السبت، 15 فبراير 2020

دراسة: جريمة العدوان في ظل النظام الأساسي للمحكمة الجنائية pdf



عبد الوهاب شتير - جامعة بجاية




 - تعريف جريمة العدوان وأركانها 

- أركان جريمة العدوان - الركن المادي: ــ  التنظيم والتحضير ــ البدء في حرب عدوانية ــ إدارة الحرب العدوانية ــ المساهمة في مخطط مدروس لارتكاب الحرب العدوانية  ــ 

- الركن المعنوي

- الركن الدولي 

- شروط ممارسة الدولة لإختصاصها بالنظر في جريمة العدوان و إجراءات سير الدعوى 

- الاختصاص الزماني والمكاني للمحكمة الجنائية الدولية في جريمة العدوان 

- شرط صدور قرار مسبق من مجلس الأمن يؤكد وقوع جريمة العدوان 

- إجراءات سير الدعوى أمام المحكمة 

________________

مقدمة:
"جريمة العدوان في ظل النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية"
عبد الوهاب شيتر
أستاذ مساعد قسم "أ" بكلية الحقوق
- جامعة بجاية
تعتبر جريمة العدوان من أخطر الجرائم الدولية على التي تهدد سلم وأمن المجتمع الدولي، وهي تمثل أحد مظاهر سيادة الدول في العصر الحديث لتوطيد سلطانها أو نيل حقوقها، ومن ثمّ تطور هذا الحق إلى حق مقيّد خلال القرن التاسع عشر، وليصبح بعد ذلك فعل غير مشروع في القانون الدولي المعاصر. وجاءت هذه جريمة العدوان ضمن الجرائم التي تختص فيها المحكمة الجنائية الدولية، والمنشأة بموجب إتفاق روما لسنة 1998(1)، حيث تم إدراجها ضمن أحكام نظامها الأساسي بإلحاح من غالبية الدول المشاركة في في مؤتمر روما الدبلوماسي(2)، لأن حرمان المحكمة من النظر في هذه الجريمة يعدّ، حسب هذه الدول، بمثابة الرجوع إلى الوراء، بعد التقدم الذي حققه القضاء الدولي لمحاكم نورمبورغ وطوكيو (3).
وأُقر النظام الأساسي للمحكمة (4) ، دون أن تتوصل الدول المشاركة في مؤتمر روما إلى وضع
تعريف لجريمة العدوان.
ومن بين أسباب إخفاء الدول المشاركة في مؤتمر روما، في وضع تعريف لجريمة العدوان، هي كيفية التوفيق بين مسؤولية مجلس الأمن في صون السلم والأمن الدوليين وفي إقرار وقوع جريمة العدوان من جهة، ومسؤولية المحكمة في تقرير المسؤولية الجنائية الفردية عن نفس الجريمة، من جهة أخرى(5). ويبدو أنّ النظام الأساسي قد أجل اختصاص المحكمة بالنظر في جريمة العدوان حتى يتم الاتفاق
على تعريفها، ويتم تعديله وفقاً لما تقضي به المادتين 121، 123 منه(6).
وبالتالي، لن يحدث إنعقاد إختصاص المحكمة بخصوص هذه الجريمة إلا بعد الوصول إلى تعريف لها، ولن تكون قادرة على محاكمة الأفراد مرتكبي هذه الجريمة إلا بعد أن تتفق الدول الأطراف للمعاهدة على تعريف هذه الجريمة، وهذا ما إستنادا لما تنص عليه المادة 02/5 من نظامها الأساسي(7).
وهذا ما تم فعلا، حيث أجلت الدول المشاركة في مؤتمر روما الفصل في تعريف العدوان، وإتفقت على متابعة أعمال إعداد مشروع خاص بذلك، وتحديد شروط ممارسة الإختصاص وإجراءات سير الدعوى أمام المحكمة، بالإضافة إلى إعداد أركان الجريمة، مع إلتزامها بالأحكام الواردة في ميثاق الأمم المتحدة لهذا الغرض(8).
وبناء على ذلك، وبموجب الفقرة (و) من الوثيقة الختامية لمؤتمر روما الدبلوماسي، فقد أناطت مهام إعداد تعريف العدوان للجنة التحضيرية(9)، والتي لم تتمكن بدورها من تحديد تعريف جريمة العدوان في جلساتها العشرة (10).

وفي هذا الإطار، تعدّدت محاولات وضع تعريف للعدوان، وأهمها التعريف الوارد في القرار رقم 3314(1974)، والذي اتخذته الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة (20)، ومشروع تعديل النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهي كلها محاولات تنصب على تجريم عمل العدوان، ومعاقبة الدول أو الأفراد الذين يقترفون هذه الجريمة(المطلب الأول).
ومن خلال تعريف العدوان نستخلص أهم أركان هذا العمل غير المشروع أو هذه الجريمة الدولية، لا تخرج عن أركان الجرائم الدولية الأخرى التي تختص المحكمة بالنظر فيها، لكونها يتوفر فيها الركن المادي، المعنوي، والشرعي(المطلب الثاني).
وهي
المطلب الأول: تعريف جريمة العدوان في ظل النظام الأساسي
بقيت مسألة تعريف جريمة العدوان محل نقاش مستفيض بين الدول، وكانت من ضمن أهم النقاط التي عرقلت المحاولات السابقة المتعددة لإنشاء المحكمة، وهذا نظرا لحساسية المسألة وإختلاف الدول حول دور مجلس الأمن في إقرار وقوع الجريمة(21).
وتقدمت الدول أمام اللجنة التحضيرية الخاصة بجريمة العدوان بعدة مقترحات حول عناصر الجريمة، ودور المجلس في مواجهتها وشروط ممارسة المحكمة لاختصاصها على هذه الجريمة. وإنقسمت آراء هذه الدول إلى ثلاث مواقف، منها المقترح الأمريكي والذي تسانده الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وإقتراح ألمانيا الذي تسانده دول الإتحاد الأوربي (22)، وإقتراح الدول العربية، والذي لاقى قبولا من عدة دول خاصة منها الدول النامية(23).
جاءت كل محاولات تعريف العدوان متطابقة مع أحكام ميثاق الأمم المتحدة، حيث لم تخرج عن إطاره، وهي تعترف كلها بأن العدوان يتميز بكونه عمل غير مشروع ويخالف إلتزام دولي مستمد من قاعدة آمرة للقانون الدولي العام، والتي تتمثل في: منع إستخدام القوة والتهديد بإستعمالها (24).
وتدور، حاليا، كل المناقشات حول هذا الموضوع على أساس أن العدوان هو فعل غير مشروع ترتكبه الدولة(الفرع الأول)، وبأنّه جريمة دولية يرتكبها القادة السياسيين أو العسكريين داخل هذه الدولة، وتختص بالنظر فيها المحكمة الجنائية الدولية(الفرع الثاني).
وهذا ما يظهر جليا في التعديل الوارد على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والذي إعتمده المؤتمر الإستعراضي لجمعية الدول الأطراف، حيث جعل من عمل العدوان جريمة دولية يرتكبها الشخص أو الأشخاص الذين يتحكمون في العمل السياسي أو العسكري داخل الدولة أو من توجيهه، وتختص المحكمة بالنظر فيها (25)، وعمل غير مشروع ترتكبه الدولة بإستعمالها للقوة المسلحة ضد السلامة الإقليمية أو الإستقلال السياسي لدولة أخرى، وفقا لما يقضيه القرار رقم 3314 والمؤرخ في 14 ديسمبر
.(26) 1974
الفرع الأول: العدوان فعل صادر عن الدولة
(أ) قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى أو الهجوم عليه، أو أي احتلال عسكري، ولو مؤقتا، ينجم عن مثل هذا الغزو أو الهجوم، أو أي ضم لإقليم دولة أخرى أو لجزء منه باستعمال القوة؛ (ب) قيام القوات المسلحة لدولة ما بقذف إقليم دولة أخرى بالقنابل، أو استعمال دولة ما أية أسلحة ضد إقليم دولة أخرى؛
(ج) ضرب حصار على موانئ دولة ما أو على سواحلها من قبل القوات المسلحة لدولة أخرى؛ (د) قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية أو البحرية أو الجوية أو الأسطولين التجاريين البحري والجوي لدولة أخرى؛ (ه) قيام دولة ما باستعمال قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بموافقة الدولة المضيفة، على وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها الاتفاق، أو أي تمديد لوجودها في الاقليم المذكور إلى ما بعد
نهاية الاتفاق ؛
(و) سماح دولة ما وضعت إقليمها تحت تصرف دولة أخرى بأن تستخدمه هذه الدوبة لارتكاب عمل عدوان ضد دولة ثابتة؛
(ز) إرسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من قبل دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى بأعمال من أعمال القوة المسلحة تكون من الخطورة بحيث تعادل الأعمال المعددة أعلاه، أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك.
ومراعاة لما يقضي به ميثاق الأمم المتحدة يحتفظ القرار بالسلطة التقديرية لمجلس الأمن في إضافة أعمال أخرى غير المشار إليها في المادة الثالثة من القرار رقم (3314(1974)(32)، وهذا ما تأكده المادة 6 منه، والتي تنص على أنّه:
" ليس في هذا التعريف ما يجوز تأويله على أنه توسيع أو تضييق بأية صورة لنطاق الميثاق، بما في ذلك أحكامه المتعلقة بالحالات التي يكون استعمال القوة فيها قانونيا".
وفي كل الأحوال، لا يمكن للدول أن تتخذ الإعتبارات السياسية أو الإقتصادية أو العسكرية، أيا كانت طبيعتها، كمبررات لارتكاب عدوان، حيث تعتبر الحرب العدوانية جريمة ضد السلم الدولي وترتب المسؤولية الدولية.
رغم أهمية الخطوة التي إتخذتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أنّ القرار يبقى مجرد توصية لا تتمتع بالقيمة القانونية الملزمة، ولا تضع أي إلتزامات قانونية على عاتق الدول أو أجهزة الأمم
المتحدة (33).
وكما يجوز لمجلس الأمن عدم التقيد بها، سواء بإتخاذه لقرار وجود حالة عدوان غير واردة في التوصية أو عدم وجودها، وهذا لو كانت واردة ضمن القائمة التي تضمنتها التوصية، لأنه هو صاحب القرار النهائي في إستخلاص وقوع عمل من أعمال العدوان(34)، إستنادا للمادة 39 من ميثاق الأمم
المتحدة (35).





أحمد قاسم الحميدي" المحكمة الجنائية الدولية, أطروحة دكتوراه . جامعة محمد الخامس . الرباط 2001.

د: براء منذر كمال عبد اللطيف, علاقات المحكمة الجنائية الدولية" بحث مقدم إلى مؤتمر التنمية البشرية و الأمن في عالم متغير . جامعة الطفيلية - تكريت- العراق 2007.

- الوثائق الرسمية لجمعية الدول الأطراف في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية, الدورة الثامنة لاهاي ( icc-asp/8/20) 

د: ضاري خليل محمود و د: باسيل يوسف : المحكمة الجنائية هيمنة القانون أم قانون الهيمنة. منشأة المعارف, الإسكندرية, 2008.

- ياسين سيف عبد الله الشيباني: التضامن الدولي في مواجهة العدوان( دراسة في مدى فعالية نظام الأمن الجماعي الدولي) أطروحة دكتوراه. جامعة القاهرة.1997.

التسميات: