الجمعة، 29 نوفمبر 2024

الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية - تقييم عملية الرقابة

 



مقدمة:

تعد الصفقات العمومية من أهم الأدوات التي تستخدمها الدول لتلبية احتياجاتها العامة من خلال عقد اتفاقات مع مؤسسات القطاع الخاص. وفي هذا السياق، تبرز أهمية الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية باعتبارها أداة قانونية فعالة لضمان سلامة الإجراءات التعاقدية، تحقيق الشفافية، والحفاظ على المال العام. على الرغم من الأطر القانونية التي تم وضعها لتنظيم الصفقات العمومية، إلا أن ضمان فعالية الرقابة الداخلية يبقى من المواضيع التي تثير تساؤلات عدة حول مدى تأثيرها على نزاهة وشفافية الإجراءات المتبعة في إدارة تلك الصفقات.

لقد شهدت التشريعات القانونية في العديد من الدول تحولات كبيرة من أجل ضمان تنظيم رقابي فعال على الصفقات العمومية. فقد أقر المشرع في العديد من الأنظمة القانونية في العالم العربي، وبالأخص في الجزائر، مجموعة من النصوص القانونية التي تهدف إلى تنظيم الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية. وتشمل هذه النصوص المرسوم الرئاسي 15-247 الذي يحدد كيفية تنظيم المناقصات العامة، بالإضافة إلى قوانين مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية. تهدف هذه النصوص إلى تنظيم الإجراءات المتبعة، بحيث تضمن توفير بيئة قانونية تؤدي إلى تحقيق العدالة والمساواة بين جميع المتعهدين، وتحد من الفساد المالي والإداري.

من خلال هذا البحث، نسعى للإجابة على الإشكالية الأساسية التالية: كيف يمكن للرقابة الداخلية على الصفقات العمومية أن تساهم في تعزيز فعالية هذه الصفقات وتحقيق الشفافية والمنافسة العادلة والحوكمة؟

وفي ضوء هذه الإشكالية، تطرح بعض الأسئلة الفرعية التي تتمثل في:

1. ما هو مفهوم الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية؟

2. ما هو الإطار التشريعي الذي ينظم الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية؟

3. كيف تعمل لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض على ضمان الرقابة الفعالة؟

4. ما هي الآثار المترتبة على تطبيق الرقابة الداخلية في تعزيز الشفافية وتقليص الفساد؟

وقد اعتمدنا في هذا البحث على المنهج التحليلي: لتحليل النصوص القانونية المعمول بها في مجال الرقابة على الصفقات العمومية واستخلاص المعايير القانونية التي تحكم هذه الرقابة. والمنهج الوصفي: لوصف مختلف المراحل التي تمر بها عملية الرقابة على الصفقات العمومية، وتوضيح دور الرقابة الداخلية في تحقيق الشفافية. والمنهج الاستقرائي: لتحليل تأثير الرقابة الداخلية على فعالية الصفقات العمومية من خلال تقديم انتقادات وتوصيات لتحسين النظام الرقابي.

وقد قسمنا هذا البحث إلى ثلاث مباحث رئيسية يتناول كل منها جانبًا محددًا من جوانب الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية:

1. المبحث الأول: مفهوم الرقابة الداخلية والإطار التشريعي لها

يتناول هذا المبحث التعريف بمفهوم الرقابة الداخلية ودورها في تنظيم الصفقات العمومية، بالإضافة إلى دراسة الإطار التشريعي الذي ينظم هذه الرقابة.

2. المبحث الثاني: الإطار العام للجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض ودورها الرقابي

يركز هذا المبحث على دور لجنة فتح الأظرفة في عملية الرقابة على الصفقات العمومية، مع استعراض مهامها من خلال التركيز على التشكيلة القانونية والمهام الرقابية التي تضطلع بها.

3. المبحث الثالث: تقييم الرقابة الداخلية على فعالية الصفقات العمومية

يتناول هذا المبحث تقييم مدى تأثير الرقابة الداخلية على فعالية الصفقات العمومية من خلال تعزيز الشفافية والمنافسة، ومراقبة تطبيق الحوكمة الرشيدة في إدارة الصفقات.

 المبحث الأول: مفهوم الرقابة الداخلية والإطار التشريعي لها

الرقابة الإدارية الداخلية هي آلية حيوية تضمن فاعلية الأداء المؤسسي وكفاءته من خلال مراقبة الأنشطة والعمليات داخل المؤسسات. تهدف إلى التأكد من الامتثال للقوانين والسياسات، وتحقيق الأهداف المحددة بأعلى مستوى من الشفافية والنزاهة. وتشمل الرقابة الداخلية التحقق من الالتزام بالإجراءات القانونية والإدارية، والتأكد من استخدام الموارد العامة بشكل سليم، مما يساعد على الحد من مخاطر الفساد. تعتمد على أسس تنظيمية واضحة وآليات تقييم مستمرة لضمان فعالية تنفيذ المهام.

المطلب الأول: مفهوم الرقابة الداخلية

الفرع الأول: الرقابة الداخلية في الفقه القانوني

الرقابة الداخلية هي مجموعة من العمليات والسياسات التي تقوم بها الإدارة لضمان تحقيق أهدافها بأعلى مستوى من الكفاءة والشفافية، بينما تتجنب المخاطر وتلتزم بالقوانين المعمول بها. ووفقًا للمفهوم الفقهي، تعتبر الرقابة الداخلية أداة لضمان حسن سير العمل داخل الهيئات والمؤسسات، بهدف مراقبة الأداء في مختلف المجالات (إدارية، مالية، قانونية) وتعزيز النزاهة. تُعنى الرقابة الداخلية بتحقيق الامتثال للقوانين واللوائح، وضمان حماية الموارد العامة، وتوفير الحوكمة الرشيدة داخل المؤسسات ([1]).

تعتمد الرقابة الداخلية على مبدأ تفويض السلطات وتوزيع المهام بين الإدارات المختلفة، لضمان عدم تركز الصلاحيات في يد شخص واحد، مما يحد من مخاطر الفساد والتجاوزات. فهي لا تقتصر فقط على العمليات المالية، بل تشمل جميع الأنشطة الإدارية والتنفيذية داخل المؤسسة. من هذا المنطلق، تعتبر الرقابة الداخلية عملية شاملة تراقب كافة أوجه عمل المؤسسة لضمان التزامها بالخطط والبرامج الموضوعة، وحمايتها من الأخطاء أو الممارسات غير القانونية. ([2])

وفيما يخص الفقه الإداري، يُنظر إلى الرقابة الداخلية على أنها ممارسة ضرورية للمحافظة على التوازن داخل الإدارة، وضمان متابعة دقيقة لكافة الأنشطة التي تندرج ضمن نطاق الصفقات العمومية. وتشمل الرقابة الداخلية في هذا السياق العمليات القبلية والبعدية، بحيث تكون الرقابة القبلية منعًا لتجاوزات قد تحدث أثناء إعداد العروض أو تنفيذ المشاريع، بينما تركز الرقابة البعدية على التقييم والمتابعة المستمرة خلال مراحل التنفيذ لضمان أن المشروع يسير وفق الخطط المحددة.

هذه الرقابة تتطلب وجود آليات متطورة، مثل استخدام الأنظمة الرقمية في متابعة سير العمليات، لضمان الشفافية وتعزيز المساءلة. فالرقابة الداخلية في النهاية هي أداة حيوية لضمان الإدارة الرشيدة للصفقات العمومية وحماية المال العام من أي إهدار أو فساد. ([3])

الفرع الثاني: الرقابة على الصفقات العمومية: الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية هو مفهوم واسع يتعدى مجرد وجود لجنة لفتح الأظرفة وتقييم العقود. فالرقابة الداخلية تشمل جميع الأنشطة المرتبطة بعمليات الصفقات العمومية من مرحلة التفاوض والعروض حتى التنفيذ والوفاء بالعقد.

والرقابة الداخلية: تهدف إلى ضمان الامتثال للقوانين واللوائح ذات الصلة، وتعزز الشفافية والنزاهة في كافة مراحل الصفقة. وتتنوع آليات الرقابة الداخلية لتشمل:

1. الرقابة القبلية: حيث يتم التدقيق في العروض وطرق التقديم قبل التوقيع على العقود، لضمان التزام المتعاقدين بالمعايير القانونية والمالية.

2. الرقابة أثناء التنفيذ: وهي الرقابة الإدارية الداخلية المستمرة خلال مرحلة تنفيذ العقد لضمان أن المشروعات تسير وفقاً للخطط الموضوعة.

3. الرقابة البعدية: حيث يتم التقييم والمتابعة بعد إتمام المشروع، لتحديد مدى التزام الأطراف بشروط العقد وقياس الأداء العام للمشروع.

والرقابة الداخلية تشمل أيضًا جوانب أخرى مثل الرقابة على الأداء المالي والإداري، وكذلك استخدام أنظمة تكنولوجية حديثة لتسهيل رصد العمليات وتحقيق الشفافية، مما يعزز الحوكمة الرشيدة ويحسن إدارة المال العام. لذلك، الرقابة الداخلية على الصفقات لا تقتصر على لجنة فتح الأظرفة فقط، بل تشمل مجموعة واسعة من الممارسات التي تضمن أن كل خطوة في عملية الصفقة تتم بشفافية وكفاءة، وفقًا لما تنص عليه القوانين المحلية والدولية المتعلقة بالصفقات العمومية. ([4])

 المطلب الثاني: الإطار التشريعي للرقابة الداخلية على الصفقات العمومية:

الفرع الأول: الإطار التشريعي لعملية الرقابة على الصفقات العمومية

لقد أفرد المشرع الجزائري في المرسوم 15/247 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام الفصل الخامس للرقابة، مدرجا فيه جملة من الأقسام تحدد مختلف أنواع الرقابة والهيئات الممارسة لها، ومختلف التفاصيل القانونية في 47 مادة، بداية من المادة 156 إلى 202، وهذا ما يعكس أهمية الرقابة على الصفقات العمومية. ([5])

في حين أوضحت المادة 156 من المرسوم 15/247 الإطار العام للرقابة على الصفقات العمومية، والذي يتضمن ممارستها وشموليتها لمختلف مراحل إنجاز الصفقة سواء قبل إبرامها وأثناء تنفيذها وبعد التنفيذ، وصنفت نفس المادة أنواع الرقابة المتمثلة في الرقابة الداخلية، والخارجية، ورقابة الوصاية، وأكدت المادة 157 على أن الصفقات العمومية مهما كان نوعها تخضع لمختلف أنواع الرقابة المنصوص عليها في المادة 156 يتضح من المادة 156 المذكورة سابقا أن المشرع ألزم كل مصلحة متعاقدة، أو سلطتها الوصية، بإنشاء هيئة لممارسة الرقابة على الصفقات العمومية بما يتماشى مع الآليات الرقابية المقررة في الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، وهذا تفاديا لأي اصطدام قد يحدث عند ممارسة تنظیم الرقابة بمختلف صورها. ([6])

الفرع الثاني: الهدف من التشريع للرقابة الداخلية في الصفقات العمومية: يتجلى الهدف من تكثيف آليات الرقابة على الصفقات العمومية بصفة لافتة للنظر، وهو تكريس مبدأ الشفافية في إبرام الصفقات من جهة، ومبدأ الجماعية في اختيار المتعامل المتعاقد من جهة أخرى، مع ضمان المنافسة الشريفة والمشروعة التي تكفل المساواة بين المتنافسين بما يزيل في النهاية كل شبهة عن الصفقة ويحقق هدف ترشيد النفقات العامة. ([7])

لقد عهدت تنظيمات الصفقات العمومية المتعاقبة مهمة الرقابة على الصفقات العمومية في مراحلها الأولى منذ ظهور مصطلح الرقابة الداخلية في مرسوم 82-145 إلى لجنتين منفصلتين تدعيان في صلب الموضوع لجنة فتح الأظرفة ولجنة تقييم العروض، وبقي العمل بنظام اللجنتين إلى غاية صدور المرسوم الرئاسي رقم 15-247 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام. ([8]) أين تم دمج اللجنتين في لجنة واحدة دائمة تحت مسمى لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض.

حيث ألزم المشرع المصالح المتعاقدة بإنشائها وخصص لها المواد من 159 إلى 162 من أجل تنظيمها، وهو ما كرسه القانون الجديد رقم 23-12 المتضمن تحديد القواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية في مادته الوحيدة رقم 96 المتعلقة بالرقابة الداخلية على الصفقات العمومية ([9]) حيث تنص على إنشاء لجنة دائمة واحدة أو أكثر لفتح الأظرفة وتقييم العروض وفي انتظار اللوائح التشريعية المكملة والموضحة للقانون 23-12   فإننا سنرجع إلى أحكام المرسوم رقم 15-247 من أجل دراسة تنظيم اللجنة المتخصصة في الرقابة الداخلية. ([10])

 المبحث الثاني: الإطار العام للجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض ودورها الرقابي

: لقد نصت المادة 160 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247 على تشكيلة لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض التي تتألف من موظفين مؤهلين تابعين للمصلحة المتعاقدة. لدراسة هذه اللجنة كآلية للرقابة الداخلية في مجال الصفقات العمومية، يجب تحديد السلطة المختصة بإنشائها، وطريقة تعيين أعضائها، وشروط اختيارهم، وعددهم، ومدة عضويتهم. ([11])

المطلب الأول: تشكيلة لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض ومهامها

الفرع الأول: تشكيلة لجنة فتح الأظرفة وتقييم العقود.

أولا: العضوية في لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض

1ــ الإطار القانوني المنظم لكيفيات إنشاء اللجنة: بناءً على المادة 160، الفقرة 01، تقوم المصلحة المتعاقدة بإنشاء لجنة دائمة واحدة أو أكثر مكلفة بفتح الأظرفة وتحليل العروض. يتم إنشاء هذه اللجنة بموجب قرار من مسؤول المصلحة المتعاقدة، الذي يُعرف بالأمر بالصرف.

كما يعود لرئيس المصلحة المتعاقدة صلاحية وضع القواعد التي تنظم عمل وسير اللجنة ونصابها في إطار التنظيمات المعمول بها، وهذا ما جاءت به المادة 162 التي نصت على: ( يحدد مسؤول المصلحة المتعاقدة بموجب مقرر، تشكيلة لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض  وقواعد سيرها ونصابها، في إطار الإجراءات القانونية والتنظيمية المعمول بها.(  فإن كانت الصفقات المبرمة على مستوى البلدية على سبيل المثال كان المسؤول عن  إنشاء لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض هو رئيس المجلس الشعبي البلدي و إن كانت تابعة لمديرية الأشغال العمومية فإن مدير الأشغال العمومية هو من يعود له صلاحية  إنشاء هذه اللجنة.([12])

ولم يُلزم المشرع المصلحة المتعاقدة بإنشاء لجنة واحدة، بل يمكنها إنشاء أكثر من لجنة لتقسيم العمل، مما يسهم في تجنب بطء الإجراءات نتيجة تراكم الملفات، خصوصًا في المصالح ذات الصفقات الكثيرة والمتنوعة. ([13])

كما تنص الفقرة 02 من المادة 160 على إمكانية إنشاء لجنة تقنية لدعم لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض من خلال إعداد تقرير تحليل العروض. غير أن النص لم يوضح ما إذا كان إنشاء اللجنة التقنية يتم بناءً على طلب اللجنة الرئيسية أو بقرار من مسؤول المصلحة. ويتبين أن المشرع لم يشترط عضوية اللجنة التقنية على الانتماء إلى المصلحة المتعاقدة، إلا أن هذه اللجنة تُعتبر غير ضرورية في ظل توافر أعضاء تقنيين ضمن لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض نفسها. ([14])

ثانيا: شروط عضوية اللجنة: جاء المرسوم 15/247 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام بأحكام تنظم عضوية لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض، حيث أصبحت الكفاءة شرطًا أساسيًا لاختيار الأعضاء. نصت المادة 160 على أن اللجنة تتشكل من موظفين مؤهلين، على عكس المرسوم رقم 10-236، الذي لم يشترط الكفاءة في عضوية لجنة فتح الأظرفة.

أضاف المشرع شرط أن يكون الأعضاء من موظفي المصلحة المتعاقدة نفسها، مما ألغى ظاهرة تعيين أعضاء من خارج المصالح لأهداف شخصية. هذا التغيير يعزز الشفافية ويحد من تعيين أشخاص لا يمتلكون الكفاءة اللازمة. ([15])

وبالنسبة للجماعات الإقليمية، فإن المجلس المنتخب لا يمكنه تعيين أعضاء في اللجنة، لأن المنتخبين لا يُعتبرون موظفين بل هم في وضعية الانتداب، وفق القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية رقم 06-03. ويظل تحديد عدد أعضاء اللجنة ومدة عضويتهم من صلاحيات مسؤول المصلحة المتعاقدة، إذ لم ينص القانون على الحد الأدنى أو الأقصى للأعضاء. مما يثير التساؤلات حول استقلالية اللجنة وفعاليتها. ([16])

المطلب الثاني: مهام لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض ودورها الرقابي

تُعد لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض من الركائز الأساسية لضمان الشفافية والمصداقية في الصفقات العمومية. تعمل اللجنة وفق هيكلة واضحة تتضمن مرحلتين أساسيتين، تتمثلان في مرحلة فتح الأظرفة ومرحلة تقييم العروض، وذلك وفق الضوابط القانونية المنصوص عليها في المرسوم الرئاسي رقم 15-247.

الفرع الأول: مهام اللجنة في مرحلة فتح الأظرفة: تُعنى اللجنة في هذه المرحلة بتثبيت صحة العروض المودعة وإعداد التقارير الرسمية المتعلقة بها. يشمل ذلك النقاط التالية:

أولا: الإجراءات العامة

1. تثبيت تسجيل العروض: تتحقق اللجنة من أن العروض الواردة تم تسجيلها ضمن السجلات الرسمية للمصلحة المتعاقدة وفق التواريخ والبيانات الصحيحة. ويُعتبر التثبيت الأولي للعروض ضمانة أساسية لإثبات التزام المتعهدين بتقديم عروضهم في الآجال القانونية.

2. إعداد القوائم الرسمية: حيث يتم تصنيف العروض وفق الترتيب الزمني لوصول الأظرفة. وتُعد قائمة واضحة تشمل أسماء المترشحين ومحتويات العروض والمبالغ المالية المقترحة، والتخفيضات المحتملة. ([17])

هذه القوائم تُعد مرجعًا قانونيًا وإداريًا لضمان النزاهة عند استعراض العروض لاحقًا.

3. التوقيع على الوثائق: تتولى اللجنة التوقيع على كافة الوثائق المرفقة بالأظرفة المفتوحة، بما يضمن توثيق كل خطوة بشكل رسمي.

تستثني اللجنة الوثائق التي تحتاج إلى استكمال، ويتم الإشارة إليها ضمن محضر الجلسة ([18]).

4. تحرير محضر الجلسة: يتم خلال الجلسة تحرير محضر رسمي يوثق كل الإجراءات والخطوات، بما في ذلك تسجيل التحفظات والملاحظات المقدمة من الأعضاء. ويُعد هذا المحضر الوثيقة القانونية التي يمكن الرجوع إليها في حالة وجود خلافات أو استفسارات. فقد نصت المادة 71 من المرسوم 247/15 في مطتها الخامسة على أنه يتم تحرير محضر جلسة لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض في حصة الفتح والذي يكون تم التصديق عليه من طرف الحاضرين في الجلسة ويحتوي محضر جلسة لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض في مرحلة فتح العروض على ما يلي:

 - الترقيم الترتيبي المسند لكل عرض.

 - تاريخ وساعة إيداع كل عرض، ومع تحديد الأجل المحدد لاستكمال الوثائق الناقصة عند الاقتضاء.

 - تبيان الوثائق المنصوص عليها في دفتر الشروط أو ملف المنافسة والتي لم يتم تقديمها رفقة كل عرض وأيضا الوثائق الناقصة.

 - تبيان العروض المرفوضة وبيان سبب رفضها.

 - تبيان محتوى العروض المقبولة، و مناقشات وأراء أعضاء اللجنة واقتراحاتهم إن

وجدت. ([19])

5. دعوة المترشحين لاستكمال وثائقهم: تدعو المصلحة المتعاقدة حسب نص المادة 71 من المرسوم 15/247 المتعهدين من أجل استكمال عروضهم التقنية الناقصة وذلك في آجال تم تحديدها بـ 10 أيام وذلك ابتداء من تاريخ فتح الأظرفة حيث أن الوثائق التي تطلبها المصلحة المتعاقدة في دفتر الشروط بالرجوع للمادة 67 من المرسوم 15/247 نجدها تتمثل فيما يلي:

التصريح بالترشيح.

صحيفة السوابق القضائية لا تحتوي على الإشارة "لا شيء".

نسخة من الحكم القضائي إن كانت الشركة في حالة التسوية القضائية.

تصريح بالنزاهة.

القانون الأساسي للشركات.

الوثائق التي تتعلق بالتفويضات للأشخاص بإلزام المؤسسة.

كل وثيقة تسمح بتقييم قدرات المرشحين أو المتعهدين، أو عند الاقتضاء المنوال...

أ. قدرات مهنية: شهادة التأهيل والتصنيف اعتماد وشهادة الجودة عند الاقتضاء.

ب. قدرات مالية وسائل مالية مبررة بالحصائل المالية والمراجع المصرفية.

ج. قدرات تقنية الوسائل البشرية والمادية والمراجع المهنية» ([20])

. الإجراءات الاستثنائية: تقترح اللجنة إعلان عدم جدوى الإجراء إذا كانت العروض غير مستوفية للشروط. وإعادة الأظرفة غير المفتوحة إلى أصحابها. تنص المادة 40 من المرسوم 15/247 في فقرتها الثانية على: «... ويعلن عدم جدوى الإجراء طلب العروض عندما لا يتم استلام أي عرض أو عندما لا يتم الإعلان، بعد تقييم العروض عن مطابقة أي عرض بموضوع الصفقة ولمحتوى دفتر الشروط أو عندما لا يمكن ضمان تمويل الحاجات. وحسب ما جاءت عليه المادة 40 في فقرتها الثانية من المرسوم الرئاسي 15/247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويض المرفق العام فإنه تقترح المصلحة المتعاقدة عند الاقتضاء إعلان عدم جدوى الإجراء وإرجاع الأظرفة التي لم يتم فتحها إلى أصحابها من المتعاملين الاقتصاديين عن طريق المصلحة المتعاقدة. وأيضا تقترح لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض على المصلحة المتعاقدة في حال عدم استلام أي عرض من المتعاملين الاقتصاديين في طلب العروض المعلن عنه وعليه فقد حدد نص فقرة المادة 40 حالات عدم جدوى الإجراء كما يلي: ([21])

حالة عدم استلام أي عرض

حالة عدم تلقي عرض مطابق.

حالة عدم إمكانية ضمان تمويل الحاجات.

ثانيا الإجراءات الخاصة في حال طلب العروض:

طلب العروض هو الإجراء القانوني الأساسي الذي يلجأ إليه المشرّع الجزائري لضمان الشفافية والتنافسية في إبرام الصفقات العمومية، كما ورد في المرسوم الرئاسي رقم 15/247المتعلق بالصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام. ينقسم طلب العروض إلى أربعة أنواع رئيسية، تختلف باختلاف طبيعة المشروع ومتطلباته، بما يحقق التوازن بين الكفاءة والمصلحة العامة.

1 ــ طلب العروض المفتوح: تعد طلبات العروض المفتوحة القاعدة الأساسية لعقد الصفقات العمومية، حيث تسمح لجميع المتقدمين المؤهلين بتقديم عروضهم دون أي قيود مسبقة، وفقاً للمادة 43 من المرسوم الرئاسي 15/247. يرتكز هذا النوع على الإعلان الواسع النطاق عبر وسائل الإعلام لضمان وصوله إلى أكبر عدد ممكن من المتعاملين الاقتصاديين. بعد استلام العروض، تقوم اللجنة بفتح وتقييم هذه العروض استناداً إلى معايير موضوعية تتعلق بالجودة والتكلفة. تهدف هذه العملية إلى تعزيز الشفافية، فتح باب المنافسة للجميع، وضمان اختيار العرض الأمثل لتنفيذ المشاريع بكفاءة. ([22])

2 ــ طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا: جاء طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات دنيا كإجراء يوازن بين الانفتاح على المتعاملين الاقتصاديين وضرورة ضمان كفاءة التنفيذ. عرّفته المادة 44 من المرسوم الرئاسي 15/247 كإجراء يقتصر على المترشحين الذين تتوفر لديهم قدرات مالية أو تقنية أو مهنية محددة مسبقًا من قبل المصلحة المتعاقدة. يتمثّل الهدف من هذا النوع في استبعاد العروض غير المؤهلة وضمان مستوى عالٍ من الأداء، خاصةً في المشاريع الكبرى التي تتطلب خبرة متقدمة وموارد تقنية معقدة. الإجراء يتضمن الإعلان عن الشروط المسبقة بوضوح مع استقبال العروض المؤهلة، وتقييمها لتحديد الأنسب. ([23])

3ــ طلب العروض المحدود: على خلاف النوعين السابقين، يقتصر طلب العروض المحدود، كما نصت المادة 45 من المرسوم 15/247، على فئة مختارة من المترشحين الذين يتم انتقاؤهم مسبقًا بناءً على معايير أهلية محددة. هذا النوع مخصص للمشاريع التي تتطلب خبرات خاصة أو قدرات تقنية متقدمة. يتم الإجراء على مرحلة واحدة إذا كانت الشروط التقنية واضحة ومحددة، أو على مرحلتين في حال عدم قدرة المصلحة المتعاقدة على تحديد هذه الشروط مسبقًا، كما أشارت المادة 46 من نفس المرسوم. يهدف هذا الإجراء إلى تحقيق كفاءة أعلى في اختيار المتعهدين مع تقليل المخاطر المالية والفنية المتعلقة بالمشاريع المعقدة. ([24])

4 ــ المسابقة: تُعتبر المسابقة إجراءً خاصًا يلجأ إليه المشرّع في المشاريع التي تتطلب حلولًا مبتكرة أو تصاميم فنية، كما ورد في المادة 47 من المرسوم الرئاسي 15/247. تُستخدم المسابقة في مجالات الهندسة المعمارية، التهيئة العمرانية، والهندسة التقنية. يتم الإعلان عن المسابقة وتحديد الشروط المطلوبة للمشاركة، وتُقدّم العروض إلى لجنة تحكيم مختصة تختار الأفضل بناءً على معايير تقنية وفنية محددة. تهدف المسابقة إلى تعزيز الإبداع والابتكار، خاصةً في المشاريع التي تتطلب جوانب جمالية وتقنية متميزة، مع ضمان تحقيق متطلبات صاحب المشروع. ([25])

 الأهداف العامة لطلب العروض

تتمثل الأهداف الأساسية للقواعد المنظمة لطلب العروض في تحقيق الشفافية في إبرام الصفقات العمومية من خلال ضمان العدالة في اختيار المتعاملين. كما تهدف إلى تعزيز التنافسية بإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المترشحين المؤهلين للمشاركة. تسعى هذه القواعد أيضًا إلى ضمان جودة تنفيذ المشاريع من خلال اختيار المتعهدين الأكثر كفاءة. بالإضافة إلى ذلك، تهدف القواعد إلى حماية المال العام عن طريق ترشيد الإنفاق وتحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة. ويمثل طلب العروض بأشكاله المختلفة أداة أساسية للإدارة العمومية تضمن من خلالها تحقيق التوازن بين الشفافية والفعالية، مع مراعاة احتياجات المشاريع المختلفة وأهمية الحفاظ على المصلحة العامة.

الفرع الثاني: مهام اللجنة في مرحلة تقييم العروض: يبرز الدور الرقابي للجنة في هذه المرحلة من خلال تقييم العروض واختيار أفضلها، وهو ما يفهم من فحوى المادة 72 من المرسوم المشار إليه. في هذه المرحلة، تقوم اللجنة بالتحليل التقني والمالي للعروض المقدمة، لاختيار العرض الأنسب وفق الشروط والمعايير المنصوص عليها، فطبقا للمرسوم الرئاسي 15-247. تواصل لجنة الفتح مهمتها بعد انتهاء المرحلة الأولى والكشف عن قائمة المتنافسين، وبعنوان التقييم تتولى اللجنة ممارسة المهام المنصوص عليها في المادة 72 سالفة الذكر من المرسوم 15-247. ([26])

فمما سبق، نستنتج أن لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض تمارس رقابة على الإدارة المتعاقدة حين تلجأ إلى منح الصفقة لمؤسسة ، بحيث يجب أن تتوفر فيها القدرة على تنفيذ هذه الصفقة، وللتأكد من هذه القدرات منح قانون الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام الضوء الأخضر للاستعلام والتحري عن القدرات المقدمة من طرف المتعامل المتعاقد، وذلك أثناء مرحلة تقييم العروض بغية أن يكون اختيار هذا المتعامل سديدا وذلك بكل وسيلة قانونية ممكنة  ولكن بالمقابل، فإن المصلحة المتعاقدة ملزمة بأن تراعي خصوصية كل صفقة، كما يجب على الإدارة الأخذ بعين الاعتبار بساطة أو تعقيد الصفقة ففي الحالة الأولى يتم الاعتماد على معايير بسيطة، أما الحالة الثانية فتتطلب الاعتماد على معايير فنية أو معقدة نوعا ما، كمعيار درجة التأهيل و التصنيف والقدرة المالية والمراجع المهنية ذات التصنيفات المرتفعة، وفي بعض الأحيان هي ملزمة بمراعاة معايير أخرى كمعيار خدمة ما بعد البيع في صفقات اللوازم، زيادة على ذلك، فان الإدارة يجب أن تستمد قرارها في منح الصفقة بناء على معطيات مالية وتقنية، مع الالتزام بدفتر الشروط المخصص لكل صفقة عمومية ([27])

وتشمل مهام اللجنة في مرحلة تقييم العروض:

أولا: إقصاء العروض غير المطابقة: بالرجوع لنص المادة 72 من المرسوم الرئاسي 247/15 تتولى اللجنة ممارسة المهام الآتية: «... - إقصاء الترشيحات والعروض غير المطابقة لمحتوى دفتر الشروط طبقا لأحكام هذا المرسوم. وفي حالة الإجراءات التي لا تحتوي على مرحلة انتقاء أولي، لا تفتح أظرفة العروض التقنية والمالية للخدمات، عند الاقتضاء المتعلقة بالترشيحات المقصات.

1 ـ تحليل العروض الباقية في مرحلتين على أساس المعايير والمنهجية المنصوص عليها في دفتر الشروط.

وتقوم في مرحلة أولى بالترتيب التقني للعروض التي لم تتحصل على العلامة الدنيا اللازمة المنصوص عليها في دفتر الشروط.

وتقوم في مرحلة ثانية بدراسة العروض المالية للمتعهدين الذين تم تأهيلهم الأولي تقنيا، مع مراعاة التخفيضات المحتملة في عروضهم...». حيث تحلل لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض العروض على مرحلتين وهما:

2: مرحلة التأهيل التقني:

تقوم اللجنة في هذه المرحلة بترتيب العروض من الناحية الفنية والتقنية، وهذا للتأكد من مطابقتها مع المواصفات والشروط المعلن عنها في دفتر الشروط بالاعتماد على عدة أسس ومعايير، ويتم التحليل على أساس التنقيط ([28]) الذي عادة ما يكون على 100 وهذا ما جاءت به المادة 78 من المرسوم 15/247 التي نصت على: (يجب أن تكون معايير اختيار المتعامل المتعاقد ووزن كل منهما، مرتبطة بموضوع الصفقة وغير تميزية مذكورة إجباريا في دفتر الشروط الخاص بالدعوة للمنافسة ويجب أن تستند المصلحة المتعاقدة لاختيار أحسن عرض من المزايا الاقتصادية. مستندة إلى عدة معايير هي: النوعية. - آجال التنفيذ أو التسليم. - السعر والكلفة الإجمالية للاقتناء والاستعمال. - الطابع الجمالي والوظيفي. - النجاعة المتعلقة بالجانب الاجتماعي، لترقية الإدماج المهني للأشخاص المحرومين من سوق الشغل والمعوقين والنجاعة المتعلقة بالتنمية المستدامة. - القيمة التقنية. الخدمة بعد البيع والمساعدة التقنية. - شرط التمويل، عند الاقتضاء، وتقليص الحصة القابلة للتحويل التي تمنحها المؤسسات الأجنبية. - ويمكن أن تستخدم معايير أخرى بشرط أن تكون مدرجة في دفتر الشروط الخاص بالدعوة للمنافسة. وإما إلى معيار السعر وحده، إذا سمح موضوع الصفقة بذلك. ولا يمكن أن تكون قدرات المؤسسة موضوع معيار اختيار، وتطبق نفس القاعدة على المناولة. ويمكن أن تكون الوسائل البشرية والمادية الموضوعة تحت تصرف المشروع موضوع معايير اختيار. في إطار الصفقات العمومية للدراسات. يستند اختيار المتعاملين المتعاقدين أساسا إلى الطابع التقني للاقتراحات.. ([29])

3: مرحلة التأهيل المالي: تقوم لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض في هذه المرحلة بفتح الأظرفة التي تحتوي على العروض المالية للمتعهدين الذين تم قبول عروضهم التقنية، حيث تتوصل في الأخير هذه اللجنة إلى ارساء الصفقة على صاحب أحسن عرض من الناحية الاقتصادية ([30]). وهذا ما جاء به نص المادة 72 في فقرتها الثالثة من المرسوم الرئاسي 15/247 والتي نصت على: (تقوم طبقا لدفتر الشروط باقتناء أحسن عرض من حيث المزايا الاقتصادية المتمثل في العرض: 1- الأقل ثمنا من بين العروض المالية للمرشحين المختارين عندما يسمح موضوع الصفقة بذلك. وفي هذه الحالة، يستند تقييم العروض إلى معيار السعر فقط.

2- الأقل ثمنا من العروض المؤهلة تقنيا، إذا تعلق الأمر بالخدمات العادية. وفي هذه الحالة، يستند تقييم العروض إلى عدة معايير من بينها معيار السعر.

3- الذي تحصل على أعلى نقطة استناداً إلى ترجيح عدة معايير من بينها معيار السعر، إذا كان الاختيار قائما أساسا على الجانب التقني للخدماتت). ([31])

ثانيا: إقصاء أو رفض العرض المقبول: للجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض في حصة التقييم العروض إمكانية إقصاء أو رفض العرض المقبول. المادة 78، من المرسوم الرئاسي 15/247، السابق ذكره.

1: إقصاء العروض التي تكون غير مطابقة لما نص عليه دفتر الشروط أو موضوع طلب العروض: كالآتي: نصت المادة 75 من المرسوم الرئاسي 247/15، على حالات الإقصاء وهي (يقصى، بشكل مؤقت أو نهائي من المشاركة في الصفقات العمومية، المتعاملون الاقتصاديين: الذين رفضوا استكمال عروضهم أو تنازلوا عن تنفيذ صفقة عمومية قبل نفاذ أجال صلاحية العروض حسب الشروط المنصوص عليها في المادتين 71، 74 أعلاه. الذين هم في حالة الإفلاس أو التصفية أو التوقف عن النشاط أو التسوية القضائية أو صلح - الذين هم محل إجراء عملية إفلاس أو التصفية أو التوقف عن النشاط أو التسوية القضائية أو صلح. - الذين كانوا محل حكم قضائي حاز قوة الشيء المقضي فيه بسبب مخالفة تمس بنزاهتهم المهنية. - الذين لا يستوفون واجباتهم الجنائية وشبه الجبائية. الذين لا يستوفون الإيداع القانوني لحسابات شركاتهم. الذين قاموا بتصريح كاذب. المسجلون في قائمة المؤسسات المخلة بالتزاماتها بعد ما كانوا محل مقررات الفسخ تحت مسؤوليتهم من أصحاب المشاريع. المسجلون في قائمة المتعاملين الاقتصاديين الممنوعين من المشاركة في الصفقات العمومية، المنصوص عليها في المادة 89 من هذا المرسوم. المسجلون في البطاقية الوطنية لمرتكبي الغش ومرتكبي المخالفات الخطيرة للتشريع والتنظيم في مجال الجابية والجمارك والتجارة. الذين كانوا محل إدانة بسبب مخالفة خطيرة لتشريع العمل والضمان الاجتماع. الذين أخلوا بالتزاماتهم المحددة في المادة 84 من هذا المرسوم...» ([32]). ومن خلال المادة أعلاه نجد أن الإقصاء يتخذ حالتين إما بصفة مؤقتة أو نهائية كما يمكن أن يكون تلقائيا أو بمقرر وهذا حسب ما جاء في نص المادة 02 من القرار الوزاري المؤرخ في 7 ربيع الأول عام 1937 الموافق لـ 19 ديسمبر 2015، الذي يحدد كيفيات الإقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية ([33]).

أ - حالات الإقصاء المؤقت: في هذا الصدد ينقسم الإقصاء المؤقت إلى قسمين إقصاء يتم بصفة تلقائية ولا يتطلب صدور مقرر وإقصاء يثبت بمقرر صادر من الجهة المختصة وهو أيضا حدد حالاته وذلك كما يلي:

- حالات الإقصاء التلقائي: بينت المادة 03 من القرار الوزاري المؤرخ في 19 ديسمبر2015   حالات الإقصاء المؤقت كما يلي: الذين في حالة تسوية قضائية أو الصلح. الذين هم محل إجراء تسوية قضائية أو الصلح. الذين لم يستوفوا واجباتهم الجبائية والشبه جبائية. الذين لم يستوفوا الإيداع القانوني لحسابات شركائهم. الذين تمت إدانتهم بصفة نهائية من قبل العدالة بسبب غش جبائي أو تصريح كاذب أو مخالفة تمس بنزاهتهم المهنية» ([34])

- حالات الإقصاء بموجب مقرر: بينت المادة 04 من المقرر الوزاري المذكور حالات الإقصاء المؤقت بموجب مقرر هنا نكون بصدد أن هذا الإقصاء يحتاج إلى مقرر يثبت الوضعية الصادرة عن الوزير المعني أو الوالي أو مسؤول الهيئة المستقلة ([35]).

أما بخصوص حالاته تتمثل في:

الذين رفضوا استكمال عروضهم وتنازلوا عن تنفيذ صفقة عمومية قبل نفاذ صلاحية العروض بدون سبب مبرر. الذين قاموا بتصريح كاذب. الذين كانوا محل قرار فسخ لصفقاتهم تحت مسؤوليتهم، إلا إذا أثبتوا أن الأسباب التي أدت إلى هذا الفسخ قد زالت. ([36])

ب - مدة الإقصاء المؤقت: جاءت بها المادة 05 من القرار الوزاري وحددتها كما يلي: (يتخذ الإقصاء المؤقت من المشاركة في الصفقات العمومية لمدة:

 - ستة (06) أشهر في الحالات المنصوص عليها في المادة 4 أعلاه.

 - سنة (01) واحدة في حالة التسجيل في قائمة المؤسسات التي أخلت بالتزاماتها.

 - سنتين (02) في حالة الإدانة بصفة نهائية من طرف العدالة بسبب مخالفة تمس بالنزاهة المعنية وبسبب التصريح الكاذب، وفي حالة التسجيل في قائمة المتعاملين الاقتصاديين الممنوعين من المشاركة في الصفقات العمومية). ([37])

ثالثا: الإقصاء النهائي: هو الإقصاء الذي تعود إليه المصلحة المتعاقدة في تنفيذه على المتعاملين المتعاقدين الذين لا تتوفر فيهم الشروط اللازمة والمنصوص عليها في دفتر الشروط والذي بدوره ينقسم إلى قسمين، إقصاء نهائي تلقائي، وإقصاء نهائي بموجب مقرر ([38]).

1- الإقصاء النهائي التلقائي: هذا النوع من الإقصاء لا يتطلب مقرر يثبته لأنه يتوفر

بمجرد ثبوت حالة وضعية الإقصاء.

أ - حالات الإقصاء النهائي التلقائي: ولقد أشارت إليه المادة 7 من القرار الوزاري: يطبق الإقصاء النهائي التلقائي على المتعاملين الاقتصاديين الآتي ذكرهم إلا إذا تم رد الاعتبار لهم حسب الشروط المحددة في التشريع والتنظيم المعمول به.

. الذين هم في حالة إفلاس أو تصفية أو توقيف عن النشاط.  الذين هم محل إجراء الإفلاس أو التصفية أو التوقف عن النشاط. المسجلون في البطاقية الوطنية لمرتكبي الغش ومرتكبي المخالفات الخطيرة للتشريع والتنظيم في مجال الجباية والجمارك والتجارة.

. الأجانب الذين أخلوا بالتزاماتهم المحددة في المادة 84 من المرسوم الرئاسي 15-247 المؤرخ في 02 ذي الحجة عام 1436 الموافق لـ 16 سبتمبر سنة 2015 أعلاه) ([39])

2- الإقصاء النهائي بمقرر: يتطلب الإقصاء النهائي بمقرر إلى إفصاح من الوزير أو الوالي أو مسؤول الهيئة الوطنية المستقلة عن إرادته في إبعاد متعامل ما بعد توفر حالة من حالات الإقصاء المحددة في المادة 08 من القرار المذكور، فقد جاء المرسوم الجديد والقرار الوزاري المطبق به ليطبق مبدأ مكافحة الفساد بكل أنواعه ويقيد كل متعامل وطنيا أو أجنبيا بتطبيق التشريع المعمول به وعلى العموم فإن حق المشاركة مفتوح لكل عارض توفرت فيه الشروط المعلن عنها. ([40])

رابعا: التوصية بإلغاء الصفقة: يرفض العرض المقبول في عدة حالات وهي كالاتي:

 -1 الرفض الناتج عن الهيمنة على السوق:

عرفها المشرع الجزائري لأول مرة في الفقرة "ج" من المادة 03 الواردة في قانون المنافسة بأنها: «هي الوضعية التي تمكن مؤسسة ما من الحصول على مركز قوة اقتصادية في السوق المعني من شأنها عرقلة قيام منافسة فعلية فيه ويعطيها إمكانية القيام بتصرفات منفردة إلى حد معتبر إزاء منافسيها، أو زبائنها، أو ممونيها). الوضع المهيمن هو الذي تكون فيه المؤسسة قادرة على التحكم والتأثير في نشاط السوق، دون اشتراط غياب كامل للمنافسة. أدرج المشرع الجزائري موضوع الاحتكار ضمن المادة 07 من قانون المنافسة إلى جانب التعسف في وضعية الهيمنة على السوق، لتحقيق توازن في العقود المبرمة بين أطراف غير متكافئة في القوة، ومنع إساءة استغلال القوة الاقتصادية للطرف القوي المحتكر. وما يستنتج أن الوضع المهيمن هو الذي تكون فيه المؤسسة قادرة على التحكم والتأثير في نشاط السوق دون مراعاة المنافسة أو غيابها الكامل.

تتشكل معايير تحديد وضعية الهيمنة من مجموعة من المؤشرات الكمية والنوعية التي توفر للمؤسسة المهيمنة قدرة على التحكم والتأثير في السوق، مما يمنحها قوة اقتصادية كبيرة تمكنها من التصرف بشكل مستقل دون الأخذ بعين الاعتبار باقي المنافسين. ([41])

2 الرفض الناتج عن السعر المنخفض بشكل غير عادي:

إذا كان العرض المالي المقبول مؤقتا سعره يبدو منخفضا لدرجة غير طبيعية بالنسبة لمرجع الأسعار فقد أكد المشرع الجزائري خلال المرسوم 15/247 على المصلحة المتعاقدة طلب توضيحات من المتعاقد بخصوص ذلك ومن خلال هذا الإجراء يتم القضاء على بعض التلاعبات التي قد تحصل، حيث أن المشرع أدرج عبارة بالنسبة لمرجع الأسعار كمعيار لمعرفة الأسعار المنخفضة ([42])

 -3 رفض العرض الناتج عن العرض المالي المبالغ فيه:  تقوم لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض في حالة اكتشاف عرض مالي مبالغ فيه باقتراح رفض هذا العرض للمصلحة المتعاقدة. يتم ذلك بالاعتماد على مرجع الأسعار الذي يساعد في تحديد أسعار البنود المرتفعة بشكل غير معتاد في محتوى الكشف الكمي والتقديري المعبأ من طرف المتعاهد الذي تم اختياره مؤقتاً في طلب العروض.

وفقاً للمادة 72 من المرسوم 247/15، تنص على التالي: "إذا أقرت أن العرض المالي للمتعامل الاقتصادي المختار مؤقتاً مبالغ فيه بالنسبة لمرجع الأسعار، تقترح على المصلحة المتعاقدة أن ترفض هذا العرض وترفض المصلحة المتعاقدة هذا العرض بمقرر معلل."

هذا الإجراء يهدف إلى ضمان التزام المتعاهدين بالأسعار المعقولة ومنع أي استغلال مالي غير مبرر. ([43])

الفرع الثالث: نتائج التقييم

تُنهي لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض أعمالها باقتراحات وتحفظات تقدمها إلى المصلحة المتعاقدة، والتي تقرر بناءً على ذلك في مسألة إبرام الصفقة، وفقًا لما نصت عليه المادة 161 من المرسوم الرئاسي 15-147. من المهم الإشارة إلى أن أعمال اللجنة تسفر عن نتائج هامة نوضحها فيما يلي:

أولا: اقتراح المنح المؤقت: يعرف المنح المؤقت بأنه: إجراء إعلامي يتم من خلاله إبلاغ المتعهدين والجمهور بواسطة المصلحة المتعاقدة باختيارها المؤقت وغير النهائي لمتعاقد ما، وذلك استناداً إلى حصوله على أعلى تقييم للعرض المقدم وفقًا للمعايير المدرجة في دفتر الشروط. وقد حددت المادة 65 الفقرة الثانية كيفية الإعلان عن المنح المؤقت للصفقة، بحيث يتم نشر إعلان المنح المؤقت في الجرائد التي نُشر فيها إعلان طلب العروض، مع تحديد السعر وأجل مدة الإنجاز وكل المعايير التي سمحت باختيار صاحب الصفقة، لضمان اطلاع بقية المتعهدين عليه.

 1-   أشكال المنح المؤقت: يأخذ المنح المؤقت ثلاثة أشكال:

أ ــ قرار المنح المؤقت للصفقة: يعتبر هذا القرار غير نهائي ومؤقت، حيث يتم نشره في النشرة الرسمية للصفقات المتعامل العمومي بعد انتهاء الإدارة من مهامها بشأن فتح الأظرفة وتقييم العروض، كما نصت عليه المادة 82 الفقرة الثالثة من المرسوم 247/15.

ب ــ قرار التراجع عن المنح المؤقت: يحدث هذا النوع بعد قيام المتعامل المتعاقد بالاحتجاج على قرار المنح المؤقت الذي صدر عن طريق الإدارة.

ج ــ قرار المنح المؤقت للصفقة المعدل: يُتخذ بناءً على رأي لجنة الصفقات العمومية والتي يتم الاحتجاج إليها. قد يتم اللجوء إلى الفقه في بعض الأحيان، نظرًا لأن المشرع لم يقم بتكييفها قانونياً، بينما قام الفقه بتخصيصها. ([44])

ثانيا: الأثار القانونية الناتجة عن عملية التقييم

إن المنح المؤقت للصفقة يوفر حماية للمتعاملين من خلال إعطائهم حق الطعن أمام لجنة الصفقات، كما يحمي الإدارة المتعاقدة ويبعدها عن الشبهات. وسنوضح ذلك فيما يلي:

1 ــ حق المتعهد في الطعن

يمكن تقديم الطعن في المنح المؤقت في حالتي المسابقة وطلب العروض عند نهاية الإجراء، وفقًا لما جاء في المادة 82 الفقرة الأولى من المرسوم 247/15. ينص المرسوم على أن الطعن يرفع لهيئة محايدة وخارجية ليست تابعة للجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض. ألزم المرسوم المصلحة المتعاقدة بأن تدرج في إعلان المنح المؤقت نتائج العروض التقنية والمالية لصاحب الصفقة ورقم تعريفه الجبائي عند الاقتضاء، وفقاً للفقرة الثانية من المادة 82 من المرسوم 247/15. ([45])

2ــ شروط وإجراءات الطعن أمام لجنة الصفقات العمومية

نصت المادة 82 على حق الطعن، وأعطت للمتعهدين الحق في تقديمه أمام لجنة الصفقات المختصة قبل اللجوء إلى القضاء الإداري. يتخذ الطعن شكل كتابي يتضمن الوقائع وتحديد المفصل للطلبات مع إبراز الأسباب التي يرى بأن المنح المؤقت انحرف فيها. يتم تقديم الطعن فردياً وليس جماعياً، خلال عشرة (10) أيام من تاريخ أول نشر لإعلان المنح المؤقت، وفقًا للمادة 82 من المرسوم الرئاسي رقم 247/15. ([46])

المبحث الثالث: تقييم الرقابة الداخلية على فعالية الصفقات العمومية

الرقابة الداخلية للصفقات العمومية تعتبر أداة حيوية لضمان تنفيذ الشروط القانونية والإدارية بالشكل الأمثل. يتناول هذا المبحث تأثير الرقابة الداخلية على فعالية تنفيذ الصفقات العمومية، وذلك في إطار تعزيز الشفافية والمنافسة، بالإضافة إلى تحقيق مبدأ الحوكمة الرشيدة. يهدف هذا المبحث إلى تحليل دور الرقابة الداخلية في تطبيق هذه المبادئ ومدى تأثيرها على نتائج الصفقات العمومية.

المطلب الأول: تعزيز الشفافية والمنافسة في الصفقات العمومية

تعتبر الشفافية والمنافسة من المبادئ الأساسية التي تدعم فعالية الصفقات العمومية، حيث تسهم الرقابة الداخلية في تعزيز هذين المبدأين عبر مجموعة من الإجراءات القانونية والتنظيمية التي تضمن نزاهة العملية التعاقدية.

الفرع الأول: تحقيق الشفافية عبر التشريعات

الشفافية هي جوهر الحوكمة الرشيدة، ولا يمكن أن تتم الصفقات العمومية بفعالية دون وجود نظام شفاف يكفل لجميع الأطراف المعنية وضوح الإجراءات وتكافؤ الفرص. بناءً على المرسوم الرئاسي 15-247 ([47])، الذي يضع إطاراً قانونياً لإجراءات فتح الأظرفة وتقييم العروض، تفرض الرقابة الداخلية شروطاً مشددة لضمان أن كل من يتقدم بعرض يعرف المعايير التي ستقيم عليها العروض، كما يتم إعلام جميع المتعاملين بمراحل تنفيذ الإجراءات. المشكلة هنا تكمن في أن الشفافية لا تتحقق بشكل كامل في بعض الحالات التي يتيح فيها المرسوم بعض الاستثناءات أو المجاملات في تفسير النصوص القانونية، ما يؤدي إلى تأثير سلبي على نزاهة العملية. إلا أن الرقابة الداخلية المقررة في النصوص القانونية تهدف بشكل أساسي إلى الحد من هذه الثغرات، خاصة عبر تدابير مثل إشراف لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض التي تضمن عملية تفتيش دقيقة لمستندات العروض المالية والفنية. ([48])

فبموجب قانون الوقاية من الفساد ومكافحته. ([49])  يتم وضع قواعد للشفافية التي تلزم بإجراء مناقصات علنية تضمن حرية الوصول للطلبات العمومية، مع التأكيد على ضرورة تقديم العروض عبر طرق رسمية ومراقبة تنفيذ الإجراءات. يضع هذا القانون الإطار الضروري لضمان أن جميع الإجراءات تلتزم بالشفافية منذ اللحظة الأولى للإعلان عن المناقصة، وصولاً إلى مرحلة تقديم العروض وتقييمها.

الفرع الثاني: تشجيع المنافسة العادلة بين المتعهدين

المنافسة العادلة تضمن تحسين جودة الخدمات المقدمة في الصفقات العمومية، حيث توفر مجالاً أكبر للمتنافسين لتقديم عروض متنوعة تلبي احتياجات الإدارة العمومية. وفقاً للمرسوم الرئاسي 15-247، يتم تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص من خلال رقابة صارمة تضمن أن جميع المتنافسين يتعاملون وفق نفس المعايير، مما يعزز من المنافسة الشريفة.

القانون الجزائري يركز على مكافحة الاحتكار أو تفضيل متعامل اقتصادي معين على حساب الآخرين. النصوص القانونية تشدد على ضرورة منع أي نوع من التحيز أو المحاباة في عملية تقديم العروض. حيث يتضح من أن قانون الوقاية من الفساد قد أضاف آليات للمراقبة على المنافسة بين المتعاملين الاقتصاديين. فالمادة 91 من المرسوم الرئاسي تُلزم الإدارة باحترام مبدأ تكافؤ الفرص بين المتعهدين، حيث يحظر منح الصفقة لمتعهد واحد دون توفر الشروط التي تضمن المنافسة النزيهة بين العروض. ([50])

من خلال هذه الرقابة، يتم مراقبة الإجراءات التي تضمن ألا يتقدم متعهد واحد بعروض على حساب آخرين من خلال فحص دقيق لملفات العروض، مما يعزز من فعالية الصفقات العمومية بشكل عام. ([51])

المطلب الثاني: مراقبة تطبيق الحوكمة الرشيدة في الصفقات العمومية

تعتبر الحوكمة الرشيدة أحد الأهداف الأساسية للرقابة الداخلية على الصفقات العمومية، حيث تهدف الرقابة الداخلية إلى تطبيق ممارسات تدعم النزاهة والشفافية في إجراء الصفقات العمومية وتنفيذها. يتناول هذا المطلب دور الرقابة الداخلية في تعزيز مبدأ الحوكمة الرشيدة من خلال تشريعات محددة وآليات تنفيذية.

الفرع الأول: حوكمة الصفقات العمومية

حوكمة الصفقات العمومية تتطلب رقابة دقيقة على كافة مراحل إبرام الصفقة بدءاً من إعداد الوثائق والمستندات، وصولاً إلى مرحلة التقييم والتنفيذ. يبرز دور الرقابة الداخلية بشكل أساسي في التأكد من أن كافة الإجراءات تتبع معايير حوكمة صارمة تضمن شفافية التقييم وعدم التلاعب. كما ورد في النص ([52])، تم إقرار رقابة شاملة تبدأ بتشكيل لجان مخصصة تتعامل مع الشفافية في إجراءات التقييم والفتح، مروراً بتقييم العروض الفنية والمالية. والمسؤولية تقع على عاتق الإدارة العمومية التي تقوم بتطبيق الحوكمة من خلال محاربة أي نوع من الفساد أو استغلال السلطة، مما يضمن بقاء النظام قويًا ومنظمًا. فالملاحظ أن الرقابة الداخلية تعمل على ضمان أن العملية التعاقدية تُنفذ وفقاً لمعايير العدالة والنزاهة التي تضمن حق جميع الأطراف المعنية وتمنع التلاعب.

 تتضمن الحوكمة الرشيدة في الجزائر تطبيق الرقابة الداخلية على عمليات الصفقات العمومية من خلال تبني معايير ومبادئ الشفافية والنزاهة، ومكافحة الفساد في المعاملات العامة. يساهم قانون الوقاية من الفساد في تقوية هذه الحوكمة عبر التأكيد على ضرورة تحديد مسؤوليات واضحة وتقارير دورية بشأن تطبيق القوانين ذات الصلة.

الفرع الثاني: أثر الرقابة الداخلية على الحد من الفساد

تسهم الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية بشكل مباشر في الحد من الفساد المالي والإداري. من خلال قانون الوقاية من الفساد ومكافحته ([53])، يتم التأكيد على ضرورة إبلاغ الجهات المختصة عن أي حالة لتعارض المصالح. تعمل الرقابة الداخلية على منع التلاعب في الإجراءات من خلال تحقيق معايير موضوعية في التقييم والاختيار. تحظر هذه النصوص أي نوع من الاستغلال الشخصي للأموال العامة وتلزم المتعاملين بتوقيع تصريح بعدم تعارض المصالح، ما يعزز من فعالية الرقابة.

تعزز الرقابة الداخلية في الصفقات العمومية ممارسات الشفافية من خلال القواعد التي تفرضها على الفتح العلني للأظرفة والموافقة على العروض بعد تقييم دقيق. يحظر المرسوم الرئاسي والعديد من النصوص القانونية تعديل أو تغيير العروض بعد فتح الأظرفة، مما يمنع أي نوع من التلاعب أو التحايل. بذلك تساهم الرقابة الداخلية في ضمان أن جميع الإجراءات تتم بشفافية، ما يعزز من مبدأ النزاهة ويمنع حدوث فساد داخل النظام. ([54])

خاتمة:

تبرز الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية كأداة أساسية لضمان الشفافية والنزاهة في إدارة الأموال العامة، حيث يشكل الإطار التشريعي والتنظيمي الذي يحكم هذه الرقابة حجر الزاوية في الوقاية من الفساد وضمان سير العمليات الإدارية بفاعلية. من خلال هذا البحث، بينا أن التشريعات الجزائرية تحاول تنظيم هذه الرقابة على نحو يضمن الكفاءة، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تحد من فعاليتها في التطبيق.

 تناول البحث دور لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض، وأظهرت النتائج أن هذه اللجنة تمثل عنصرًا محوريًا في ضمان تنفيذ القوانين المعتمدة والمنافسة العادلة بين المتعهدين، وهو ما يساهم في تحسين جودة الصفقات العمومية. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض المعوقات التي قد تعرقل عملية الرقابة الداخلية، مثل نقص التدريب الكافي للأطراف المعنية، إضافة إلى بعض الثغرات في تطبيق التشريعات.

نتائج البحث:

1- أن الرقابة الداخلية تساهم بشكل كبير في تحقيق الشفافية وتعزيز المنافسة بين المتنافسين، مما يؤدي إلى رفع مستوى الخدمات العامة.

2- ضرورة تحديث التشريعات المرتبطة بالرقابة الداخلية لتواكب المتغيرات الاقتصادية والإدارية، بما يعزز قدرتها على مواجهة الفساد.

3ــ للجنة فتح الأظرفة دور هام في ضمان سير عملية تقييم العروض وفقًا للمعايير القانونية، وهو ما يضمن نزاهة العمليات التعاقدية.

4 ــ. الحاجة إلى آليات فعالة للطعن لتمكين المتعهدين من ضمان حقوقهم في عمليات التقييم، وهو ما يعزز الثقة في عملية اتخاذ القرارات.

5ــ  تحديات تطبيق الحوكمة: على الرغم من وجود التشريعات التي تدعم الحوكمة الرشيدة، فإن تطبيق هذه المبادئ يبقى محدودًا، مما يستدعي تحسين آليات الرقابة.

التوصيات:

ـ ضرورة تطوير آليات الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية لتشمل تحديثات تشريعية وتقنية تواكب التطورات الحاصلة في المجال الاقتصادي والإداري.

ـ من الضروري زيادة برامج التدريب لكافة الأطراف المعنية بتنفيذ الرقابة على الصفقات العمومية، لضمان فهمهم الكامل لكافة الإجراءات والمتطلبات القانونية.

ـ تحسين طرق وآليات الطعن: يجب العمل على تعزيز آليات الطعن في نتائج التقييم، لضمان تمكين المتعهدين من الدفاع عن حقوقهم بفعالية.

ـ من الأهمية بمكان في مجال الرقابة توسيع التعاون بين الهيئات الحكومية لمراقبة الصفقات العمومية، بهدف تحقيق الرقابة المستدامة وحماية المال العام.

ـ استغلال التكنولوجيا في الرقابة: من المهم استخدام التقنيات الحديثة لتطوير منصات إلكترونية تسهم في تسهيل عملية تقديم العروض وتقييمها، مما يزيد من الشفافية ويقلل من احتمالات الفساد والمسارعة نحو الرقمنة وتقريب الإدارة من المواطن

ـ مراجعة معايير تقييم العروض: ينبغي أن يتم النظر في تطوير معايير تقييم العروض المقدمة في صفقات العمومية لتكون أكثر دقة وموضوعية، مما يساهم في تحسين نتائج الصفقات وتقليل الهدر المالي


   -(1) خليفي عبد الكريم : آليات الرقابة الداخلية للصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام في ضوء المرسوم التشريعي 15-247، مجلة أبعاد اقتصادية، العدد7. جامعة أمحمد بوقرة، بومرداس، الجزائر،2017، ص 358.

   -(2) عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية طبقا للمرسوم ،15-247 ، ط السادسة، القسم الأول، جسور للنشر والتوزيع، الجزائر، ص: 323.

   -(1) خليفي عبد الكريم: آليات الرقابة الداخلية للصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام في ضوء المرسوم التشريعي 15-247. مرجع سابق، ص: 358.

   -(1) بن صابر فتيحة: الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية، وفقا للمرسوم 15-247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، مجلة الاجتهاد القضائي، ، جامعة محمد خيضر. بسكرة، الجزائر المجلد 12، العدد 22، 2020 ص 282.

   -(1) خليفي عبد الكريم: آليات الرقابة الداخلية للصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام في ضوء المرسوم التشريعي 15-247. مرجع سابق ص359..

   -(1) دميري إيمان ، مانع جمال عبد الناصر: دور لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض في حوكمة إبرام الصفقات العمومية،  مجلة الاستاذ الباحث للدراسات القانونية و السياسية، مجلد 05، العدد 02، 2020، ص: 172.

   -(1) دميري إيمان ، مانع جمال عبد الناصر، المرجع السابق، ص: 171

   -(1) المرسوم الرئاسي رقم 15-247 الصادر 2015/09/16 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام. العدد 50 من الجريدة الرسمية، 2015..

   -(1) القانون رقم 23-12 ، المؤرخ في 5 أغسطس سنة 2023، المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية، في العدد 51 من الجريدة الرسمية، ليوم 6 أغسطس 2023.

   -(1) بورنان حمزة، سالمي مصعب: النظام القانوني للجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض في منظومة الصفقات العمومية، مذكرة مقدمة لنيل شهادة ماستر أكاديمي تخصص قانون إداري. جامعة محمد بوضياف المسيلة، 2024. ص: 08.

   -(1) بلباي إكرام: دور لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض طبقا للمرسوم 15-247 مجلة المستقبل للدراسات القانونية والسياسية المجلد 05، العدد 02، جامعة عبد الحميد بن باديس، مستغانم الجزائر،2021،ص: 54.

   -(1) رفيقة يوسفي، فاطمة الزهراء طق: النظام القانوني للجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض في ظل المرسوم 247-15، مذكرة ماستر قانون إداري، جامعة العربي التبسي، تبسة الجزائر، 2023، ص: 09.

   -(1) بن صابر فتيحة: الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية، وفقا للمرسوم 15-247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام ، مرجع سابق، 284.

   -(1) بلباي إكرام: دور لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض طبقا للمرسوم 15-247 ،مرجع سابق، ص: 55.

   -(1) عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية طبقا للمرسوم ،15-247 مرجع سابق، ص: 324.

   -(1) بن صابر فتيحة: الرقابة الداخلية على الصفقات العمومية، وفقا للمرسوم 15-247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام ، مرجع سابق، ،ص 285.

   -(1) جليل مونية، المنافسة في الصفقات العمومية في الجزائر، أطروحة دكتوراه، جامعة الجزائر1-،2015 ص:171.

   -(1) منال حليمي، تنظيم الصفقات العمومية و ضمانات حفظ المال العام في الجزائر، أطروحة دكتوراه، جامعة قاصدي مرباح ورقلة، 2016، ص: 17.

   -(1) ميلودي فتيحة: الأليات القانونية لتكريس مبدأ الشفافية في عملية إبرام الصفقات العمومية، أطروحة دكتوراه، جامعة عين تموشنت، الجزائر، 2024.ص:125.

   -(1) ميلودي فتيحة: الأليات القانونية لتكريس مبدأ الشفافية في عملية إبرام الصفقات العمومية،، مرجع سابق، ص 126

   -(1) جليل مونية، المنافسة في الصفقات العمومية في الجزائر، مرجع سابق. ص: 119

   -(1) لكساسي سيد أحمد: أسلوب طلب العروض كقاعدة لابرام الصفقات العمومية في التشريع الجزائري   Journal of Economic Growth and Entreprenership. العدد 2. سنة 2019. ص:  82.

   -(1) ) لكساسي سيد أحمد: أسلوب طلب العروض كقاعدة لابرام الصفقات العمومية في التشريع الجزائري، مرجع سابق ، ص: 83

   -(1) عبد الله كنتاوي، أسلوب طلب العروض المحدود في تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام مجلة العلوم القانونية والسياسية، جامعة الوادي، الجزائر المجلد 10. العدد 01 أبريل 2019،ص: 1719.

   -(1) عبد الغني بلكور، القواعد التي تنظم فتح الأظرفة وتقييم العروض في طلب العروض المحدود والمسابقة، المجلة الأكاديمية للبحث القانوني، المجلد 17، العدد01. 2018، ص:408.

   -(1) عبد الغني بلكور، القواعد التي تنظم فتح الأظرفة وتقييم العروض في طلب العروض المحدود والمسابقة، مرجع سابق، ص409.

   -(1) خليفي عبد الكريم: آليات الرقابة الداخلية للصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام في ضوء المرسوم التشريعي 15-247، ص 364.

   -(1) جليل مونية، المنافسة في الصفقات العمومية في الجزائر ، مرجع سابق، ص:169.

   -(1) المادة 78. المرسوم الرئاسي رقم 15-247 الصادر 2015/09/16 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، مرجع سابق

   -(1) عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية طبقا للمرسوم ،15-247 ، مرجع سابق، ص 337.

   -(1) المادة 72. المرسوم الرئاسي رقم 15-247 الصادر 2015/09/16 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، مرجع سابق

   -(1) المادة 75 المرسوم الرئاسي رقم 15-247 الصادر 2015/09/16 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، مرجع سابق

   -(1) القرار الوزاري المؤرخ في 7 ربيع الأول عام 1937 الموافق لـ 19 ديسمبر 2015، الذي يحدد كيفيات الإقصاء من المشاركة في الصفقات العمومية. الجريدة الرسمية رقم 17- سنة 2016.

   -(1) القرار الوزاري المؤرخ في 7 ربيع الأول عام 1937 الموافق لـ 19 ديسمبر 2015، المرجع نفسه.

   -(1) عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية طبقا للمرسوم ،15-247، مرجع سابق، ص: .305

   -(1) مادة 4 من القرار الوزاري السابق.

   -(1) المادة 05 من القرار الوزاري المؤرخ في 7 ربيع الأول عام 1937 الموافق لـ 19 ديسمبر 2015، مرجع سابق.

   -(1) عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية طبقا للمرسوم ،15-247، مرجع سابق، ص: .305.

   -(1) المادة 07 من القرار الوزاري المؤرخ في 19 ديسمبر 2015، مرجع سابق.

   -(1) عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية طبقا للمرسوم ،15-247 مرجع سابق، ص: .307.

   -(1) بن عبد القادر زهرة.: حماية مبدأ المنافسة من التعسف في استغلال وضعية الهيمنة على السوق - دراسة تحليلية في التشريع الجزائري على ضوء نظيره الفرنسي" ، مجلة الدراسات القانونية المقارنة، مجلد 05، العدد01، 2019. ص: 38-39.

   -(1) محمد بن يطو، عبد الحميد قرين، » الرقابة الداخلية للصفقات العمومية بين النظري والتطبيق دراسة تحليلية  للنصوص القانونية . من مذكرة ماستر – رفيقة يوسفي، فاطمة الزهراء طق: النظام القانوني للجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض في ظل المرسوم 247-15، مرجع سابق. ص 62.

   - (1) محمد بن يطو، عبد الحميد قرين، » الرقابة الداخلية للصفقات العمومية بين النظري والتطبيق دراسة تحليلية للنصوص القانونية.  من مذكرة ماستر لـ: رفيقة يوسفي، فاطمة الزهراء طق: النظام القانوني للجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض في ظل المرسوم 247-15، مرجع سابق، ص: 63.

   -(1) رفيقة يوسفي، فاطمة الزهراء طق: النظام القانوني للجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض في ظل المرسوم 247-15، مرجع سابق. ص 64.

   - (2) هاشمي فوزية، النظام القانوني للمنح المؤقت في إطار الصفقات العمومية. مجلة صوت القانون، المجلد 08- العدد02، 2022، ص: 727.

   - (1) هاشمي فوزية، النظام القانوني للمنح المؤقت في إطار الصفقات العمومية. مرجع سابق، ص: 728.

   -(1) منال حليمي، تنظيم الصفقات العمومية و ضمانات حفظ المال العام في الجزائر، مرجع سابق، ص: 57.

   -(1) هشام محمد أبو عمرة، عليوة كامل: الرقابة الإدارية على الصفقات العمومية في التشريع الجزائري. مجلة العلوم الإدارية، جامعة الشهيد حمة لخضر، الوادي، الجزائر، المجلد 01- العدد 01- 2017، ص: 78.

   -(1) جليل مونية، المنافسة في الصفقات العمومية في الجزائر، مرجع سابق. ص: 119.

   -(1) هشام محمد أبو عمرة، عليوة كامل: الرقابة الإدارية على الصفقات العمومية في التشريع الجزائري، مرجع سابق، ص: 78.

   -(1) دميري إيمان ، مانع جمال عبد الناصر: دور لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض في حوكمة إبرام الصفقات العمومية، مرجع سابق، ص: 173.

   -(1) منال حليمي، تنظيم الصفقات العمومية و ضمانات حفظ المال العام في الجزائر، مرجع سابق، ص 57.

   -(1) دميري إيمان ، مانع جمال عبد الناصر: دور لجنة فتح الأظرفة وتقييم العروض في حوكمة إبرام الصفقات العمومية، مرجع سابق، ص: 172.


التسميات: ,