناء يجب اعتبارها ملوثات رئيسية، وبينت دراسة أخرى [3]
أن عمليات البناء عادة ما تكون مصحوبة بتنوع كبير من البقايا والمخلفات الخطرة
والسامة والتي تهدد البيئة وحياة الإنسان، ومن الأمثلة على المواد الموجودة في
نطاق مخلفات البناء والتي تصنف على أنها مواد سمية: الخشب المعالج (المضغوط)
والأصباغ والدهانات والمذيبات والأسبستوس وبعض مواد العزل والزيوت والشحوم وغيرها،
وقد قام معهد المهندسين المدنيين في المملكة المتحدة بمسح ميداني في العام 1995م
تعرف من خلاله على قائمة من المخلفات الخاصة التي تتواجد في الغالب في مواقع تنفيذ
المشاريع الإنشائية، وتضم القائمة مواد عديدة منها: الدهانات والمزيلات وواقيات
الأخشاب والمذيبات والأحماض وإضافات الخرسانة ومواد البترول والزيوت والقار
والأصماغ والفينول (حامض الكربوليك) والأسبستوس والمعادن الثقيلة وغيرها [5]،
وقد أوصى المعهد بضرورة التخلص من هذه المواد في مرادم خاصة (معالجة) نتيجة
لمخاطرها على صحة الإنسان والبيئة، وهذه المخلفات التي تصنف على أنها مواد ضارة ليست
قليلة فقد بينت إحدى الدراسات [9] أن مخلفات البناء تحتوي على معدلات عالية
من المخلفات الكيميائية الضارة بالصحة والبيئة وأضافت بأن هناك صعوبات كبيرة في
تدوير هذه المخلفات بسب ما تحويه من معدلات عالية من الملوثات، وقد نبهت نفس
الدراسة إلى خطورة تلوث التربة والمياه الجوفية نتيجة التخلص من مخلفات البناء
الملوثة في المرادم العمومية غير المعالجة. وحيث أن مخلفات البناء تنطوي على مواد
بهذه الدرجة من الخطورة فإن التخلص منها أصبح من القضايا البيئية الهامة في الدول
المتقدمة، فقد أوضحت إحدى الدراســات [14]
بأن إحدى أهم المشاكل البيئية التي تواجه صناعة البناء والتشييد في هذا الوقت هي
التخلص من المخلفات التي تنشـأ عن هذه الصناعة، وأشـار أحد التقارير في بريطانيا
إلى خطورة المشاكل البيئية المصاحبة للتخلص من مخلفات البناء بالطرق غير النظامية
(Illegal
Disposal) [15]
وهي الطريقة الشائعة للتخلص من مخلفات البناء في المدن الكبرى في المملكة العربية
السعودية [9]، وفي ذات السياق أوصى تقرير آخر صدر في الولايات المتحدة الأمريكية
بضرورة التخلص من مخلفات البناء في المرادم الصحية المعالجة (Sanitary
Landfills) وليس في المرادم العمومية، وقد شرعت منذ
سنوات دول كثيرة مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا بتطبيق نظام يمنع
دخول بعض الأصناف من مخلفات البناء إلى مرادم التخلص من المخلفات، ومن تلك المواد
المحظورة والممنوعة من دخول المرادم نتيجة لخطورتها على البيئة الأخشاب المعالجة
والخرسانة والطابوق والورق المقوى وغيرها من المواد [16]،
وكانت هناك نتائج إيجابية لهذا النظام فقد أصبحت الشركات المنفذة لمشاريع البناء
مرغمة على إعادة إستخدام هذه الأنواع من المخلفات في موقع المشروع أو إرسالها إلى
مصانع تدوير المخلفات.
من جانب آخر فإن لتلك الكميات الكبيرة من مخلفات البناء تأثير خطير على قاعدة الموارد الطبيعية فقد أوضحت إحدى الدراسات التي قام بها معهد المهندسين المدنيين في المملكة المتحدة [5] بأن صناعة البناء مستهلك أسـاسي للموارد الأسـاسية في معظم دول العالم، وحذرت نفس الدراسـة من صعوبة توفير الطلبات المتزايدة على مـواد البناء من المـواقع البيئية الملائمة بسبب اسـتنزافها وتبديدها، وهذا ما أشارت إليه دراسة أخرى [17] عندما أوضحت بأن قطاع البناء يبدد كميات ضخمة من المواد الحجرية التي تستخدم في أنشطة البناء مثل الرمل والحصى، ونتيجة لذلك فإن اسـتمرار التمويل بمواد البنـاء أصبح موضع تسـاؤل من قبـل المختصين والخبراء البيئيين في بعض الـدول المتقدمة ومنها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فقد أشـارت إحدى الدراسات [9] إلى أن هناك خطورة بسبب تضاؤل بعض الموارد التي تستخدم في البناء مثل الأخشاب والرمل والحصى والطمي، وشددت دراسة أخرى [10] على أن المعدلات العالية لمخلفات البناء أصبحت تهدد الفرص المستقبلية للحصول على المواد والطاقة.
2-5.
التأثيرات الاقتصادية للمخلفات الإنشائية:
أوضح
كثير من المتخصصين والبـاحثين بأن نشـوء مخلفات البناء بمعدلات عالية والتخلص منها
يمثل خسـارة كبيرة لموارد ثمينة، فقد أوضحت بعض الدراسات [19]
[18] بأن المخلفات هي الجانب الأكثر تكلفة في
موقع أي مشـروع إنشائي، وأضافت دراسة أخرى [10]
بأن فقدان الموارد في مواقع مشاريع البناء يقلص الأرباح ويزيد من التكاليف على
المالك والمجتمع، وأضافت نفس الدراسة بأنه وعلى الرغم من الأموال الطائلة التي
تنفق لشراء مواد البناء ذات التكاليف الباهضة فإن الواقع يشير إلى أن هذه الأموال
تلقى وتبدد بسهولة في مواقع مشاريع البناء نتيجة للتحطم والكسر والهدر في مواد
البناء، وإذا كانت مواد البناء وفقاً لبعض التقديرات المتخصصة تمثل نسبة تتجاوز
50% من إجمالي تكلفة المشروع [20] فإن فقدان 20% من هذه المواد كمخلفات يتسبب
في خسارة تقدر بـ 10% من التكلفة الإجمالية للمشروع، وتصبح هذه الحسبة النظرية
البسيطة في منتهى الخطورة عند الحديث عن مشاريع ضخمة تتكلف مئات الملايين من
الريالات أو عند الحديث عن أعداد كبيرة من المباني مثل المباني السكنية الخاصة على
سبيل المثال، وقد قادت هذه الحقيقة أحد المتخصصين [10]
للنظر إلى نشوء مخلفات البناء بمعدلات عالية على أنه خسارة لمساكن إضافية كان يجب
أن تذهب لأفراد المجتمع.
إن تكاليف مواد البناء المفقودة نتيجة لنشوء المخلفات في مواقع المشاريع الإنشائية ليست المشكلة الاقتصادية الوحيدة إذ أن التخلص من مخلفات البناء كما أشار بعض الباحثين [8] لم يعد فقط قضية بيئية بل أصبح أيضاً قضية اقتصادية هامة، وأوضحت دراسات أخرى [10] [16] بأن أعمال تنظيف مواقع المشاريع الإنشائية وتحريك ونقل مخلفات البناء والتخلص منها ذات تكاليف عالية، وأضافت بأن عمليات النظافة للمناطق التي يتم إلقاء مخلفات البناء بها بطرق غير نظامية مكلفة جداً، وهذا أيضاً ما نوهت إليه الدراسة الاستطلاعية التي قام بها المعهد العربي لإنماء المدن في العام 1986م [2] عندما أوضحت بأن تلك الكميات العالية من مخلفات البناء تشكل العبء الأكبر على عمليات النظافة في المدن العربية، وأضافت إحدى الدراسات المتخصصة في البرازيل [19] بأن عمليات نقل تلك المعدلات العالية من مخلفات البناء تتسبب في إحداث ضغط كبير على شبكات الطرق في المدن الكبرى
3. أساليب إدارة المخلفات الإنشائية:
3-1.
خيارات إدارة المخلفات الصلبة:
بشكل
عام يتكون التسلسل الهرمي لإدارة المخلفات الصلبة من الأساليب التالية المرتبة حسب
أفضليتها: (1) خفض المخلفات من المصدر (Source
Reduction)، (2) إعادة الاســـتخدام (Reuse)،
(3) التدوير (Recycling)، (4) الحرق (Incineration)،
(5) الدفان (Landfilling) [21]،
وباستثناء أساليب خفض المخلفات في المصدر وإعادة إستخدامها وتدويرها فإن الأساليب
التقليدية الأخرى كالحرق والدفن والطمر في البحار لها تكاليف بيئية واقتصادية
عالية، وهذه الأساليب لا تخاطب جوهر وجذور ومسببات نشوء المخلفات ولكنها فقط تنقل
التلوث من محيط لآخر، وإذا كانت الطرق الخمس المشار إليها سابقاً هي الوسائل
المتاحة للتعامل مع المخلفات الصلبة بما فيها مخلفات البناء فإن الدول المتقدمة
تركز وبشكل أساسي على طريقة خفض المخلفات من المصدر ثم إعادة استخدامها ثم
تدويرها، أما أساليب التخلص منها عن طريق الحرق والدفن فقد تم تضييق الخناق عليها
والحد منها في السنوات الأخيرة في تلك الدول بسبب آثارها البيئية والاقتصادية
المتفاقمة، فسياسة الاتحاد الأوروبي (European
Union) لإدارة المخلفات الصلبة على سبيل المثال تعطي الأفضلية القصوى
لطريقة خفض المخلفات من المصدر ثم تدويرها، وفي الولايات المتحدة تضمنت مواصفات
عقود الإنشاءات المعدة من قبل وكالة حماية البيئة (EPA)
جزءاً رئيسياً عن خفض المخلفات الإنشاية من المصدر وإعادة إستخدامها وتدويرها،
ويشدد النظام النمساوي على أهمية خفض المخلفات الإنشائية وتجنب حدوثها، وفي فرنسا
تعطى الأولوية لطريقة خفض المخلفات الإنشائية كما هو الحال في السياسة الهولندية
التي تعتبر أن هذه الطريقة هي العنصر الأساسي لإدارة المخلفات الإنشائية والتعامل
معها، كما يشدد النظام الألماني لتجنب المخلفات وإدارتها على أن معالجة مشكلة
مخلفات البناء يمكن أن تتم عن طريق بعض الوسائل الملائمة أثناء عمليات البناء
نفسها بالإضافة إلى تطوير مواد وأنظمة بناء جديدة تحقق الرغبة في تجنب حدوث
المخلفات وتسمح بإعادة إستخدامها وتدويرها [6]،
أما في مجتمعاتنا العربية فإن هذا الهرم المتسلسل لإدارة المخلفات الصلبة يبدو
مقلوباً إذ أن السواد الأعظم من مخلفاتنا بمختلف أنواعها يتم التخلص منها بطرق
نظامية وغير نظامية، حيث لا توجد سياسات عليا وبرامج وطنية في الدول العربية
تستهدف خفض نشوء المخلفات من المصدر وإعادة إستخدامها، ولا تحظى هذه الطريقة
الفعالة والإقتصادية بأي اهتمام في أوساطنا العربية خاصة وأن نجاح هذه الأساليب
مرتبط بشكل أساسي بتغيير بعض السلوكيات والممارسات الخاطئة، أما تدوير المخلفات (Recycling)
فإن هناك تجارب محدودة في بعض الدول العربية لإعادة تدوير أصناف محددة من المخلفات
كالمخلفات المنزلية والمخلفات الصناعية والمخلفات الطبية، وهذه الطريقة لا تزال
بحاجة للدعم المالي والفني
والتطوير والتعميم على جميع أنواع المخلفات.
3-2.
أساليب التعامل مع المخلفات الإنشائية:
3-2-1.
الأساليب المتبعة للتعامل مع المخلفات الإنشائية في المدن العربية:
لا
تتوفر معلومات دقيقة عن الأساليب المتبعة لإدارة مخلفات البناء والهدم في المدن
العربية إلا أن الدراسة الإستطلاعية المبكرة التي أشرنا لها سابقاً وقام بها
المعهد العربي لإنماء المدن في العام (1986م) [2] أشارت إلى أن الجزء الأكبر من
مخلفات البناء في مدن المملكة العربية السعودية ويبلغ (76%) يستخدم في دفان
المواقع المنخفضة وإنشاءات الطرق أما الجزء المتبقي والبالغ (24%) فيتم التخلص منه
في المرادم العمومية، مع العلم بأن إستخدام مخلفات البناء والهدم في دفان المواقع
المنخفضة والبحار لتحقيق متطلبات التوسع العمراني ونمو المدن لا يخضع لضوابط فنية
وفرز ومراقبة حيث أن مخلفات البناء والهدم عادة ما تكون مخلوطة بمواد عضوية أو
مواد خطرة على البيئة مما يتسبب في ظهور مشاكل مستقبلية في تلك المواقع، فقد ظهرت
بعض التشققات الإنشائية في بعض الفلل السكنية في أحياء مدينة الظهران الواقعة في
المنطقة الشرقية من المملكة، وبعد الدراسة والفحص تبين بأن الأرض المقامة عليها
تلك الفلل أرض مدفونة بمخلفات بناء تحتوي على نسب عالية من المواد العضوية التي
تحللت سريعاً وأنضغطت تحتل ثقل المباني وتسببت في وجود فجوات وإنهيارات سفلية في
طبقات التربة، وقد وجدت إحدى
الدراسات في المملكة العربية السعودية [12]
بأن الجزء الأكبر من مخلفات البناء والهدم الناتجة من مواقع المشاريع الإنشائية
يتم التخلص منه وأن كمية المواد الفائضة التي يتم إعادة بيعها أو إستخدامها في
مشاريع أخرى محدودة للغاية، من جهة ثانية فلا تتوفر معلومات عن وجود سياسات وطنية
أو برامج حكومية مدعومة لإعادة إستخدام مخلفات البناء والهدم في المدن العربية،
فضلاً عن غياب الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تشجع وتدعم جهود إعادة إستخدام
مخلفات البناء والهدم أو تدويرها بإستثناء بعض الأنظمة التي تهدف لضمان التخلص من
هذه المخلفات في المرادم العمومية التي تستقبل جميع محتويات مخلفات البناء والهدم
بما فيها المواد الكيميائية والسمية بغض النظر عن درجة خطورتها، ففي المدن الكبرى
في المملكة العربية السعودية فإن الأمانات والبلديات تلزم مالك البناء قبل منحه
خطاب السماح بإطلاق التيار الكهربائي لمبناه الجديد بتقديم ورقة تثبت بأنه قام
بالتخلص من مخلفات مشروعه الإنشائي في المرادم العمومية دون الإشارة إلى كميات تلك
المخلفات أو محتوياتها أو درجة خطورتها على البيئة، وقد أشارت دراسات وتقارير
متعددة [4] [5] [10] إلى شيوع ظاهرة التخلص من مخلفات البناء والهدم على جنبات
الطرق وفي الساحات والأراضي الفضاء وخارج النطاق العمراني في المدن السعودية، وعلى
الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الأمانات والبلديات وتطبيقها للغرامات
والجزاءات الصادرة بحق من يتخلص من مخلفات البناء بطرق غير نظامية فإن هذه الظاهرة
تتصاعد نتيجة لنمو أنشطة البناء والهدم وقصور أعمال الرقابة الميدانية الناجمة عن
عدم توفر الإمكانات البشرية والفنية الكافية لدى أجهزة البلديات.
3-2-2.
الأساليب المتبعة للتعامل مع المخلفات الإنشائية في الدول الصناعية المتقدمة:
هناك
ثلاثة أساليب شائعة في الدول الصناعية المتقدمة للتعامل مع المخلفات الإنشائية
وإدارتها وهي مرتبة حسب أهميتها وأفضليتها، حيث تبدأ بتقليل وتجنب حدوث هذه
المخلفات من المصدر من خلال مخاطبة أسبابها ومعالجتها، وحيث أنه ليس بالإمكان
دائماً تجنب نشوء المخلفات الإنشائية قبل أن تحدث فإن الخيار الثاني هو إيجاد
الطرق والوسائل لإعادة إستخدام هذه المخلفات، وعندما لا يكون بالإمكان تجنب حدوث
المخلفات أو إعادة إستخدامها فإن الخيار الثالث هو تدويرها لتصبح منتجات قابلة
للإستخدام، وفيما يلي عرض موجز للأساليب الثلاثة المتبعة للتعامل مع المخلفات
الإنشائية في الدول الصناعية المتقدمة وهي مرتبة حسب أهميتها وأفضليتها.
3-2-2-1.
خفض المخلفات الإنشائية من المصدر (Source Reduction):
تحتل
طريقة خفض المخلفات في المصدر أعلى درجة في هرم أساليب إدارة المخلفات الصلبة،
وتتضمن هذه الطريقة [6] أي أسلوب أو طريقة أو نشاط يقود لتجنب نشوء
مخلفات البناء والهدم أو منع حدوثها أو تقليل كمياتها في المصدر قبل أن تصبح
موجودة في حيز الوجود، وتعتبر هذه الطريقة هي الطريقة الأكثر فاعلية من منظور بيئي
واقتصادي في ذات الوقت [22]، إن المحور الأساسي في طريقة خفض مخلفات
البناء في المصدر يتمثل في إيجاد الوسائل والسبل والأدوات والطرق التي من شأنها
تقليل نشوء هذه المخلفات أو تجنبها أوحبسها ومنع حدوثها قدر المستطاع، وهذه
الوسائل الطرق يمكن استنباطها من خلال مخاطبة مصادر ومسببات حدوث تلك المخلفات
وبالتالي معالجتها والتحكم بها، ولذلك فإن التعرف على مصادر ومسببات نشوء المخلفات
في مواقع المشاريع العمرانية يعتبر مطلب أساسي وهام في سبيل خفض وتقليص كميات تلك
المخلفات، وقد أوضحت دراسات عديدة بأن الأفضلية القصوى هي لخفض نشوء المخلفات قبل
حدوثها على نهج المثل العربي القائل (الوقاية خير من العلاج) بدلاً من بذل الجهود
وإنفاق الأموال لإدارة هذه المخلفات والتخلص منها بعد أن تصبح في حيز الوجود [10]،
وهنا نشير إلى أن هناك عدداً لا نهائياً من الوسائل والأفكار البسيطة وغير المكلفة
التي تقود لخفض نشوء مخلفات البناء من المصدر، ونذكر من تلك الأساليب كفاءة
ومثالية التصميم المعماري المتوافق مع الأبعاد القياسية للمواد وإتباع الموديول
المعماري أثناء التصميم وتقليل استخدام المواد التي تنتج مخلفات عالية ودقة إعداد
وثائق المشروع كالمخططات التنفيذية والمواصفات وجداول الكميات، بالإضافة إلى حسن
الإدارة والتنظيم والتخطيط المسبق لجميع الأنشطة في موقع المشروع والتقدير الدقيق
للإحتياج من المواد ونقلها ومناولتها وتخزينها واستخدامها بأساليب ملائمة تقلل من
فقدان المواد وهدرها.
3-2-2-2.
إعادة استخدام المخلفات الإنشائية (Reuse):
الطريقة
الثانية للتعامل مع مخلفات البناء هي إعادة استخدام تلك المخلفات في موقع المشروع
(Reuse)،
وإعادة الإستخدام تعني [6] إستعمال مادة أو عنصر من مواد البناء أو
الهدم مرة ثانية سواءً في وظيفتها الأصلية أو في وظيفة أخرى دون أن تمر هذه المادة
بمراحل إعادة التصنيع التي يمكن أن تغير من خواصها الفيزيائية، وقد يكون هذا
الاستخدام في وظائفها الأساسية أو في وظائف أخرى ثانوية، وهذه الطريقة أيضاً
اقتصادية ويعتبرها البعض جزء من الطريقة السابقة، ويمكن تطبيقها من خلال إعادة
استخدام ما يمكن من المخلفات الناتجة عن عمليات البناء في موقع المشروع، وهنا يمكن
أن يلعب المعماري دوراً هاماً في تفعيل هذا الجانب بحيث يضع بعض الأهداف
والاستراتيجيات والبنود التي تحث على إعادة استخدام مخلفات البناء بدلاً من التخلص
منها ويضمنها في مواصفات ووثائق المشروع وعقد التنفيذ، ويبقى الدور الأهم على عاتق
مقاول البناء الذي يستطيع بخبرته وحسن تدبيره العمل على إعادة استخدام أكبر قدر
ممكن من مخلفات البناء في وظائف أساسية وثانوية في المشروع. وقد أشارت إحدى
الدراسات [22] إلى أن أسلوب إعادة استخدام مخلفات البناء
والهدم يعتبر خياراً جذاباً نظراً لكونه يقلص من حجم مخلفات البناء والهدم ويساعد
في المحافظة على المواد الأولية والموارد الطبيعية، كما أنه (بعكس أسلوب التدوير)
يحتاج إلى كمية ضئيلة جداً من الطاقة والجهد المبذول، وأضافت نفس الدراسة بأن معظم
المدن الكبرى في الولايات المتحدة يوجد بها أسواق ناشطة لتبادل مخلفات البناء
وتداولها بين شركات تنفيذ المباني، وهذه التجارة الرائجة تحقق أرباحاً لتلك
الشركات من خلال بيع هذه المخلفات وتوفير ضريبة التخلص منها في المرادم، وأضافت
الدراسة بأن هناك عدداً كبيراً من السماسرة والهيئات والمؤسسات التجارية التي تعمل
في هذا المجال ولديها معلومات وافية عن منتجي مخلفات البناء والجهات المستهلكة
لهذه المخلفات، كما بينت نفس الدراسة بأن هناك مراكز لإعادة بيع مخلفات البناء
وهذه المراكز تستقبل كثير من مخلفات البناء التي يمكن إعادة إستخدامها بالمجان
وتقوم بتصنيفها وتجديدها وإعادة بيعها وأحياناً تبيعها بنفس حالتها السابقة، وفي
إمريكا الشمالية [23] توجد المئات من مخازن مواد البناء
المستعملة وتقوم هذه المخازن ببيع مواد البناء المستعملة لكي يتم إستخدامها في
مشاريع جديدة أو في مشاريع الترميم والإصلاح، وتحتوي هذه المخازن على مواد بناء
كثيرة مستعملة مثل الأخشاب والطابوق والأبواب والنوافذ وغيرها من المواد. ويوضح
الجدول رقم (3) حجم مخلفات البناء في بعض الدول الأوروبية وحجم المواد المعاد
إستخدامها.
جدول
(3): يوضح حجم مخلفات البناء في بعض الدول الأوروبية وحجم المواد المعاد إستخدامها
[6].
|
الدولة |
مخلفات
البناء المنتجة (طن) |
مخلفات
مواد البناء المعاد إستخدامها (%) |
|
الدنمارك |
4
ملايين |
34% |
|
هولندا |
7
ملايين |
43% |
|
ألمانيا |
43
مليون |
35% |
|
المملكة المتحدة |
24
مليون |
46% |
* المصدر: جمعية أبحاث ومعلومات صناعة التشييد في بريطانيا (CIRIA)
3-2-2-3.
تدوير المخلفات الإنشائية (Recycling):
الطريقة
الثالثة للتعامل مع مخلفات البناء هي طريقة التدوير (Recycling)،
وعملية التدوير تعني [6] جمع وفرز المواد من مخلفات البناء والهدم
ثم معالجتها وتدويرها في الموقع أو في مصانع مخصصة لإنتاج مواد تسويقية جديدة، وقد
شاع في كثير من الدول المتقدمة في أمريكا وأوروبا تدوير كثير من مخلفات مواد
البناء مثل الحديد والألمنيوم والزجاج والخرسانة والأخشاب والعوزال وبعض المواد
الأخرى، وفي الآونة الأخيرة انتشرت في تلك الدول الشركات والمؤسسات المتخصصة
والمصانع والمعامل التي تعمل في مجال تدوير مخلفات البناء، وتقوم بعض تلك الجهات بأعمال
متعددة تبدأ بتجميع المواد وفرزها وتصنيفها تمهيداً لتدويرها وتنتهي بإنتاج مواد
جاهزة للاستخدام، ومن أسهل تلك الأعمال تدوير مادة الخرسانة وهي المادة واسعة
الإنتشار في صناعة البناء على مستوى دول العالم حيث يتم تكسيرها إلى قطع صغيرة
تستخدم كحصوة لإعداد خرسانة جديدة وتستخدم أيضاً كمادة أساس حجري في إنشاءات
الطرق.
وقد
أوضحت إحدى الدراسات الإمريكية المتخصصة [22]
بأن هناك فرصاً كثيرة متاحة لتدوير مخلفات البناء، وأضافت الدراسة بأن سياسات
تدوير مخلفات البناء وإعادة استخدامها ناجحة ومثمرة في الولايات المتحدة، وشددت
نفس الدراسة على أهمية بذل الجهود لتطوير وتعزيز الأسواق المحلية والوطنية التي
تتداول المنتجات التي يتم تدويرها من مخلفات البناء مؤكدة بأن شركات مقاولات
المباني لن تستطيع فعل شيء إذا لم تكن هناك أسواق قوية تدعم إعادة إستخدام مخلفات
البناء وتدويرها، ولضمان نجاح جهود إعادة تدوير مخلفات البناء والهدم يجب أن تكون
هناك أسواق تستقطب المواد المعاد تدويرها، إلا أن وجود هذه الأسواق مرتبط بشكل أو
بآخر بوجود عوامل جذب تعزز الإقبال على هذه المنتجات وأهم هذه العوامل الجانب
الإقتصادي، فمتى ما كانت هناك أسعار تنافسية مشجعة لمواد البناء المعاد تدويرها
فسوف يتم بيعها وبالتالي تتقدم صناعة التدوير خطوات إلى الأمام، كما أن هناك
عاملاً آخر قد لا يقل أهمية عن العامل الإقتصادي وهو مستوى جودة المواد المعاد
تدويرها، فقد نوهت بعض التقارير [6] إلى أن بعض المواد المعاد تدويرها تكون أقل
جودة من المواد الجديدة. وأشارت دراسة أخرى [24]
إلى أن غالبية مخلفات البناء تعتبر مواد قابلة للتدوير مثل الأخشاب والخرسانة
والعوزال والحوائط المتحركة والورق المقوى والمعادن والبلاستيك وغيرها، وشددت
الدراسة على أن فرص إسترجاع مخلفات البناء وتدويرها لا يمكن أن تتطور ويكتب لها
النجاح بجهود مقاولي البناء بمفردهم وإنما يجب أن تتعاون معهم جهات أخرى مثل شركات
نقل ومعالجة المخلفات ومصنعي مواد البناء والهيئات الحكومية المعنية بالمخلفات. من
جهة أخرى فقد أشارت دراسات وتقارير متعددة بإن تدوير مخلفات البناء في موقع المشروع
أفضل وأكثر جدوى من نقلها إلى أحد معامل التدوير خارج الموقع، وأشار أحد التقارير
المعدة من قبل معهد المهندسين المدنيين في بريطانيا [5]
إلى وجود معامل متنقلة لتدوير مخلفات البناء يمكن أخذها إلى موقع المشروع. وقد أعد
مركز أبحاث ومعلومات صناعة البناء والتشييد في بريطانيا [6]
قائمة بأبرز مواد مخلفات البناء والهـدم مع إيضاح إمكانية خفضها من المصدر وإعادة
إستخدامها وتدويرها كما هو مبين في الجدول رقم (2).
جدول
(2): أبرز مخلفات البناء والهدم وإمكانية خفضها وإعادة إستخدامها مباشرة وتدويرها
[6].
|
أنواع
مخلفات البناء |
إمكانية
خفضها من المصدر |
إمكانية
إعادة إستخدامها |
إمكانية
تدويرها |
|
المواد الأولية
كالرمل والحصى والصخور |
2 |
3 |
غير
متاح |
|
الخرسانة |
2 |
3 |
3 |
|
الحوائط الحجرية (Masonry) |
2 |
3 |
3 |
|
الطابوق |
3 |
3 |
3 |
|
البلاط |
3 |
3 |
1 |
|
الخشب |
2 |
3 |
3 |
|
الزجاج |
2 |
1 |
3 |
|
الورق المقوى |
2 |
0 |
3 |
|
المعادن |
3 |
1 |
3 |
|
البلاستيك |
3 |
1 |
3 |
|
الكيماويات
(الدهانات والمذيبات) |
3 |
0 |
2 |
|
اللياسة والمنتجات
الجبسية |
3 |
0 |
1 |
(0): غير ممكن (1): إمكانية منخفضة (2): إمكانية متوسطة (3): إمكانية عالية
أما
وكالة حماية البيئة الإمريكية (EPA) فقد أوصت ببعض الإستراتيجيات لتحقيق أهداف
خفض مخلفات البناء والهدم، ومن تلك
الإستراتيجيات تضمين خطط وأهداف ومتطلبات إسترجاع مخلفات البناء والهدم في أنشطة
تصميم المشروع، وتضمينها أيضاً في مواصفات التصميم وعقد التنفيذ، وقد تم تزويد
المطورين في واشنطن بنموذج لصيغة تعاقدية في عقد الهدم والبناء تنص على التالي:
"جميع مخلفات الهدم في موقع المشروع يتم فرزها وأخذها إلى مركز
التدوير"، كما أن عقد تنفيذ مشروع البناء يمكن أن يتضمن آلية تشجيعية لضمان
قيام المقاول بتحقيق متطلبات الخفض وإعادة الاستخدام والتدوير، كما أوصت الوكالة
بتعليم المقاولين والعمالة وتعريفهم بأساليب إعادة إسترجاع مخلفات البناء والهدم
من خلال إعادة استخدامها وتدويرها، وتقديم حوافز تشجيعية لإسترجاع تلك المخلفات،
ومتابعة المقاولين والعمالة أثناء تنفيذ المشروع [16].
وأوضح أحد التقارير المعدة من قبل معهد المهندسين المدنيين في بريطانيا [5]
بأن مسئولية تأسيس أسواق لمخلفات البناء تقع على عاتق الزبائن الذين يمكن أن
يتقبلوا مثل هذه المنتجات، بالإضافة إلى المصنعين القادرين على إقناع مصممي
المباني بجدوى منتجات مواد البناء المعاد تدويرها ليتم تضمينها في تصاميم ومواصفات
المباني الجديدة، وشدد أحد التقارير الصادرة عن جمعية أبحاث ومعلومات صناعة
التشييد في بريطانيا (CIRIA) [6]
على أهمية تعزيز جهود إعادة إستخدام مخلفات البناء وتدويرها من خلال تشجيعها
وتضمينها في المواصفات الفنية والعقود الخاصة بالمباني، واضاف التقرير بأن نقص
الدعم المالي والعلاقات المتداخلة بين المقاولين الرئيسيين والمقاولين من الباطن
يمكن أن تقلل من فاعلية هذه الجهود، وعن تكاليف إسترجاع مخلفات البناء في مواقع
المشاريع الإنشائية أشار التقرير بأن هناك متطلبات ضرورية يلزم توفيرها في موقع
المشروع لإنجاح جهود التدوير ومن ضمنها توفير المعامل والأجهزة والمعدات والعمالة،
ولذلك فإن نجاح جهود تدوير المخلفات وإعادة إستخدامها في مواقع المشاريع الإنشائية
مرهون بوجود الدعم المالي والحوافز التشجيعية لأن غالبية شركات مقاولات البناء
ولأسباب ربحية قد تقبل بإنتاج نسبة من مخلفات البناء بدلاً من تحمل بعض الأعباء
المالية لإسترجاعها وتدويرها في موقع المشروع. وأضاف أحد التقارير [6]
بأن هناك أهدافاً وإجراءات تشجيعية لخفض مخلفات البناء وإعادة استخدامها وتدويرها
في بعض دول الإتحاد الأوروبي، موضحاً بأن دولاً مثل بلجيكا والدنمارك وهولندا
وألمانيا يتم فيها إعادة استخدام وتدوير كميات كبيرة من مخلفات الخرسانة والحوائط
الحجرية منذ سنوات، وقد أورد التقرير بعض الأمثلة الحية لمشاريع أوروبية كبرى تم
فيها تدوير كميات كبيرة من المخلفات الإنشائية مثل الخرسانة والحوائط الحجرية وتم
إعادة استخدامها في تلك المشاريع ومنها مشروع مطار كوبنهاجن وأحد المجمعات السكنية
المكون من خمسة طوابق وجميعها في الدنمارك، بالإضافة إلى مشاريع أخرى كثيرة مثل
مضمار سباق السيارات في النسما.
إن
الإنجازات التي تحققت في مجال إدارة المخلفات الإنشائية في الدول المتقدمة لم تولد
من فراغ وإنما كانت ثمرة لكثير من الخطط والبرامج، فكثير من تلك الدول لديها أهداف
إستراتيجية وخطط وبرامج وطنية تستهدف خفض مخلفات البناء والهدم التي يتم التخلص
منها في المرادم من خلال إعادة إستخدامها أو تدويرها، فقد بينت إحدى الدراسات [25]
أن هولندا كانت في العام 1986م تستهدف خفض 90% من مخلفات البناء والهدم التي تدخل
المرادم بحلول عام 2000م، بينما سعت الحكومة الفيدرالية في أستراليا في العام
1991م إلى خفض 50% من مخلفات البناء والهدم التي تدخل المرادم بحلول عام 2000م،
كما تم البدء منذ بداية التسعينات بتطوير البنى التحتية لتدوير مخلفات البناء في
الولايات المتحدة وألمانيا، وتوجد في ألمانيا ثلاثة تشريعات فيدرالية لإدارة
مخلفات البناء والهدم وتتضمن هذه التشريعات أهداف رئيسية مثل تطوير مواد البناء
المعاد تدويرها، وتطوير أساليب البناء والإنشاء لكي تسمح في المستقبل بخفض
المخلفات وتدويرها، كما تهدف هذه التشريعات لخفض نشوء مخلفات البناء من المصدر
والحد من التخلص منها في المرادم ودعم الأنشطة الإقتصادية لخفض مخلفات البناء
وتدويرها [8]، كما توجد في الولايات المتحدة أنظمة
وقوانين محلية وفيدرالية متعلقة بفرز مخلفات البناء والهدم وإعادة إستخدامها
وتدويرها، كما أن هناك عدداً من الولايات قامت بتطوير أنظمة وقوانين خاصة بها
للتخلص من مخلفات البناء والهدم ومعالجتها، من جهة أخرى فإن القانون الإمريكي
للحفاظ على الموارد وإسترجاعها (RCRA) أنشأ بعض التشريعات الخاصة بالتعامل مع
مخلفات البناء والهدم [26]. كما أن بعض المقاييس البيئية العالمية مثل
(الآيزو 14001) تلزم شركات مقاولات البناء بالبحــث عن الوســائل الملائمة التي
تضمن إدارة مخلفاتها بكفاءة وفعالية للحد من تأثيراتها على البيئة [27].
وإذا
كانت الأبعاد البيئية هي الدافع والمحرك لدى مجموعات حماية البيئة عند مطالبتها
بإعادة إستخدام مخلفات البناء وتدويرها فإن الأسباب الإقتصادية هي التي تدفع
مقاولي البناء لتبني سياسات إعادة الإستخدام والتدوير، فقد نوهت إحدى الدراسات إلى
أن ضريبة المرادم (Landfill Tax)
والتي تم إستحداثها في العام 1996م في بريطانيا قد أثرت وبشكل مباشر على أساليب
وممارسات إدارة مخلفات البناء والهدم حيث عززت كثيراً من التوجهات لإعادة
الإستخدام والتدوير وبالتالي فقد تقلصت أنشطة التخلص من تلك المخلفات في المرادم [27].
وأضافت دراسة ثانية في ألمانيا [8] بأنه نتيجة لإرتفاع رسوم التخلص من مخلفات
البناء والهدم في ألمانيا فقد شاعت وأنتشرت أساليب فرز مخلفات البناء في مواقع
المشاريع الإنشائية تمهيداً لتدويرها، وأضافت الدراسة بأن المواصفات والكودات
الوطنية في ألمانيا تسمح بإستخدام مواد البناء المعاد تدويرها، من جهة أخرى فقد
شددت هذه الدراسة على أهمية إيجاد الحوافز الإقتصادية والإجراءات التشريعية لدعم
وتعزيز جهود تدوير مخلفات البناء والهدم. وأوضحت دراسة ثالثة أجريت في الولايات
المتحدة الإمريكية [30] أن الأنظمة والقوانين البيئية ساهمت في رفع
رسوم التخلص من المخلفات في المرادم (Tipping Fees)،
وأضافت نفس الدراسة أن إرتفاع تكاليف التخلص من مخلفات البناء والهدم ورسوم
المرادم المرتفعة جعلت مقاولي البناء أكثر وعياً تجاه مخلفاتهم الناتجة في موقع
المشروع وجعلتهم يبحثون عن خيارات أخرى للتخلص منها، من جهة أخرى فإن الوكالات
الحكومية والبلديات على المستوى المحلي والمستوى الفيدرالي في الولايات المتحدة
نشيطة وفعالة تجاه خفض مخلفات البناء والهدم وتشجيع تدويرها وإعادة إستخدامها، كما
أن قوانين وكالة حماية البيئة الإمريكية (EPA)
تدفع الوكالات الحكومية والبلديات في مختلف الولايات لتضييق الخناق على مقاولي
البناء وزيادة الضغوطات عليهم لكي يقوموا بالبحث عن خيارات وأساليب جديدة للتخلص
من مخلفات البناء بدلاً من إلقائها في المرادم. أما في بريطانيا فقد إستهدفت
إستراتيجية المخلفات لعام 2000م تعزيز كفاءة إستخدام الموارد إستناداً إلى
الأساسيات والمبادىء المتبعة في هرم إدارة المخلفات، وهذه المبادىء تدعم فكرة
الإستدامة وتطوير أسواق جديدة لمواد ذات إستخدامات ثانوية.
من
جهة أخرى فقد أوضحت إحدى الدراسات [26]
أن فعالية التكلفة (Cost-effectiveness)
لخفض مخلفات البناء والهدم وإعادة إستخدامها وتدويرها مرتبطة بعدة عوامل منها كمية
تلك المخلفات وتكاليف التخلص منها وتيسر فرص إعادة إستخدامها وتدويرها، بالإضافة
إلى سياسات وأنظمة المخلفات الصلبة المحلية والفيدرالية، وأضافت بأن هناك عدة جهات
يمكن أن تطور عدة خيارات للتخلص من مخلفات البناء والهدم مثل مقاولي البناء وشركات
نقل المخلفات ومصنعي مواد البناء والجهات الحكومية المسئولة عن المخلفات الصلبة.
كما شددت دراسة أخرى [23] على أن صناعة تدوير مخلفات البناء لن تكون
مكتملة وناجحة ما لم تتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة التي تضمن تجميع تلك
المخلفات وفرزها، وبعد ذلك تتم عملية التدوير لتصنيع منتجات جديدة وهذه المنتجات
المعاد تدويرها يتوجب أن تكون قابلة للتداول والبيع والشراء لأن إحتياج المستهلكين
من هذه المواد التي يتم تدويرها هو الذي يتحكم بنجاح صناعة تدوير مخلفات البناء
ويدعمها ويجعلها مجدية من الناحية الإقتصادية.
وحسب
أحد التقارير [23] فإنه يوجد حالياً في الولايات المتحدة أكثر
من (1000) مصنع لتدوير مخلفات الخرسانة والأسفلت، و(700) مصنع لتدوير مخلفات
الأخشاب، و(300) مصنع لتدوير مخلفات حطام الهدم، فالخرسانة والحطام يتم تدويرها
لتصبح حصى إنشائية أو منتجات خرسانة جديدة، والأخشاب يتم تدويرها وإستخدامها في
بعض المنتجات الخشبية مثل الأثاث، والمعادن كالنحاس والحديد تعتبر أصناف ذات قيمة
عالية عند تدويرها، ووفقاً لنفس التقرير فإنه تتوفر في الأسواق الإمريكية حالياً
أنواع ومنتجات بناء كثيرة من مواد البناء المعاد تدويرها مثل العوازل والجدران
المتحركة والمنتجات الجبسية وغيرها. ووفقاً لإدارة حماية البيئة (DEP)
في ماساشوستس في الولايات المتحدة فإن المشاريع الإنشائية حالياً تقوم بتدوير
حوالي 75% من جميع مخلفات البناء والهدم مثل المعادن والخرسانة والأسفلت، وأوضحت
الإدارة بأنها تأمل في إحراز تقدم ملموس في تدوير مخلفات البناء بحيث تصل إلى 88%
بحلول عام 2010م [28]، وقد إقترحت نفس الإدارة منع التخلص من
مخلفات البناء غير المعالجة من بداية عام 2003م، ولذلك فإن مقاولو البناء وشركات
حمل المخلفات لن تستطيع التخلص من مخلفات البناء والهدم في مرادم الولاية قبل أن
تمر بالخطوات الضرورية لإعادة إستخدامها ومعالجتها أو تدويرها. وقدرت تقارير أخرى
في العام (1991م) [6] حجم مخلفات البناء والهدم التي يتم تدويرها
سنوياً في بريطانيا بمليون طن تنتج منها حصى متدرجة، وأكثر من أحد عشر مليون طن من
مخلفات البناء والهدم يعاد إستخدامها سنوياً في أعمال الدفان والتسوية في مواقع
مشاريع البناء. وأضافت إحدى الدراسات [11] بأن معظم مخلفات البناء في إمريكا
الشمالية تتكون من بقايا الطوب والخرسانة وقطع الأخشاب الصغيرة والتي يتم إعادة
إستخدامها أو تدويرها، وأوضحت بأن هناك نتائج إيجابية كبيرة تحققت في هذا المجال
وأنه تم تدوير كميات كبيرة من مخلفات البناء التي كان يتم التخلص منها في السابق.
وفي أستراليا وحسب نفس الدراسة فإن كثيراً من شركات الهدم المتخصصة تقوم بتجميع
وفرز الزجاج والحديد والخرسانة عند هدم المباني ثم تقوم بإرسالها إلى أماكن
التدوير. وقد بينت إحدى الدراسات في الدنمارك [29]
بأن أنشطة تدوير مخلفات البناء والهدم تعد قضايا هامة في إستراتيجيات التقنية
النظيفة وإدارة الموارد في صناعة البناء والتشييد، وقد تطرقت هذه الدراسة لأحد
المشاريع التي تبنتها إحدى البلديات في الدنمارك وتم فيه تدوير وإعادة إستخدام
كميات كبيرة من مخلفات البناء والهدم، وأضافت دراسة أخرى [30]
بأن غالبية البلديات في الولايات المتحدة تشعر بأهمية تدوير مخلفات البناء والهدم
وتقوم بنشر أدلة إرشادية وتعليمات للمساعدة على إعادة تدويرها.
من
جهة أخرى فإن الكثير من الولايات الإمريكية والمدن الكندية تطبق حظر دخول بعض
المواد من مخلفات البناء والهدم إلى المرادم، ومنها ولايات الشمال الشرقي
الإمريكية التي تحظر التخلص من الطابوق والخرسانة والأخشاب في المرادم، كما أن
مدينتي تورنتو وفانكوفر في كندا تمنعان التخلص من الورق المقوى والخشب والحوائط
المتحركة في المرادم، وفي ولاية ألينوي الإمريكية تطلب السلطات في إحدى المدن من
مقاولي البناء تسليم خطة تفصيلية لفرز وتصنيف مخلفات البناء قبل الحصول على رخصة
البناء، من جهة أخرى فإن عقود تنفيذ المباني في بعض الولايات الإمريكية تتضمن
بنوداً ومواداً تحفز المقاولين وتشجعهم على تدوير مخلفات البناء وفي الآونة
الأخيرة تزايدت المطالبات بان تصبح هذه البنود إلزامية [16].
3-3.
تعامل الهيئات والمنظمات العمرانية والهندسية والبيئية في الدول المتقدمة مع
المشكلة:
في
كثير من الدول المتقدمة قام عدد من المتخصصين بتطوير كثير من الخطط الإجرائية
والإطارات العامة والهياكل لتركيز جهود صناعة البناء على إدارة مخلفاتها بكفاءة
وفعالية ومنها الإطار العام الذي تم تطويره في الولايات المتحدة [22]
وهو يهدف لإيجاد فهم متعمق لكيفية نشوء المخلفات في المواقع الإنشائية وأساليب
إدارتها، كما قامت كثير من المنظمات الهندسية المتخصصة ومعاهد البناء والهيئات
البيئية بتطوير عدد من الأدلة الإجرائية التطبيقية التي توضح خطوة بخطوة كيفية
التعامل مع مخلفات البناء وإدارتها من خلال خفضها وإعادة إستخدامها وتدويرها ومنها
الدليل التطبيقي لإدارة وخفض المخلفات الإنشائية الذي أصدره معهد المهندسين
المدنيين في بريطانيا [5]، بالإضافة إلى التقرير المعد بواسطة جمعية
أبحاث ومعلومات صناعة التشييد البريطانية [6]
الذي يهدف لدعم وتعزيز الوعي البيئي وخفض المخلفات وتدويرها في صناعة البناء، كما
يهدف هذا التقرير إلى تقديم بعض الإرشادات والتوجيهات والخطوات العملية التي تساعد
المعنيين في صناعة البناء على خفض مخلفاتهم وإعادة إستخدامها وتدويرها، وقد تناول
هذا التقرير كثيراً من العوائق والصعوبات الفنية والإدارية التي يمكن أن تحد من
إستخدام مواد البناء التي يتم تدويرها وقدم بعض الحلول المقترحة لمعالجتها، وأعدت
وكالة التحكم في التلوث في مينسوتا في الولايات المنحدة تقريراً آخر عن المخلفات
الإنشائية [16]، وقد قامت بعض الوكالات والهيئات بتطوير
بعض الإرشادات البسيطة (Guidelines) لمساعدة مقاولي البناء على إتمام الأعمال
المطلوبة لمخلفات مواد البناء في الموقع تمهيداً لتدويرها في الموقع او في مصانع
التدوير (Recycling Plants)، ومن تلك الإرشادات الدليل المختصر لمساعدة
المقاولين على تدوير المخلفات (Job Site Recycling: a Guide
for Building Contractors) [31]،
وقد تم تطويره من قبل مقاطعة إقليم فانكوفر في كندا ويبدأ هذا الدليل الإرشادي
بالنصح بتأسس برنامج في الموقع يستهدف تدوير المخلفات والتأكد من الإلمام به من
قبل جميع الأطراف في الموقع، ثم عمل الإحصاءات والتقديرات اللازمة لانواع وأحجام
وأوزان مخلفات المواد التي تنشأ في الموقع ليتم على ضوء ذلك استهداف المواد ذات
الكميات الكبيرة في برنامج التدوير، ويلي ذلك تجهيز الموقع وتجميع وفصل وتصنيف
المخلفات تمهيداً لنقلها إلى المصنع، وبعد ذلك التعاقد مع إحدى الشركات المتخصصة
التي يمكن أن تقوم بشراء هذه المخلفات مباشرة أو نقلها إلى مصنع التدوير، وقد ركزت
هذه البرامج الإرشادية على أهمية تعليم وتدريب وتحفيز العاملين في موقع المشروع
لضمان نجاح أهداف إعادة التدوير [32]. وتم توزيع أحد الكتب المتخصصة [10]
بعنوان "تجنب المخلفات في مواقع المشاريع الإنشائية" مجاناً على عدد
(282) مدير موقع إنشائي في بريطانيا ممن تعاونوا في دراسة مخلفات البناء، وهذه
مجرد أمثلة بسيطة وغيرها كثير من المطبوعات والإصدارات والأدلة الإرشادية التي
تؤكد على تفاعل حركة النشر والطبع في الدول المتقدمة مع مشكلة المخلفات الإنشائية،
وهذه المطبوعات والمنشورات لها أكبر الأثر في التعريف بمشكلة المخلفات الإنشائية
وآثارها البيئية والإقتصادية والمساعدة في إدارتها والتعامل معها بشكل فعال من
خلال خفضها من المصدر وإعادة إستخدامها وتدويرها.
من جهة أخرى فقد تفاعلت صناعات البناء نفسها في الدول الصناعية المتقدمة مع القضايا البيئية فتم تطوير إتجاهات جديدة في البناء والتشييد أطلق عليها الإنشاءات المستديمة (Sustainable Construction) والعمارة الخضراء (Green Architecture)، وجميعها تستهدف خفض الآثار البيئية الناجمة عن أنشطة البناء والتشييد وأبرزها المخلفات الإنشائية، فالإنشاءات المستديمة والمباني الخضراء [33] والتصميم المستديم [34] جميعها إتجاهات حديثة تقوم على عدد من المبادىء الأساسية وأهمها خفض مخلفات البناء وإعادة إستخدامها وتدويرها، وقد قام المجلس العالمي لأبحاث البناء بتنظيم مؤتمر دولي كبير في تامبا فلوريدا بالولايات المتحدة الإمريكية في العام 1994م عن الإنشاءات المستديمة [35]، وقدمت في هذا المؤتمر أبحاث وأوراق علمية من مختلف دول العالم وكان المحور الثاني في المؤتمر يدول حول إدارة مخلفات البناء وتدويرها وقدمت فيه خمس عشرة ورقة علمية متخصصة، من جهة أخرى فقد اصدرت نشرة المباني البيئية (EBN) الصادرة في الولايات المتحدة في عددها الصادر في شهر نوفمبر/ ديسمبر من عام 1992م [36] بعض الإرشادات والتوجهيات التفصيلية لخفض مخلفات البناء وتدويرها، كما قامت مؤخراً جمعية أبحاث ومعلومات صناعة التشييد في بريطانيا بإطلاق موقع على شبكة الإنترنت للتسجيل في تدوير مخلفات البناء في المواقع الإنشائية [32]، ويهدف هذا المشروع الذي تم تأسيسه في نوفمبر عام 2002م لتدوير (70 مليون طن) من المخلفات الناتجة عن صناعة البناء والتشييد في بريطانيا، والتسجيل في هذا البرنامج يتيح لشركات مقاولات البناء الحصول على الدعم والمساعدة الفنية في مجال تدوير مخلفات البناء. وقد قام بعض المصنّعين العاملين في إعادة تدوير مخلفات البناء في الولايات المتحدة وكندا بتأسيس برنامج أطلق عليه (البناء الأخضر)، وهو يستهدف خفض مخلفات البناء وإستخدام المواد التي يتم تدويرها، وتم من خلال هذا البرنامج بناء ما أطلق عليه (مسكن الحلم الأخضر)، حيث أن 60% من أجزاء وعناصر ومواد هذا المبنى هي مخلفات بناء تم تدويرها [16]، كما تم في العام (1996م) تأسيس مشروع أوروبي موحد لتطوير إستراتيجية لإدارة مخلفات البناء والهدم، والمشروع يضم شريحة كبيرة من الأطراف ذات العلاقة مثل منتجي مواد البناء والمستهلكين وشركات نقل المخلفات والجهات الحكومية المختصة [6].
4. الخلاصة والتوصيات:
4-1.
الخلاصة:
إذا
كانت الدول الصناعية المتقدمة في أمريكا وأوروبا قد حققت إنجازات كبيرة في مجال
إدارة مخلفات البناء والهدم وخفضها وإعادة إستخدامها وتدويرها فإن ذلك لم يتحقق في
يوم وليلة ولم يكن جهداً فردياً قامت به جهة واحدة، وإنما كان العمل جماعياً
مشتركاً توحدت فيه الجهود والمبادرات وحُشدت له الموارد والطاقات وكانت الخبرات
والتجارب تراكمية، وإذا كانت السياسات الحكومية والبرامج الوطنية والأنظمة
والتشريعات هي التي قادت إلى التحكم بمشكلة مخلفات البناء والهدم في الدول
المتقدمة فما كان لكل ذلك أن يتحقق لولا إنتشار الوعي البيئي في الأوساط
الاجتماعية والصناعية في تلك المجتمعات، وهذا ما ينقصنا في مجتمعاتنا العربية التي
لم تستشعر بعد أهمية الحفاظ على البيئة وجدوى صيانة الموارد الطبيعية، ولذلك فإن
أي مبادرة للتحكم بمشكلة مخلفات البناء والهدم في مدننا العربية يجب أن تنبثق من
هذا المفهوم البيئي الشامل، إلا أن ذلك يتطلب العمل الجاد على إشاعة مفاهيم حماية
البيئة ونشر الوعي بأهمية دور الأفراد والجماعات والقطاعات المختلفة في هذا
المجال، وبما أن صناعات البناء والتشييد تعد من أكبر الصناعات في مختلف الدول
العربية فإن هناك دوراً هاماً يتوجب القيام به من قبل هذه الصناعات في سبيل الحفاظ
على البيئة وصيانة الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، وهذا الدور يمكن أن يتحقق من
خلال خفض مخلفات البناء والهدم وإعادة استخدامها وتدويرها، ولذلك فإن إدارة مخلفات
البناء والهدم هي مسئولية قطاعات البناء والتشييد قبل أن تكون مسئولية البلديات أو
مؤسسات النظافة أو المنظمات البيئية، ومن هذا المنطلق فإن المعنيين بقطاع البناء
كالمُلاك والمطورين والمخططين والمهندسين والمقاولين والمقاولين من الباطن وموردي
ومصنعي مواد البناء والمشرفين على التنفيذ والعمالة وغيرهم هم المسئولون عن إدارة
مخلفات البناء لتحقيق الفوائد البيئية والإقتصادية، وحيث أن مشاريع البناء في
الغالب تسمح للمقاول ببعض المرونة لإختيار مواد البناء وأساليب التشييد فإنه يملك
كثيراً من الخيارات لوضع الحلول التي تسمح بإسترجاع أكبر قدر ممكن من مخلفات
البناء والهدم من خلال إعادة إستخدامها أو تدويرها. وإذا كانت جهود وأنشطة تدوير
مخلفات البناء وإعادة إستخدامها ستحقق فوائد كبيرة في مجال حماية البيئة وتقليل
إستخدام الموارد فإن هذا ليس كافياً بحد ذاته لإنجاح هذه الجهود وضمان إستمرارها
على المدى الطويل مالم تكن هناك فوائد إقتصادية أو حوافز تشجيعية تشجع شركات
مقاولات المباني على عدم التخلص من هذه المخلفات والعمل على تدويرها، فكما نعلم أن
التخلص من جميع المخلفات بما فيها مخلفات البناء يتم بالمجان في جميع المرادم
الموجودة في المدن العربية والتي لا تفرق بين مخلفات البناء الخامدة ومخلفات
البناء الخطرة، وهذا الوضع القائم سيصعب من أهداف وتوجهات تدوير مخلفات البناء
وإعادة إستخدامها في المدن العربية لأن التخلص من هذه المخلفات سيكون في الغالب
أقل تكلفة من تدويرها، ولذلك فإن التعامل مع مشكلة مخلفات البناء يجب أن يكون
بنظرة شمولية متكاملة حيث يتطلب الأمر سن الأنظمة والتشريعات ومتابعة تطبيقها
وإيجاد الخطط الشاملة والبرامج الوطنية التي تتطلب بدورها توجيه الكثير من الموارد
الفنية والبشرية والمالية لتشجيع تدوير مخلفات البناء، وإذا كانت توجهات وخطط
تدوير هذه المخلفات تتطلب إمكانيات فنية كبيرة وخبرات وموارد ومصانع مجهزة وأسواق
مزدهرة للمنتجات التي يتم تدويرها وجميعها غير متوفرة في الوقت الحاضر في الدول
العربية وربما تحتاج لبعض الوقت لكي تصبح موجودة فلا تزال هناك وسائل أخرى أكثر
جدوى وأقل تكلفة من التدوير ولا تحتاج إلى جهود وخبرات كبيرة وهي خفض ومنع نشوء
تلك المخلفات من المصدر أو إعادة استخدامها بشكل مباشر.
4-2.
التوصيات:
هناك
صعوبات ونواقص متعددة يمكن أن تهدد أي جهد مبذول يهدف لخفض مخلفات البناء والهدم
وإعادة إستخدامها وتدويرها في المدن العربية، ومن تلك التحديات قصور الأنظمة
والتشريعات التي تحدد أساليب التخلص من مخلفات البناء، وغياب السياسات والخطط
والبرامج الوطنية التي تستهدف خفض مخلفات البناء والهدم وإعادة إستخدامها
وتدويرها، بالإضافة إلى بعض الصعوبات الأخرى مثل نقص الوعي المعرفي بمخاطر مخلفات
البناء والهدم والأساليب الملائمة للتعامل معها في أوساط المقاولين والمهنيين
والعامة، وإذا كانت المعلومات هي العنصر الأكثر أهمية في هذا العصر بالذات فإن
غياب المعلومات والبيانات والإحصائيات عن كميات مخلفات البناء والهدم في المدن
العربية ومصادرها ومحتوياتها ومكوناتها تعتبر من أكبر العوائق التي يمكن أن تفشل
الجهود التي تستهدف خفض هذه المخلفات وإعادة إستخدامها وتدويرها.
وللتعامل الإيجابي مع مخلفات البناء والهدم في المدن العربية وإستغلالها كموارد
ثمينة وإدارتها بشكل فعال من خلال خفضها من المصدر وإعادة إستخدامها وتدويرها فإن
هذه الورقة تقدم بعض التوصيات الهامة التي يمكن أن تقود لدعم وتفعيل هذه التوجه في
مختلف الدول العربية، وهذه التوصيات التي تغطي النواحي التشريعية والخطط والبرامج
والجوانب الفنية والتوعوية يمكن أن تكون آلية مقترحة لتفعيل أساليب إدارة مخلفات
البناء والهدم في المدن العربية وتشجيع خفضها وإعادة استخدامها وتدويرها:
1- لا
بد من إصدار الأنظمة والقوانين والتشريعات التي تحدد أساليب التخلص من مخلفات
البناء والهدم في المدن العربية على أن تتضمن تشجيع اساليب الخفض من المصدر وإعادة
الإستخدام والتدوير مع الحد من التخلص منها في المرادم، كما يجب أن تغطي هذه
الأنظمة والتشريعات طرق التخلص من مخلفات البناء ذات الخطورة البيئية العالية
والمتوسطة وأن تلزم الجهات الصادرة عنها هذه المخلفات بخفضها من المصدر وإعادة
إستخدامها في موقع المشروع أو تدويرها. من جهة أخرى يمكن أن يتم إقرار دفع رسوم
نظير التخلص من مخلفات البناء والهدم في المرادم العمومية في المدن العربية ورسوم
أخرى أعلى نظير التخلص من مخلفات البناء والهدم التي تشكل خطورة على البيئة في
المرادم الصحية المعالجة، وهذا الإجراء سيشجع شركات مقاولات البناء على خفض
مخلفاتها من المصدر وإعادة إستخدامها أو تدويرها وإستخدامها في موقع المشروع، إلا
أن هذا الإجراء سيبقى عديم الفائدة في ظل ضعف الرقابة على ممارسات التخلص من
مخلفات البناء والهدم بطرق غير نظامية، إذ أن التخلص من مخلفات البناء والهدم بطرق
غير نظامية في جنح الظلام سيكون أسلوباً إقتصادياً جذاباً لكثير من شركات مقاولات
البناء بدلاً من دفع رسوم مقابل التخلص منها في المرادم المخصصة، وللتغلب على هذه
الإشكالية يجب أن تكون هناك عقوبات مشددة في حق الجهة التي تتخلص من مخلفاتها بطرق
غير نظامية وأن تكون هناك آليات وضوابط تحكم هذه العملية وتضمن متابعتها ومراقبتها
عن كثب، كما يتوجب توجيه قدر أكبر من الموارد لتوعية شركات ومؤسسات مقاولات البناء
بمخاطر مخلفاتها والدور الهام الذي يمكن أن تلعبه هذه الشركات والمؤسسات في الحفاظ
على البيئة.
2- يجب
أن تكون هناك سياسات عليا وخطط عامة وبرامج وطنية مدعومة من قبل الحكومات العربية
بهدف خفض مخلفات البناء والهدم من المصدر وإعادة إستخدامها وتدويرها، ووضع هذه
السياسات والخطط والبرامج ليس بالأمر اليسير إذا أنها تتطلب توجيه قدر كاف من
الموارد المالية والفنية والبشرية والمعلومات وغيرها، كما أنها تتطلب عملاً
جماعياً مشتركاً من جميع الأطراف ذات العلاقة الحكومية والخاصة، وهنا يمكن ان
تتبنى منظمة المدن العربية وضع خطة عامة في هذا الخصوص بحيث تتعاون المنظمة في
الإشراف على متابعة تطبيقها مع الجهات المختصة في المدن العربية مثل الأمانات
والبلديات والسلطات المحلية بالإضافة إلى تنظيمات مقاولي البناء والهيئات
العمرانية والهندسية والبيئية المتخصصة.
3- هناك
حاجة ماسة لتأسيس مراكز معلومات محلية ووطنية لمخلفات البناء والهدم في المدن
الكبرى في العالم العربي، بحيث تكون مسئولة عن جمع وتحديث المعلومات والبيانات
المطلوبة عن حجم مخلفات البناء والهدم في كل مدينة عربية ومصادرها ومكوناتها ودرجة
خطورتها على البيئة والأساليب الملائمة للتخلص منها، وتأتي أهمية هذه المراكز من
حقيقة ان جميع السياسات والخطط والبرامج الوطنية التي يمكن أن توضع للتعامل مع
مخلفات البناء والهدم وإعادة إستخدامها وتدويرها لن تكون ذات فاعلية ما لم تستند
إلى قاعدة متينة من الحقائق والمعلومات والبيانات الدقيقة، وهذه المراكز يمكن
تأسيسها في المدن العربية من خلال التعاون بين البلديات والتنظيمات غير الحكومية
المختصة بالبناء بالإضافة إلى شركات مقاولات البناء وشركات التخلص من المخلفات.
4- هناك
حاجة لتأسيس مصانع ومعامل مركزية لتدوير مخلفات البناء والهدم في المدن الكبرى في
الدول العربية، وهذا القرار يتطلب بالتأكيد عمل دراسات الجدوى البيئية والإقتصادية
وتشجيع نمو الأسواق التي تستقطب وتتداول مواد البناء التي يتم تدويرها، فمتى ما
كان هناك إقبال على شراء مواد البناء التي يتم تدويرها وإستخدامها فسوف تنمو
وتتطور صناعة التدوير، على أن هناك حاجة لتشجيع ودعم القطاع الخاص للإستثمار في
تدوير مخلفات البناء والهدم لأن هذا المجال يعتبر مجال جديد وقد يكون محفوف بكثير
من المخاطر مما يستدعي وجود دعم حكومي وتسهيلات وحوافز تشجيعية للمستثمرين في هذا
المجال.
5- تشجيع
تأسيس شركات ومؤسسات تستثمر في بيع وشراء وتبادل مخلفات مواد البناء والهدم
القابلة لإعادة الإستخدام، بحيث يقوم مقاولوا البناء ببيع مخلفاتهم القابلة لإعادة
الإستخدام لهذه المؤسسات التي تقوم بدورها بتسويقها وبيعها على آخرين، ويمكن أن
تقوم هذه المؤسسات بشراء مخلفات البناء والهدم من موقع المشروع مباشرة لتخضعها بعد
ذلك للفرز والتصنيف وإجراء بعض أعمال التجديد عند الحاجة ومن ثم إعادة بيعها،
ويعتبر هذ المجال مجال إستثماري واعد خاصة في ظل إرتفاع أسعار مواد البناء الجديدة
وأزمة الإسكان في كثير من المدن العربية بالأضافة إلى تطور أساليب الداعية
والتسويق في ظل وجود شبكة الإنترنت.
6- يجب
أن تتبنى البلديات وتنظيمات صناعة البناء غير الحكومية والهيئات العمرانية
والجمعيات البيئية تأسيس برامج توعوية وإرشادية موجهة لشركات مقاولات البناء
ومصنعي وموردي المواد ومكاتب التصميم الهندسي والمعماري بالإضافة إلى عامة
المواطنين والمقيمين، بحيث تتضمن هذه البرامج إشاعة الوعي المعرفي عبر وسائل
الإعلام المختلفة وإقامة الندوات والمحاضرات وتقديم الدورات التدريبية والدعم
الفني وطباعة النشرات والكتيبات والأدلة الإرشادية التي تُعرف بتأثيرات مخلفات
البناء البيئية والإقتصادية وتوضح الأساليب الملائمة للتعامل معها وخفضها من
المصدر وإعادة إستخدامها وتدويرها.
7- تشجيع
وتحفيز ومكافئة شركات مقاولات البناء على خفض مخلفاتها من المصدر وإعادة إستخدامها
وتدويرها في موقع المشروع وتعريفها بالوسائل والأساليب والأدلة الإرشادية
والتقنيات المطلوبة لتحقيق ذلك، ويمكن أن تقوم تنظيمات صناعة البناء غير الحكومية
أو الهيئات البيئية بتأسيس جائزة سنوية على مستوى المدينة لأفضل شركة مقاولات حققت
نتائج ملموسة في خفض مخلفات البناء من المصدر وإعادة إستخدامها وتدويرها
واستخدامها في موقع المشروع، على أن يتم التسويق لهذه الجائزة عبر وسائل الإعلام
المختلفة، من جهة أخرى يمكن أن يتم إدراج جهود خفض مخلفات البناء وإعادة إستخدامها
وتدويرها ضمن المعايير المتبعة لتأهيل وتصنيف شركات ومؤسسات مقاولات البناء.
8- إلزام
وحث الشركات والمؤسسات الكبرى التي تعمل في مجال تنفيذ المباني والمنشآت بتأسيس
إستراتيجيات وبرامج وخطط تنفيذية خاصة بها تستهدف خفض مخلفات البناء وإعادة
إستخدامها وتدويرها في موقع المشروع، فهذه الشركات الكبرى التي ينتج عن مشاريعها
كميات ضخمة من مخلفات البناء قادرة من الناحية الفنية والمالية والتنظيمية على دعم
جهود خفض مخلفات البناء وإعادة إستخدامها وتدويرها وتوجيه الموارد اللازمة لذلك،
وهنا يمكن أن تتطور هذه البرامج وتتراكم الخبرات مع مرور الوقت وتصبح هذه الشركات
الكبرى رائدة في هذا المجال بحيث تستفيد من تجربتها وخبراتها شركات ومؤسسات تنفيذ
المباني المتوسطة والصغرى.
9- إعادة
النظر في أساليب ومواصفات صناعة مواد البناء ومواصفات تصميم المباني وكودات البناء
وعقود التنفيذ والإنشاء بحيث تشجع على خفض مخلفات البناء والهدم وإعادة إستخدامها
وتدويرها، فمصانع مواد البناء يمكن أن تتبنى تصنيع المواد التي تنتج مخلفات أقل
وأن تكون هذه المواد قابلة لإعادة الإستخدام والتدوير، كما أن مواصفات وكودات
البناء يمكن أن تسمح بإعادة إستخدام مخلفات البناء والهدم وإعادة إستخدام مواد
البناء التي يتم تدويرها وفق ضوابط فنية محددة، كما يمكن ان تتضمن المواصفات
الفنية للمشروع بعض الإرشادات والتعليمات لخفض مخلفات البناء وإعادة إستخدامها
وتدويرها في الموقع، مع الإشارة إلى أهمية قرارات تصميم المباني المبكرة في خفض
مخلفات البناء من المصدر مثل توافق أبعاد المبنى مع الأبعاد القياسية لمواد البناء
المتوفرة في السوق تجنباً لزوائد القص والقطع بالإضافة إلى تفادي الأخطاء
التصميمية التي يمكن أن تقود لإعادة البناء ونشوء المخلفات. ومن جهة أخرى يمكن أن
تتضمن عقود تنفيذ المباني بنود ومواد تلزم المقاول بخفض مخلفات البناء وإعادة
إستخدامها وتدويرها في موقع المشروع.
10- توجيه حركة البحث العلمي التطبيقي في الجامعات العربية وجهود مراكز الأبحاث ومعاهد البناء لبحث ودراسة مشكلة مخلفات البناء والهدم في مجتمعاتنا العربية وأستنباط الحلول والتقنيات والأفكار الجديدة للتعامل معها وإدارتها من خلال خفضها من المصدر وإعادة إستخدامها وتدويرها.
المراجع العربية:
1- مجلة
الاقتصاد (2002م)، "موضوع عن قمة جوهانسبيرغ المستدامة"، مجلة اقتصادية
شهرية تصدر عن الغرفة التجارية بالمنطقة الشرقية في السعودية، سبتمبر/أكتوبر
2002م، الدمام، المملكة العربية السعودية، ص 40-43.
2-
المعهد العربي لإنماء
المدن (1986م)، "التخلص من النفايات في المدن العربية: دراسة
استطلاعية"، الرياض، المملكة العربية السعودية.
3-
وزارة الشئون البلدية
والقروية (1994م)، "إحصائية عن حجم مخلفات البناء في المملكة"، المملكة
العربية السعودية.
4-
جريدة الوطن (العدد
631)، السنة الثانية، السبت 11 ربيع الثاني 1423هـ 22 يونيو 2002م، مقابلة صحفية
مع مدير الشئون البلدية بمنطقة الرياض المهندس احمد التويجري.
5-
جريدة الرياض (العدد
12574)، السنة 38، الأحد 19 رمضان 1423هـ، تحقيق صحفي بعنوان: الرياض تطرح مشاكل
الخدمات البلدية في الرياض وجدة والدمام والقصيم وحائل وتبوك وجازان، الرياض،
المملكة العربية السعودية، ص 4-7.
6-
عيد، محمد عبدالسميع
(2001م)، "التخلص من مخلفات البناء.. مدخل وتطبيق"، سجل أبحاث ندوة
إدارة المخلفات الصلبة، المعهد العربي لإنماء المدن، الرباط، المملكة المغربية، ص
233-243.
7-
أمانة محافظة جدة
(1998م)، "تقرير إحصائي لحجم مخلفات البناء في محافظة جدة"، السعودية.
8-
أمانة الرياض وأمانة
جدة (1999م)، "مقابلات شخصية أجراها الباحث مع مديري أقسام النظافة في أمانة
مدينة الرياض وأمانة مدينة جدة"، المملكة العربية السعودية.
9-
السواط، علي محمد
(2001م)، "مخلفات المشاريع الإنشائية .. المشكلة والحلول"، تقرير منشور
في الملحق الاقتصادي الصادر عن دار اليوم للصحافة والطباعة والنشر، العدد 10400،
الدمام، المملكة العربية السعودية.
10- السواط،
علي محمد (2003م)، "خفض مخلفات المشاريع العمرانية: المفهوم وأساليب
التطبيق"، سجل أبحاث المؤتمر المعماري الدولي الخامس (العمران والبيئة)، كلية
الهندسة، جامعة أسيوط، جمهورية مصر العربية، ص 13-27 (4).
11- وزيري، يحي (2003م)، التصميم المعماري الصديق للبيئة – نحو عمارة خضراء، الطبعة الأولى، مكتبة مدبولي، القاهرة، جمهورية مصر العربية.
المراجع الأجنبية:
1.
Pauw et al (1994), "Reuse of Demolition Waste as
Aggregates in Concrete: A New of Old Practice", Conference of Sustainable
Construction, Tampa, Florida, USA.
2.
Macoloo (1994), "The Environmental Impact of
Building Materials Choice for Low Income House in Kenya", Conference of
Sustainable Construction, Tampa, Florida, USA.
3.
Kibert (1994), "Establishing Principles &
Model for Sustainable Construction ", Conference of Sustainable
Construction, Tampa, Florida, USA.
4.
Moller & Larsen (1994), "Sustainable
Construction by Way of an Environmental Management System", Conference of
Sustainable Construction, Tampa, Florida, USA.
5.
Ferguson et al (1995), Managing & Minimizing
Construction Waste: A Practical Guide, Institution of Civil Engineers (ICE),
Thomas Telford Ltd., London, UK.
6.
Guthrie & Mallett (1995), Waste Minimization and
Recycling in Construction- A Review, A Report Published by Construction
Industry Research and Information Association (CIRIA), London, UK.
7.
Merghani & Ross (1994), "The Potential of an
Object Oriented Approach to Construction Materials Management", Conference
of Sustainable Construction, Tampa, Florida, USA.
8.
Brooks et al (1994), "Germany's Construction &
Demolition Debris Recycling Infrastructure", Conference of Sustainable
Construction, Tampa, Florida, USA.
9.
Bossink & Brouwers (1996), "Construction
Waste: Quantification & Source Evaluation", Journal of Construction
Engineering and Management, ASCE, March 1996, USA.
10.
Skoyles (1987), Waste Prevention on Site, Mitchell,
London, UK.
11.
Pinta & Agopyan (1994), "Construction Waste as
Raw Materials for Low-cost Construction Products", Conference of
Sustainable Construction, Tampa, Florida, USA.
12.
Al-Swat, Ali M. (2000), Minimizing Waste at
Construction Sites in the Kingdom of Saudi Arabia, Unpublished Master Thesis,
College of Graduate Studies, KFU, Dammam, KSA.
13.
Spivey (1974), "Construction Solid Waste",
Journal of Construction Div., ASCE, December 1974, USA.
14.
Fukushima et al (1994), "Reducing Environmental
Impact through the Demolition of Fixed Form Construction Methods Utilizing
Fiber-Reinforced Cement Mortar Boards", Conference of Sustainable
Construction, Tampa, Florida, USA.
15.
Ferguson, J. (1994), “Waste from Construction &
Duty of Care”, Proc. Instn, Civ. Engr., March 1994, UK, (103) 23-29.
16.
Latham (1993), Measure Twice Cut Once; Construction
Debris & Non-hazardous Industrial Waste Report, A Report Published by
Minnesota Pollution Control Agency, Minnesota, USA.
17.
Tinker & O'Rourke (1994), "Using Waste
Materials as an Aggregate in Low Thermal Conductivity Mortars", Conference
of Sustainable Construction, Tampa, Florida, USA.
18.
Helliwell (1993), Construction Waste & Constructive
Remedies, Stem Systems Limited, Backenham, UK.
19.
Soibelman et al (1994), "A study on Waste of
Materials in the Building Industry in Brazil", Conference of Sustainable
Construction, Tampa, Florida, USA.
20.
Dawood, N. (1994), “A Material Management System for
the Construction Industry”, Conference of Sustainable Construction, Tampa,
Florida, USA.
21.
Tchobanoglous et al (1993), Integrated Solid Waste
Management, McGraw-Hill, Inc., New York USA.
22.
Gavilan (1992), An Analysis of Construction Solid
Waste, Unpublished Master Thesis, Civil Engineering Department, North Carolina
State University, USA.
23.
Construction & Demolition Debris, U.S.
Environmental Protection Agency (EPA), Website; www.epa.gov/epaoswer/non-hw/debris/
24.
Callori, Kris. RA (2003), “Tools to Manage Construction
Waste; Maximizing the Recycling Market”, Greenprints 2003; Sustainable
Communities by Design Conference, Environmental Dynamics Incorporated,
Albuquerque, NM.
25.
Craven et al (1994), "Construction Waste & New
Design Methodology", Conference of Sustainable Construction, Tampa,
Florida, USA.
26.
Peng, C. et al. (1994), “Construction Waste Management
& Recycling Strategies in the United States”, Conference of Sustainable
Construction, Tampa, Florida, USA.
27.
Construction Waste Minimization in Housing, Case Study,
COST C8 Best Practice in Sustainable Infrastructure, UK.
28.
http://www.wastecap.org/wastecap/commodities/construction/construction.htm.
29.
Eifer, C. and Lauritzen, E. K. (1994), “Municipal Concept
of Recycling & Clean Technologies, Building and Constructions”, Conference
of Sustainable Construction, Tampa, Florida, USA.
30.
Mincks, W. R. (1994), “The Construction Contractor’s
Waste Management Plan: Optimizing Control & Cost”, Conference of Sustainable
Construction, Tampa, Florida, USA.
31.
“Job Site Recycling: A Guide for Building Contractors”,
Greater Vancouver Regional District, Canada.
32.
“Waste & Resource Management in Construction”
(2003), a Seminar Followed by Refreshments, Tuesday 18 March 2003, Glasgow, UK.
33.
“Building Green on Budget” (1999), Environmental
Building News (EBN), Volume 8, No. 5, May 1999, USA.
34.
“Basic Sustainable Design Practice”, Website:
http://www.homeasta.org/prinmaterial.htm
35.
Conference of Sustainable Construction, International
Council for Building Research (CIB), University of Florida, School of Building
Construction, Tampa, Florida, USA.
36.
“Construction Waste Contents”, Ecology Action
(Recyclig), Austin, UAS, Website: http//www.ecology-action.org
التسميات: قانون البيئة


<< الصفحة الرئيسية