السبت، 15 فبراير 2020

دراسة: التوصل إلى تعريف جريمة العدوان قراءة على ضوء نتائج المؤتمر الاستعراضي لنظام المحكمة الجنائية الدولية كمبالا 2010

 


دراسة: التوصل إلى تعريف جريمة العدوان قراءة على ضوء نتائج المؤتمر الاستعراضي لنظام المحكمة الجنائية الدولية كمبالا 2010 


إقرأ المزيد

دراسة: جريمة العدوان في ظل النظام الأساسي للمحكمة الجنائية pdf

أركان جريمة الإبادة الجماعية في القانون الدولي doc

محاضرات في القانون الدولي الجنائي د: فؤاد خوالدية

أركان جريمة العدوان. وتطوراتها بحسب القانون الدولي. doc

القيمة القانونية للخرائط في التسوية التحاكمية للمنازعات الحدودية والإقليمية pdf

محاضرات القانون الدولي العام doc الجزائر .

جرائم الحرب في القانون الدولى الانسانى

دراسة: أركان جريمة العدوان في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .pdf

توثيق انتهاكات حقوق الإنسان من قبل ممثلي الدول حول العنف الجنسي

مقترحات لاتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

الأثار المترتبة عن المعاهدات الدولية

تحميل: أطروحة دكتوراه القانون الدولي لحقوق الإنسان و دساتير الدول - سلوان رشيد السنجاري

التوصل إلى تعريف جريمة العدوان

قراءة على ضوء نتائج المؤتمر الاستعراضي لنظام المحكمة الجنائية الدولية كمبالا 2010.

الملخص:

غبولي منى باحثة دكتوراه في جامعة باتنة أستاذة مساعدة كلية الحقوق سطيف 2.

تعد جريمة العدوان أم الجرائم في القانون الدولي المعاصر، مما يزيد من أهمية التصدي لها والعقاب على ارتكابها بأشد العقوبات، ورغم إدراجها ضمن الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية التي تتكفل بالتصدي لبعض أنواع الجرائم الدولية إلا أن المجتمع الدولي عجز لوقت طويل عن تحقيق ذلك بسبب غياب تعريف متفق عليه عالميا يسهل تكييف الفعل على أنه جريمة عدوان، وذلك بفعل الانقسامات في الرؤى واختلاف المصالح الإيديولوجية للدول التي ظلت تقدم اقتراحات لم يحظ أي منها بالإجماع العالمي، مما أوقف سلطة المحكمة بالعقاب عليها إلى حين الاتفاق بصورة شاملة على التعريف، وهو ما تم التوصل إليه من خلال المؤتمر الاستعراضي لنظام المحكمة الجنائية الدولية الذي انعقد في أوغندا سنة 2010 أين تم إقرار تعريف لجريمة العدوان بموجب المادة 08 مكرر.

الكلمات المفتاحية

جريمة العدوان المحكمة الجنائية الدولية، مؤتمر كمبالا، تعريف العدوان، لجنة القانون الدولي، منظمة الأمم المتحدة، السلم والأمن الدوليين، مجلس الأمن.

Résumé:

Le crime d'agression est le plus grave crime en droit international contemporain, Ce qui accroît l'importance de les traiter par des sanctions plus fortes, malgré inclus dans la compétence rationne materiae de la Cour pénale internationale, qui assure pour traiter certains types de crimes internationaux, le déficit de la communauté internationale pour un long temps de le faire en raison de l'absence de définition universellement acceptée facilite la qualification du comportement comme un crime d'agression, et qu'en raison de divisions dans les visions et des intérêts différents idéologie des Etats, qui a offert propositions n'ont reçu aucun d'entre eux à l'unanimité Universel, qui a arrêté l'autorité de la cour punis à l'accord en attendant d'une manière globale sur la définition, qui a été atteint par la Conférence d'examen de la Cour pénale internationale (CPI), qui s'est tenue en Ouganda en 2010, où il a été l'adoption d'une définition du crime d'agression Conformément à l'article 08 bis.

212

مقدمة

حاول المجتمع الدولي منذ وقت طويل التوصل إلى اتفاق حول تعريف جريمة العدوان، والتي ظلت لفترة لا بأس بها محل خلاف بسبب الاختلافات الإيديولوجية والسياسية لكل مجموعة دول، وترجمت هذه الخلافات في سيل من الاقتراحات لم يلق أي منها القبول العالمي، تباينت بين اجتهادات فقهية وآراء رجال القانون والسياسة وغيرهم بين من أيد تعريفها ومن أيد التعريف بشروط معينة وبين رافض لذلك تماما.

وبدأ ظهور التعاريف من خلال مشاريع قدمتها الدول إلى المؤتمرات الدولية، و إلى الجمعية العامة للمنظمة الأممية التي أحالت المسألة إلى لجنة القانون الدولي لدراستها بصورة مبدئية ثم إلى لجان خاصة لصياغة التعريف المنشود. ولقد نجحت الجمعية العامة في التوصل إلى صياغة توافقية حول ذلك سنة 1974، وطلبت من مجلس الأمن اعتماده وتطبيقه على الحالات التي تعرض عليه، إلا أن هذا التعريف ظل مجرد توصية غير ملزمة ولم تطبق على النزاعات المنطوية على أعمال عدوانية إلى أن ظهرت بوادر إنشاء المحكمة الجنائية الدولية التي عول عليها كثيرا لتعريف العدوان والعقاب عليه بعد الحديث عن إدراجها لهاته الجريمة ضمن اختصاصها الموضوعي، وهو ما تم فعلا من خلال نص المادة الخامسة من نظامها الأساسي، لكن بدون تعريف العدوان حيث أن ولادة المحكمة جاءت مخيبة للآمال بعد أن غيبت التطرق لمسالة التعريف وأجلت النظر في ذلك إلى وقت لاحق.حيث كان لابد من الانتظار إلى غاية سنة 2010 وقت انعقاد المؤتمر الاستعراضي لنظام المحكمة الجنائية لإعادة فتح النقاش حول هذه المسألة وهو ما حصل من خلال مؤتمر كمبالا المنعقد في أوغندا أين تم تبني تعريف لجريمة العدوان مستنبط من التعريف الذي توصلت إليه الجمعية العامة سنة 1974 بصورة صريحة ومباشرة لأول مرة في تاريخ القضاء الجنائي الدولي. وفي هذا الإطار، يتبادر إلى أذهاننا الإشكال التالي: ما مدى شمولية التعريف الذي تم تبنيه في إطار المؤتمر الاستعراضي لنظام المحكمة الجنائية الدولية لعناصر جريمة العدوان و ما مدى تحقيقه للتوافق بين آراء الدول الأعضاء، وهل يعد هذا التعريف كافيا في نظر القانون الدولي الإنساني للحد منها؟ وللإجابة عن هذا الإشكال وغيره سنبحث في النقاط التالية: أولا: العقبات التي اعترضت تبني تعريف موحد للعدوان

ارتبط موضوع العدوان ارتباطا وثيقا بعناصر النظام القانوني الدولي لتحريم اللجوء للقوة في العلاقات الدولية. ولهذا استغرق البحث في هذا الموضوع وقتا طويلا في ظل عصبة الأمم ثم في إطار منظمة الأمم المتحدة مما أسفر عن ظهور اتجاهات مختلفة للدول منها المؤيد ومنها الرافض للتعريف ولهذا ظهرت عدة أنواع له تختلف باختلاف توجهات كل مجموعة إقليمية. 1- الجدل حول وضع تعريف للعدوان

أثار العدوان جدلا واسعا بين اتجاهين اتجاه عارض تعريفه أصلا وتزعمته الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، واتجاه مناصر تزعمه الاتحاد السوفييتي. ولكل من الاتجاهين أسبابه الخاصة التي دفعته

للتمسك برأيه (1) حيث كانت بعض الدول تشدد على أهمية التوصل إلى تعريف العدوان لردع الدول المنتهكة لأحكام القانون الدولي بخصوص اللجوء لاستخدام القوة بأساليب غير مشروعة ، بينما عارضت فئة أخرى وجهة النظر هذه وحذرت من أن تعريف العدوان سيكون له نتائج وخيمة وآثار سلبية على مسار العلاقات الدولية.(2)

أ- الاتجاه المؤيد لتعريف العدوان ترى غالبية الدول، وفي مقدمتها الاتحاد السوفييتي سابقا،ضرورة وضع تعريف للعدوان استنادا على عدة حجج ذات طابع قانوني وسياسي.(3) أ-1: الأسباب السياسية وتنقسم بدورها إلى : أ-1-1: الأسباب المتعلقة بالأمن الجماعي وتتمثل في :

*علاقة تطبيق نظام الأمن الجماعي بتعريف العدوان: إن الممارسة الدولية قد أوضحت استحالة كفالة وتطبيق نظام الأمن الجماعي دون تحديد مفهوم العدوان بشكل واضح(4)، حيث إن فكرة العدوان تقوم أصلا على نظام الأمن الجماعي الذي يلزم الدول بالامتناع عن اللجوء للقوة أو التهديد بها في علاقاتهم الدولية ويلزم في نفس الوقت الدول أعضاء المنظمة الأممية بتقديم المساعدة لمقاومة العدوان، أي أنه يقوم على مبدأ تدخل المنظمة الأممية ضد المعتدي الذي يجب أن يستند إلى معايير موضوعية لا لبس فيها من بينها تحديد المقصود بالعدوان ، هذا التعريف الذي سيكون دليلا يسير عليه مجلس الأمن والجمعية العامة لاتخاذ أي قرار في حالة نشوب نزاع مسلح.(5) *علاقة تعريف العدوان بتحديد المعتدي: تكمن أهمية تحديد المعتدي في نسبة المسئولية الدولية إليه وتوقيع الجزاء المناسب لذلك الفعل، (6) فحتى تتطابق تصرفات منظمة الأمم المتحدة مع روح الميثاق يجب عليها أن تنشئ قواعد موضوعية لتحديد الدولة المعتدية وتطبق عليها إجراءات الأمن الجماعي المنصوص عليها في ذلك الميثاق، كما أن تعريف العدوان هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها نسبة المسئولية الجنائية للفاعل وتحميله عواقب تصرفاته بناء على تقدير الجهاز المختص بصورة عامة ومجلس الأمن بصورة خاصة.(7) *علاقة تعريف العدوان بتحديد الضحية تكمن أهمية تحديد شخص المعتدى عليه في تحديد من يعتبر دفاعه عن نفسه مشروعا ومن يحق له اللجوء لمنظمة الأمم المتحدة ،ومن يستحق تقديم المساعدة له من الدول، وهذا لا يتأتى إلا بتعريف العدوان الذي سيحدد آليا من هو الضحية، فالتعريف هنا سيكون ضروريا لتسهيل مهمة الهيئات المختصة باتخاذ التدابير المشتركة الفعالة ضد المعتدي والقيام بتدابير جماعية لفائدة الدولة الضحية.(8).

أ-1-2: الأسباب المتعلقة بتحقيق الديمقراطية الدولية: تتمثل هذه الأسباب في :

* الدفاع عن السلم والأمن الدوليين إن تعريف العدوان سيحدد بصورة قاطعة الحالات التي تنطوي على خرق السلم والأمن الدوليين وسيفرق بين نظرية الحرب والسلم وتوضيح حالات جواز الدفاع الشرعي، وفي هذا الإطار نادت روسيا في أكثر من محفل دولي بأن تعريف العدوان وسيلة من وسائل حفظ السلم والأمن الدوليين(10).

* الدفاع عن الحرية والمساواة وعن حق الشعوب في تقرير مصيرها : إن أهم ما يترتب على هذا المبدأ هو كفالة عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول (11) ، كما أن تعريف العدوان مهم لتفريقه عن أعمال الدفاع المشروع للشعوب لتقرير مصيرها وهو ما أكده الفقيه Vychinisky عضو اللجنة الأولى لتعريف العدوان بقوله " إن الحرب المتخذة من اجل تحرير الشعب من الامبريالية تعتبر حربا مشروعة ولا توصف بالحرب العدوانية" (12). الدفاع عن العدالة الدولية وهذا بتحقيق الاقتصاص من المعتدي الذي انتهك التزاما دوليا

وقاعدة دولية آمرة ومنع إصدار ولو مجرد قرار إن كان غير مشروع في حق الدولة المعتدى عليها، وفي هذا الإطار، لا يمكن تحقيق العدالة إلا بالقضاء على الفعل غير المشروع وكل القرارات التحكمية أو التدخلية في سيادة الدول.

إن هذا التصرف المطلق كان مباحا في عهد عصبة الأمم وهذا ما أكده الأستاذ "بوليتيس" في سنة 1933 حين أيد تعريف العدوان بقوله: " إن هناك خطرا ناجما عن محاولة إعفاء المعتدي بناء على أسباب سياسية مختلفة دون الأخذ بعين الاعتبار القواعد القانونية التي خرقت". (13)

* الدفاع عن النظام الدولي العام وتكوين رأي عام عالمي ديمقراطي: إن تعريف العدوان اعتمادا على معايير موضوعية سيجعل بإمكان مجلس الأمن التدخل لوقفه إن حصل خرق للسلم من قبل دولة ما يرقى لدرجة عدوان من خلال سلطته باتخاذ التدابير الكفيلة لإعادته إلى نصابه والحفاظ على النظام العام (14) ، كما أن تعريف العدوان سيسهم في تكوين رأي عام عالمي أكثر قدرة على ردع الجناة(15)، وهذا بناء على ما للإدانة والاستنكار من فعالية في هذا الخصوص. و هو ما حصل حين قررت الجمعية العامة في 1972 إدانة العدوان الإسرائيلي على الدول العربية في 1967/6/5، و أوصت بضرورة انسحابها من الأراضي التي احتلتها (16). أ-2: الأسباب القانونية تنقسم الأسباب القانونية إلى: أ-2-1: المقارنة بين القانون الدولي والداخلي: إن تعريف الجرائم في القانون الداخلي مبدأ جوهري يعرف المواطنين بحقوقهم ، وبالانتهاكات المرتكبة في حقهم، فالقانون يحدد العقوبة الموافقة لكل جريمة، وقياسا على ذلك فحتى القانون الدولي يجب أن يعرف الجريمة المتمثلة في العدوان بناء على وجود فرع كامل يتحدث عنها وهو القانون الدولي الجنائي(17). أ-2-2: السير الحسن لعمل القضاء الدولي: وفي هذا الإطار تم الاعتماد على ما ورد من مبادئ عن محكمتي نورمبورج وطوكيو، حيث أمرتا بعدم تنفيذ الأوامر إذا تعلقت بارتكاب جرائم دولية بما فيها العدوان. فهذا التطور في القانون يجب أن يصاحبه تطور يضبط مفهوم الجريمة، لتتمكن المحاكم من نسبة المسئولية والإسهام في تطوير قواعد القانون الدولي(18). أ-2-3: الوقاية من العدوان: سيساعد تعريف العدوان على وضع نظام منضبط لقمع المعتدي ومساعدة الضحية وحفظ السلم والأمن الدوليين، إذ أنه يعتبر إنذارا بإيقاع العقوبة عند ارتكاب الفعل وهو ما من شأنه جعل المعتدي يعيد التفكير قبل شن الاعتداء(19).

ب الاتجاه المعارض لوضع تعريف للعدوان:

تزعمت الولايات المتحدة الأمريكية الاتجاه المعارض لوضع تعريف للعدوان استنادا إلى بعض الحجج

التي يمكن تقسيمها إلى حجج عملية وحجج سياسية وحجج قانونية.

 ب-1:الأسباب العملية: وتتمثل في:

ب-1-1: العدوان فكرة طبيعية: أي أن العدوان غير ممكن التعريف من الناحية العملية لأنه فكرة

بدائية مرتبطة بطبيعة الإنسان البشرية غير المعتمدة على معايير موضوعية، مما يجعله فكرة غير إنسانية على حد قول الفقيه الفارو (20) ، نابعة من شعور الدول بالتهديد وردها عليه، وكل دولة ستفسر شعورها بشكل مختلف مما يجعل التعريف مستحيلا أن يلم بتفاسير كل الدول في آن واحد وأن أي تعريف سيكون مفتقرا للروح الإنسانية وناقصا(21). ب-1-2: الفشل في الوصول إلى تعريف: إن الفشل في التوصل إلى تعريف بعد كل الجهود المبذولة من لجنة القانون الدولي والدول دليل على عدم جدوى الاستمرار في البحث عنه. ب-1-3: عدم جدوى التعريف: أي أنه بإمكان المجتمع الدولي منع استخدام القوة دون وجود تعريف، وهو ما نجحت فيه عصبة الأمم التي لم يؤثر غياب التعريف على اعتمادها على المادة 12 من العهد لتقرير عدم جواز اللجوء للقوة (22) ، وكذا منظمة الأمم المتحدة(23). ب-2: الأسباب القانونية: وتتمثل في: ب-2-1 حصر التعريف في النظام اللاتيني: أي أن التعريف سيخدم نظاما قانونيا واحد فقط هو النظام اللاتيني الذي يعتمد على القاعدة الموضوعية والمكتوبة سلفا ، ولا يخدم مطلقا توجه النظام الأنجلوسكسوني الذي يعتمد على العرف كمصدر أصيل لقواعده (24).

ب-2-2: كفاية نصوص ميثاق الأمم المتحدة: إن ميثاق الأمم المتحدة يزخر بالعديد من النصوص التي تفرض على الدول التزامات معينة لحفظ السلم والأمن الدوليين تكفي لفرض احترام قاعدة عدم اللجوء لاستخدام القوة ولا حاجة لتعريف خاص للعدوان(25). ب-2-3: عدم اكتمال النظام القضائي الدولي: إن التطور الذي لحق في تلك الفترة القضاء الجنائي الدولي كان تطورا محدودا لا يكفي لتعريف العدوان بسبب الاختلاف بين القانون الدولي والداخلي وعدم إلزامية آراء محكمة العدل وغيرها (26). ب-3: الأسباب السياسية: وتتمثل في: ب-3-1- العدوان موضوع سياسي: حيث أن العدوان ينتمي إلى الحقل السياسي أكثر من انتمائه إلى المجال القانوني الدولي وفي ظل الظروف السياسية التي كانت سائدة في ذلك الوقت فمن الصعب تعريفه نظرا لتعارض مصالح الدول وما قد يثيره من توتر بينها(27). ب-3-2- الأضرار الناجمة عن العدوان: لو تم تعريف العدوان فإن كل طرف سيدعي أنه الضحية سيقوم بالرد على الطرف الآخر دون انتظار رأي مجلس الأمن مما سيعقد عمل هذا الأخير،كما أن أي

تعريف يستحيل أن يغطي كل صور العدوان (28)، وسيحد من سلطات مجلس الأمن في حفظ السلم

إن ظهر نوع جديد من العدوان غير ذلك المعرف.

ب-3-3: إفلات المجرم بتغيير المسميات وهو ما ذهب إليه أنصار المذهب الواقعي الذين يعتقدون أن وجود تعريف مسبق سيجعل المجرم يحاول إلباس فعله ثوبا آخر غير ثوب العدوان. من خلال كل ما سبق توصلنا إلى نتيجة مفادها أن تعريف العدوان ليس أمرا مستحيلا لأن كل

الحجج السابقة يمكن الرد عليها ، فهو أمر صعب فقط يمكن تجاوزه لتحديد المعتدي وضوابط الدفاع الشرعي وتطبيق نظام الإجراءات الجماعية وهو ما تم فعلا التوجه نحوه إلا أنه  قبل الوصول إلى التعريف المنشود ظهر خلاف من نوع جديد يدور حول كيفية وضعه وذلك بعد تخطي عقبة إمكانية 2 الجدل حول أنواع العدوان :

بعد التوصل إلى قناعة بإمكانية تعريف العدوان ثار جدل بين المؤيدين لهاته الفكرة حول أنواع العدوان، ويمكن حصره هذا الجدل في ثلاثة أوجه الوجه المتعلق بتبني تعريف عام للعدوان ، والوجه المتعلق بتبني تعريف حصري له والوجه الثالث التوفيقي بينهما المتعلق بتبني تعريف مختلط. أ- أسلوب التعريف العام: يذهب أنصار هذا الاتجاه إلى وجوب أن يكون التعريف عاما ومرنا يسمح لأجهزة الأمم المتحدة المعنية

بحفظ السلم والأمن الدوليين بتحديد حالات العدوان مع ترك حرية التقدير لها في كل حالة على حدا تبعا لظروفها ومعطياتها حتى يتمكن من مواجهة التطورات المستقبلية(29).ويمكن أن نذكر بعض التعريفات في هذا الخصوص . أ-1: تعريف الفقيه بييلا: يعرف الفقيه بييلا الجريمة ضد السلام أنها " كل لجوء للقوة من قبل

جماعة دولية فيما عدا حالتي الدفاع الشرعي والمساهمة في عمل مشترك تعتبره الأمم المتحدة مشروعا"(30). أ-2: تعريف الفقيه الفارو: " هو كل استخدام للقوة أو تهديد بها من قبل دولة أو مجموعة دول أو

حكومة أو عدة حكومات ضد أقاليم شعوب الدول الأخرى أو الحكومات أيا كان الضرر أو السبب أو الغرض المقصود فيما عدا حالتي الدفاع الشرعي الفردي والجماعي ضد أعمال عدوان مرتكب من جانب قوات مسلحة أو المساهمة في احد أعمال القمع التي تقررها الأمم المتحدة"(31).

أ-3: تعريف الفقيه أمادو: " هو كل حرب لا تباشر استعمالا لحق الدفاع الشرعي أو تطبيقا لنصوص المادة 42 من الميثاق تعتبر حربا مشروعة"(32). تقييم أسلوب التعريف العام: رغم الشمولية التي جاء بها هذا التعريف إلا أنه واجه عدة انتقادات

تتلخص فيما يلي:

أن تعريف العدوان في صورة عامة غير محددة سيؤدي إلى صعوبة تفسير حالة كونه يمثل جريمة دولية في الحالات التي لا يرقى فيها لهاته الدرجة من الجسامة؛

أن التعريف العام سيثير الكثير من المنازعات حول تفسيره حيث لن يحتوي على أي تحديد لعناصر

الجريمة مما سيجعل كل صاحب مصلحة يسعى لاستبعاد تكييف فعله على أنه عدوان ويستفيد من

بطئ الإجراءات المدينة له(33). ب- أسلوب التعريف الحصري (التعدادي):

هو أسلوب مستنبط من التشريعات الوطنية التي تنص في قوانينها الجنائية على تعداد الجرائم

والعقوبات في مواد وفصول، ويدعوا أنصار هذا الاتجاه إلى تعريف العدوان بصورة تبدوا عليها الأفعال المكونة لجريمة العدوان في شكل وصفي ضمن قائمة ، وكل فعل يخرج عنها لا يعد عدوانا.ويقدم هذا التعريف جريمة العدوان بعناصرها دون غموض ويسهل مهمة نسبة المسئولية إلى الفاعل بجعل عبء إثبات النفي على عاتقه (34) ، ومن رواد هذا الاتجاه يمكن أن نذكر: ب-1: تعريف الفقيه بوليتيس: "يشكل كل فعل من الأفعال التالية حربا عدوانية:

إعلان دولة الحرب على دولة أخرى؛

*غزو دولة لإقليم دولة أخرى بقوات مسلحة ولو لم يكن هناك إعلان حرب؛

* مهاجمة قوات الدولة المسلحة البرية أو البحرية أو الجوية لإقليم دولة أخرى أو لقواتها؛

*حصار الدولة لموانئ أو شواطئ دولة أخرى؛

*مد الدولة يد المساعدة إلى عصابات مسلحة مشكلة على إقليمها بغرض غزو دولة أخرى، أو رفضها

الإجابة على طلب الدولة الأخرى باتخاذ الإجراءات اللازمة لحرمان هذه القوات من المساعدة أو

الحماية"(35).

ب-2: التعريف السوفييتي "تعريف ليتفينو": وفق هذا التعريف يعد عملا عدوانيا ....

* إعلان الحرب على دولة أخرى؛

غزو إقليم دولة أخرى ولو دون إعلان الحرب؛ ضرب إقليم دولة أخرى بالقنابل ......

. الهجوم المدبر على سفن دولة أخرى......

إنزال أو قيادة قواتها ... داخل حدود دولة أخرى دون تصريح من حكومتها ....(36).

ب-3: تعريف المفوض الأمريكي جاكسون: "الدولة المعتدية هي التي ترتكب:

إعلان الحرب ضد دولة أخرى؛

*الغزو بواسطة قواتها الأرضية لدولة أخرى سواء بعد إعلان الحرب أو بدون إعلانه؛

*الہجوم بواسطة قواتها الأرضية والبحرية والجوية على أقاليم أو سفن أو طائرات دولة أخرى سواء

بعد إعلان الحرب أو بدون إعلانها؛

*الحصار البحري للحدود البحرية أو لموانئ دولة أخرى؛

* مساعدة العصابات المسلحة المكونة على إقليمها من أجل غزو إقليم دولة أخرى ....... (37).

تقييم أسلوب التعريف الحصري يتميز هذا الاتجاه بالاحترام الكامل لمبدأ الشرعية القانونية، إلا أنه

لا يغطي كل حالات العدوان ولا يلم بكل التطورات العسكرية مما يجعله غير كاف.فإيجاد تعريف

للعدوان صالح لكل الأفعال وكل الأوقات أمر غير منطقي (38). ج-أسلوب التعريف الإرشادي ،"المختلط":

وتدعيمه ببعض

اتخذ أنصار هذا الاتجاه موقفا وسطا بين الاتجاهين السابقين، من خلال إيراد تعريف عام للعدوان الأمثلة عن الأفعال العدوانية على سبيل المثال لا الحصر. ج-1:تعريف الفقيه جرافن: يشير الأستاذ جرافن إلى أن القانون الدولي الجنائي يجب أن يسلك في سبيل تعريف العدوان مسلك القانون الداخلي بحيث يورد تعريفا عاما ملحقا بتعداد على سبيل المثال

للحالات النموذجية (39).

ج-2: تعريف المندوب السوري: عرف العدوان بأنه كل فعل ينطوي على انتهاك للسلم باستخدام القوة

مقاصد

المسلحة من قبل دولة أو مجموعة دول بصورة مباشرة أو غير مباشرة سواء كان ذلك ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لدولة معينة أو مجموعة دول بأية طريقة لا تتفق مع وأغراض الأمم المتحدة". (40). تقييم أسلوب التعريف الإرشادي: إن هذا التعريف خطوة تقدمية في تعريف العدوان لأنه جمع بين مميزات الأسلوبين السابقين ، إلا أنه كما جمع محاسن التعريفين السابقين، قد جمع مساوئهما، وبرغم ذلك يبقى التعريف الأكثر مرونة ومواكبة لما قد يظهر مستقبلا.

ثانيا: المراحل القانونية لتطور تعريف العدوان:

كذلك

لقد بذلت الدول واللجان التي وضعت خصيصا لتعريف العدوان والمحاكم المنشأة بقرار من مجلس

الأمن جهودا حثيثة لتعريف العدوان، وهو نفسه ما سعت إليه المحكمة الجنائية الدولية التي تعد

حاليا الجهاز القضائي الدولي الدائم على المستوى الدولي. 1-الجهود السابقة على تبني تعريف العدوان:

بذلت الدول ولجنة القانون الدولي عدة جهود تحت مظلة الأمم المتحدة لتعريف العدوان توجت بعدة اقتراحات لم تحظى أغلبها بالإجماع إلا أنها شكلت نقطة تحول في مسارتلك المحاولات. أ-المشاريع المقدمة من الدول: نظرا للكم الهائل من المشاريع المقدمة بهذا الشأن، فسنكتفي بإدراج أ-1: المشاريع المقدمة سنة 1956

أهمها.

سابقا.

تتمثل هاته الأخيرة في مشروعين أحدهما تقدمت به بنما وإيران، والثاني تقدم به الاتحاد السوفييتي أ-1-1: المشروع المقدم من بنما وإيران قدم هذا المشروع الأستاذ الفارو وجاء فيه أن العدوان: "استخدام القوة أو التهديد بها من قبل دولة أو مجموعة دول أو مجموعة حكومات ضد إقليم أو شعب

دولة أخرى أو حكومتها بأي أسلوب ولأي سبب ومن اجل أي غاية ما عدا الدفاع الشرعي الفردي أو

الجماعي ضد هجوم مسلح أو تطبيقا لأعمال القمع التي تتخذها الأمم المتحدة".(41) أ-1-2: المشروع السوفييتي: قسم هذا المشروع العدوان إلى عدة أنواع وأعطى صورا لكل نوع،

كالعدوان المباشر، العدوان غير المباشر، العدوان الاقتصادي العدوان الفكري ونفى المشروعية عن استغلال بعض الحالات كمبرر لارتكاب العدوان. إلا أن هذين المشروعين لم ينجحا في حيازة العالمية مما دفع الأمم المتحدة إلى وقف العمل على تعريف العدوان في دورتها الثانية عشر خصوصا بعد انضمام 22 دولة جديدة إلى المنظمة يجب استشارتها لإعادة طرح الموضوع على طاولة النقاش وبقي الموضوع يتأجل نظرا لعدم ورود جديد حوله إلى لجنة القانون الدولي من الدول الأعضاء، وفي 1967 شكلت لجنة خاصة لوضع تعريف للعدوان بموجب القرار 22/2330، وتلقت ثلاثة مشاريع جديدة في السنة الموالية.(42) أ-2المشاريع المقدمة سنة 1968: اجتمعت اللجنة الخاصة في الفترة بين 6/4 إلى 1968/7/6 لدراسة المشاريع المقدمة لها من الدول الأعضاء. أ-2-1: المشروع الأول: قدم من طرف سوريا والجزائر والجمهورية العربية المتحدة وقبرص والكونغو وغينيا وغانا ويوغوسلافيا واندونيسيا ومدغشقر والسودان وأوغندا إلى اللجنة بتاريخ 1968/06/25 في الدورة الرابعة عشر وجاء فيه: "العدوان هو استخدام القوة بأي شكل من قبل دولة أو مجموعة دول ضد شعب إقليم دولة أو مجموعة دول بطريقة تؤثر على سلامتها الإقليمية وسيادتها واستقلالها السياسي إلا إذا كان ذلك ممارسة لحق الدفاع الشرعي الطبيعي الفردي أو الجماعي عن النفس أو طبقا للإجراءات الجماعية التي يقررها العضو المختص في الأمم المتحدة أو بناء على إذنه...... إلا أن هذا * اتخاذه صورة الإعلان مما يمس بسلطة مجلس الأمن التقديرية المكفولة بالمادة 39؛

المشروع واجه عدة انتقادات تتمثل في مجملها في:

*طول ديباجته أضفى عليه صبغة سياسية مما أبعده عن الاعتبارات القانونية الدقيقة؛

*وجود غموض في الصياغة العامة للفقرة 01 من التعريف حيث مقارنة ببقية فقراته نجده

إن كان العدوان يشمل العدوان غير المباشر أم لا.(43) أ-2-2 : المشروع الثاني: تقدمت به كل من كمبوديا وإكوادور والمكسيك وأورجواي (44)، وورد فيه

أنه: "يعتبر استخدام للقوة من قبل دولة أو مجموعة دول ضد دولة أو مجموعة دول عملا غير مشروع ومخالفا لأهداف ومقاصد الأمم المتحدة ، للأمم المتحدة وحدها وتطبيقا لاختصاصاتها في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين سلطة استخدام القوة طبقا لأحكام الميثاق..... ولم يسلم هذا المشروع كذلك

من الانتقادات حيث وجهت له الملاحظات التالية:

* أنه لا يعد تعريفا بالمعنى الصحيح والقانوني بل مجرد تعداد لحالات تشكل أعمالا عدوانية؛

* أنه عالج تنظيم اللجوء لاستخدام القوة أكثر من معالجة فكرة العدوان في حد ذاتها؛

* أنه لم يوضح المقصود بمصطلح القوة ونطاق شموليتها.

أ-2-3- المشروع الثالث: تقدمت به كل من كولومبيا والكونغو وقبرص والإكوادور وغانا وغينيا

واندونيسيا وإيران والمكسيك وأوغندا وأورجواي ويوغوسلافيا، (45) وهو مشروع توفيقي بين المشروعين

السابقين جاء فيه :" أن العدوان المسلح هو كل استخدام للقوة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة ضد السلامة الإقليمية والسيادة والاستقلال السياسي لدولة ما ،إلا إذا تم بناء على قرار من مجلس الأمن أو بعد إذنه أو استعمالا لحق الدفاع الشرعي الفردي أو الجماعي.. وعلى غرار المشاريع السابقة

وجهت لهذا الأخير الانتقادات التالية:

*إغفاله تحديد الجهة المختصة بنظر العدوان؛

* ذكره العدوان المباشر بينما تتجه اللجنة إلى الأخذ بالعدوان المباشر فقط؛

*عدم ربطه بين تجريم العدوان وبدا الأعمال العدوانية؛

*إقامة المسئولية على عاتق المعتدي دون توصيف الفعل وإدراجه تحت خانة الجرائم ضد السلام أو

ضد الإنسانية أو غيرها من الجرائم الدولية .

لقد أثبتت المشاريع المقدمة فشلها في تعريف العدوان والحد منه والدليل على ذلك اندلاع الحرب

السوفيتية التشيكية بعد تدخل السوفييت بحجة أعمال الدفاع الشرعي الجماعي ،إلا أنها ،تعبر عن وجهة نظر الضمير الإنساني المعاصر ورغبته بصياغة مبادئ عامة معترف بها دوليا وتقنين العرف والعمل الدوليين، (46) مما أدى بالجمعية العامة إلى إصدار القرار 23/2420 لمتابعة اللجنة الخاصة بالتعريف عملها في هذا الشأن.

في الفترة ما بين 02/24 و 1969/04/03.

أ-3: المشاريع المقدمة سنة 1969: تتمثل في ثلاث مشاريع رئيسية قدمت إلى اللجنة بعد استئنافها عملها أ-3-1: المشروع السوفييتي جاء فيه أن العدوان المسلح المباشر أو غير المباشر هو الفعل الذي تستخدم فيه القوة المسلحة ضد دولة أخرى بوجه لا يتفق ومقاصد ومبادئ نصوص ميثاق الأمم المتحدة". وفي الفقرات الموالية تم الحديث عن صور الأفعال العدوانية، واعتبر هذا المشروع أن العدوان المسلح جريمة ضد السلم ترتب المسئولية الجنائية والمادية لمرتكبيها (47). أ-3-2: مشروع الدول الثلاثة عشر: قدم هذا المشروع من قبل قبرص، كولومبيا ،الإكوادور، اسبانيا ، غانا غينيا ، هايتي، إيران، مدغشقر، المكسيك ، أوغندا أورجواي ، يوغوسلافيا. وطبقا لهذا التعريف يعد العدوان:" استخدام القوة المسلحة من قبل دولة ضد دولة أخرى بما فيها مياهها وفضاؤها الإقليمي أو أي اثر مهما كان نوعه على سلامة إقليمها أو سيادتها أو استقلالها السياسي باستثناء استخدام تلك القوة المسلحة طبقا لنصوص الفقرة 03 من هذا النص أو استخدامها من مجلس الأمن أ-3-3: مشروع الدول الست: يعد هذا المشروع بمثابة تخل من الدول المعارضة لتعريف العدوان عن توجهها السابق حيث قدم من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة (بريطانيا+ايرلندا الشمالية)، ايطاليا، اليابان ، كندا، استراليا. وجاء فيه (48) : "العدوان هو كل فعل فيه تهديد للسلم أو

أو بناء على ترخيصه".

خرق له وذلك عن طريق استخدام القوة المسلحة في العلاقات الدولية سواء أكان علنيا أم ضمنيا،

مباشرا أم غير مباشر، من قبل دولة ضد السلامة الإقليمية لدولة أخرى أو استقلالها السياسي أو على

أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة، كما يعتبر عدوانا أي فعل ترتكبه دولة ما أو أي كيان

سياسي آخر محدد بحدود دولية وغير خاضع لسلطة الدولة المعتدية.."

ب المشاريع المقدمة من فرق العمل الخاصة والمحاكم المؤقتة:

في هذه الفترة، سعى القضاء الجنائي الدولي المؤقت إلى العمل على تعريف العدوان من خلال أحكامه

من جهة، ومن جهة أخرى وبناء على توصية الجمعية العامة للأمم المتحدة بمواصلة العمل على تعريف العدوان بداية السبعينيات، اجتمعت اللجنة المكلفة بذلك لمناقشة تقرير مجموعة العمل التي شكلت بموجب قرار عن اللجنة المنعقدة بين 10 و 14 أوت 1970 في جلستها الرابعة والسبعين . ب-1 المحاكم المؤقتة: لقد تواترت الجهود الرامية إلى تعريف العدوان وتجريمه في القضاء الدولي المؤقت وخصوصا من خلال أحكام محكمتي نورمبورج وطوكيو. ب-1-1- محكمة نورمبورج: أصدرت هذه المحكمة في إطار عملها قرارات اتهام وفق ما تقره المادة 06 من ميثاق لندن المحددة للجرائم التي تفصل فيها واعتبرت العدوان جريمة ضد السلام إذا قام الفعل على أحد العناصر التالية:

 

تدبير أو تحضير أو إثارة مباشرة أو متابعة حرب عدوانية أو حرب مخالفة للاتفاقيات والمعاهدات

والمواثيق الدولية؛

*الاشتراك في خطة مدبرة أو مؤامرة لارتكاب أحد الأفعال السابقة. ولقد أقام النائب العام في المحكمة اتهامه لكبار المجرمين على هذا الأساس وجاراه في ذلك النائب العام

البريطاني وللإشارة فقد سبق وأن طالب النائب العام بتعريف العدوان في اللجنة المشكلة لوضع نظام نورمبورج لكن هذا الاقتراح أهمل بسبب معارضة بعض الوفود لذلك، وتم الاكتفاء بوضع عناصر ايجابية لتحديد هوية المعتدي وإدانته وهو ما حصل بثبوت الجرم في حق 19 متهما بشن حرب

عدوانية وإدارتها (49).

ب-1-2: محكمة طوكيو عددت المادة 01/5 من لائحة المحكمة مجموعة من الجرائم الداخلة في اختصاصها والتي توجب قيام المسئولية ومنها الجريمة ضد السلم التي اعتبرت أنها:"هي وقائع تدبير أو تحضير أو إثارة أو شن حرب اعتداء بإعلان سابق أو بدون إعلان أو حرب مخالفة للقانون الدولي أو للمعاهدات أو للاتفاقيات أو المواثيق الدولية أو المساهمة في خطة عامة أو مؤامرة بقصد ارتكاب أحد الأفعال المذكورة آنفا" (50). والملاحظ على هذه المحكمة أنها حاولت التصدي لتعريف العدوان من

خلال تصديها لتعريف الجرائم ضد السلام لكن دون أن تفلح هي الأخرى في وضع تعريف صريح

للعدوان وخاص به.

ب-2 فرق العمل الخاصة: سنعرض إلى تقارير فرق العمل المشكلة لسنة 1970 ثم في 1971 ثم في 1972.

ب-2-1 التعريف المقدم في 1970 احتوى التقرير على تعريف عام للعدوان دون النظر إلى نوعه على

أنه: "استخدام القوة المسلحة من قبل دولة ضد السلامة الإقليمية بما فيها المياه الإقليمية والفضاء

الجوي أو السيادة أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى أو بأي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة. أو العدوان هو استخدام القوة المسلحة من قبل دولة أخرى أو حدوث اثر مهما كان نوعه على السلامة الإقليمية والفضاء الجوي أو على السيادة أو على الاستقلال السياسي لهاته الدولة"(51). إلا أن هذا التقرير لم يحظ بالتأييد العام مما دفع باللجنة إلى إصدار توصية بمواصلة العمل في هذا المجال إضافة إلى مناقشة مشروع قدمته الولايات المتحدة الأمريكية يتعلق بمبدأ الأسبقية جاء فيه " لكي نعرف العدوان يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الدولة البادئة باستخدام القوة".(52) ب-2-2- التعريف المقدم في :1971: جاء هذا التقرير من طرف الفريق المنعقد في 02/16 إلى 1971/03/04 وورد فيه أن العدوان هو: " استخدام القوة المسلحة بأي شكل) من قبل دولة ضد (دولة أخرى أو بأي طريقة تؤثر على السيادة) أو السلامة الإقليمية (متضمنة المياه الإقليمية والفضاء الجوي أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى أو بأي وجه لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة(53). ب-2-3 التعريف المقدم في 1972: اجتمع الفريق في الفترة ما بين 01/31 إلى غاية 1972/03/03 بعد فشل المشاريع السابقة وقدمت التعريف التالي: "العدوان هو استخدام القوة المسلحة (بأي شكل) من قبل دولة ضد السلامة الإقليمية (السيادة) أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة ".وفي سنة 1973 تلقت اللجنة السادسة العاملة على تعريف العدوان مشروعا جديدا من تشيكوسلوفاكيا والمكسيك وسوريا ورومانيا وافقت عليه بالتوازي مع المشروع السابق الذكر خلال اجتماعها في الفترة ما بين 11/1 و 1973/12/30 وقدمته للجمعية العامة

للموافقة عليه في 1974.

2- الموافقة على تعريف العدوان:

بعد كل الجهود التي بذلت على المستوى الدولي لتعريف العدوان تم في نهاية الأمر التوصل إليه من

خلال توصية تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1974. لكنها ظلت مجرد توصية إلى أن تم انعقاد المؤتمر الاستعراضي لمراجعة نظام المحكمة الجنائية أ- توصل الجمعية العامة إلى تعريف العدوان توصلت الجمعية العامة إلى إقرار تعريف حاز على الاتفاق العالمي خلال دورتها 29 المنعقدة في 1974/12/14 بناء على توصية اللجنة السادسة السابق الإشارة إليها وحمل قرار التعريف الرقم 3314 حيث جاء فيه: "العدوان هو استخدام القوة المسلحة من قبل دولة ما ضد دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي أو بأي صورة أخرى تتنافى

الدولية أين تم التوصل إلى التعريف النهائي للعدوان وإقراره لمنحه الشرعية الدولية المتطلبة.

مع ميثاق الأمم المتحدة وفقا لنص هذا التعريف. وأدرجت بقية الفقرات صورا للعدوان كالمبادأة

باستخدام القوة ، ووضحت بعض الأفعال التي ينطبق عليها وصف العمل العدواني،كما بينت دور

مجلس الأمن في تقرير العدوان، ونفت إمكانية التحجج بأي شكل لارتكاب العدوان عدا ما بينه الميثاق

للاستخدام المشروع للقوة (54).

إن توصل الجمعية العامة لتعريف العدوان لاشك وأنه مساهمة جوهرية في دعم النظام القضائي

الدولي لتحريم استخدام القوة في العلاقات الدولية، إلا أن قرارات الجمعية العامة تبقى غير ملزمة، مما يدفعنا إلى البحث عن آلية أخرى اهتمت بتعريف العدوان وهو ما يحتم علينا التوجه نحو الهيئة القضائية العالمية الأحدث حتى يومنا هذا وهي المحكمة الجنائية الدولية.

ب-تعريف العدوان من خلال المحكمة الجنائية الدولية كان تعريف العدوان من أهم المشاكل التي

كانت ستعرض نجاح المؤتمر المنشأ للمحكمة الجنائية للفشل بسبب الاختلاف حوله، إلا انه تم الاتفاق

على إدراج العدوان ضمن اختصاص المحكمة (55) ، مع تأجيل النظر في مسألة التعريف إلى المؤتمر الاستعراضي الذي اتفق على عقده بعد 7 سنوات من بدأ نفاذ نظام المحكمة وهو ما تم في المؤتمر الذي ب-1 جهود اللجنة التحضيرية والفريق العامل بشأن العدوان إن اهتمام المحكمة الجنائية بمسألة تعريف العدوان تتجلى في الدورات التي عقدتها بهذا الشأن بداية من سنة 1999 (56)، وفي هذا الإطار

عقد في كمبالا بأوغندا في جوان2010.

قدمت اللجنة عدة خيارات وبدائل وطرح المنسق العام للجنة ورقة للنقاش تضمنت نصا موحدا للمقترحات السالفة الذكر (57) حيث جاء فيه " ..... لأغراض هذا النظام الأساسي يرتكب شخص ما جريمة عدوان عندما يكون في وضع يتيح له التحكم في العمل السياسي أو العسكري للدولة أو توجيهه

أو يأمر أو يشارك مشاركة فعلية عمدا وعن علم في التخطيط لعمل عدواني أو الإعداد له أو الشروع فيه أو شنه على أن:

أ- يشكل العمل العدواني بحكم خصائصه انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة؛ ب-تكون بمثابة حرب عدوانية أو تشكل عملا يكون هدفه أو نتيجته الاحتلال العسكري لإقليم دولة أخرى أو لجزء منه أو ضمه؛

ج- أن يكون العمل العدواني انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة."

"لأغراض هذا النظام يقصد بالعمل العدواني العمل المشار إليه في قرار الجمعية العامة 3314 د(29)

والذي يثبت أن الدولة ارتكبته." وأضاف لهاته الفقرة اقتراحين هما:

أ- تضاف عبارة وفقا للفقرتين 4و5.

ب-تضاف عبارة رهنا بتحديد مسبق من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.(58)

وأشار المنسق إلى أن هذه المقترحات تمثل مختلف وجهات النظر الحاضرة ،وبعد بنص موحد لها جاء فيه: "تعريف جريمة العدوان:

الخيار الأول:

أخذ ورد تم الخروج

1-لأغراض هذا النظام الأساسي (ورهنا بما يقرره مجلس الأمن بشأن فعل الدولة) تعني جريمة العدوان

(استعمال القوة المسلحة بما في ذلك الشروع في استعمالها من جانب فرد بوسعه التحكم في العمل

السياسي أو العسكري لدولة ما أو توجيهه ضد سيادة دولة أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي

انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة أي فعل من الأفعال التالية يرتكبه (فرد)- (شخص)..

الخيار الثاني:

"لأغراض هذا النظام الأساسي ورهنا بما يقرره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مسبقا أن الدولة

المعنية قامت بعمل عدواني فان جريمة العدوان تعني أيا من الأفعال التالية: التخطيط لحرب عدوانية التحضير لها، أو بدؤها ، أو شنها."

ثم أعيد طرح مسالة تعريف العدوان من جديد خلال الدورة السادسة لجمعية الدول الأطراف

بنيويورك 2007 ثم الدورة السابعة 2008 وتوالى تأجيل إقرار التعريف إلى غاية 2009/02/13اين تم اقتراح تعديل المادة 08 من ميثاق المحكمة الجنائية ليشمل تعريف العدوان من خلال إضافة نص المادة 08 مكرر الجديدة التي تنص على ما يلي:

1- لأغراض هذا النظام الأساسي، تعني "جريمة العدوان" قيام شخص ما له وضع يمكنه فعلا من التحكم في العمل السياسي أو العسكري للدولة أو من توجيه هذا العمل بتخطيط أو إعداد أو بدء أو

تنفيذ فعل عدواني يشكل بحكم طابعه وخطورته ونطاقه، انتهاكا واضحا لميثاق الأمم المتحدة.

2- لأغراض الفقرة 1 يعني "فعل العدوان" استعمال القوة المسلحة من جانب دولة ما ضد سيادة دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي، أو بأي طريقة أخرى تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة. وتنطبق صفة فعل العدوان على أي فعل من الأفعال التالية، سواء بإعلان حرب أو بدونه، وذلك وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة XXIX3314 المؤرخ في 14 كانون الأول/ديسمبر 1947

الذي عرف جريمة العدوان بأنها:

أ) قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى أو الهجوم عليه ، أو أي احتلال عسكري، ولو كان مؤقتا، ينجم عن مثل هذا الغزو أو الهجوم، أو أي ضم لإقليم دولة أخرى أو لجزء منه باستعمال القوة؛

ب) قيام القوات المسلحة لدولة ما بقصف إقليم دولة أخرى بالقنابل، أو استعمال دولة ما أية أسلحة ضد إقليم دولة أخرى؛

ج) ضرب حصار على موانئ دولة ما أو على سواحلها من جانب القوات المسلحة لدولة أخرى؛

د) قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية أو البحرية أو الجوية أو الأسطولين البحري والجوي لدولة أخرى؛

ه) قيام دولة ما باستعمال قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بموافقة الدولة المضيفة،

على وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها الاتفاق، أو أي تمديد لوجودها في الإقليم المذكور إلى ما بعد نهاية الاتفاق؛

و) سماح دولة ما وضعت إقليمها تحت تصرف دولة أخرى بأن تستخدمه هذه الدولة الأخرى لارتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة؛

ز) إرسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من جانب دولة ما أو باسمها

تقوم ضد دولة أخرى بأعمال من أعمال القوة المسلحة تكون من الخطورة بحيث تعادل الأعمال المعددة أعلاه، أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك.

وعرض الأمر للدراسة على المؤتمر الاستعراضي الذي انعقد لاحقا في جوان 2010 في كمبالا بأوغندا، وطبقا للإجراءات الواجبة الإتباع وارتكازا على القرار 3314 للجمعية العامة ،صدر القرار 6.RC/RES عن الاجتماع الثالث عشر بتاريخ 11 جوان 2010 أين عرف العدوان بصورة رسمية من خلال اعتماد المادة 08مكرر (59). وفي هذا السياق اتفق على وصف العدوان على أنها الجريمة التي

ارتكبها زعيم سياسي أو عسكري والتي بحكم خصائصها وخطورتها وحجمها تشكل انتهاكا واضحا لميثاق الأمم المتحدة.

إن التعديلات المتعلقة بالمادة (8) قدمت فرصة للمضي إلى الأمام في تطوير القانون الجنائي الدولي. وإن تعريف جريمة العدوان والسماح للمحكمة الجنائية الدولية بممارسة ولايتها القضائية فيما يتعلق بجميع الجرائم المنصوص عليها في المادة (5) من النظام الأساسي سيسمح بإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم الدولية الأكثر خطورة. إلا أنه وعلى الرغم من ذلك فلا تزال الممارسة الفعلية للولاية خاضعة للقرار الذي سيتم اتخاذه بعد الأول من جانفي 2017 من قبل الأغلبية نفسها من الدول الأطراف المطلوبة لاعتماد أي تعديل في النظام الأساسي.

ب-2 قراءة قانونية في التعريف تبنى التعريف منهجا عاما لوقف استعمال القوة المسلحة بين الدول

لحل النزاعات وذلك احتراما لمبدأ السيادة. إلا أنه لا ينطبق إلا على الدول المنظمة الموقعة والمصادقة على نظام روما والتي تبلغ حاليا حوالي 111 من مجموع 193 دولة (60). فالدول غير المصادقة على النظام ستظل ترتكب العدوان دون عقاب رغم أن التعريف خفف من حدة هذا العيب بإقرار مبدأ المسئولية الفردية عن ارتكاب الفعل العدواني دون ربطها بإقامة مسئولية الدولة(61)، وتسمى جريمة العدوان بجريمة القيادة وفق التعريف المتبنى لأنها تقوم في حق من يملك السلطة وتوجيه الأوامر ولا تقوم في حق الجند العاديين مع الإشارة إلى وجوب احترام مبدأ عدم التحجج بتنفيذ الأوامر للتهرب من المسئولية ، كما أن اشتراط درجة من الخطورة ينفي صفة العدوان عن بعض الأفعال التي كانت سابقا تعتبر كذلك ، فالحصار بهذا الشكل لا يرقى لوصف العدوان لأنه لا ينطوي على حد من الجسامة واستعمال القوة المسلحة وهو ما يتماشى مع المبدأ العام للمحكمة الجنائية الوارد في الفقرة 10 من إن الأفعال الواردة في القرار 3314 وردت على سبيل المثال، وهو ما يفتح الباب لإضافات مستقبلية، وهو ما يشكل تحديا لمهام المدعي في المحكمة الذي سيواجه قائمة شبه مفتوحة توجب عليه

ديباجتها من أنها تختص بالعقاب على الجرائم الأشد خطورة التي تثير قلق المجتمع الدولي.

تكييف الأفعال المرتكبة وتقرير مدى كونها تشكل عدوانا من عدمه.(62)

إن قرار تعريف العدوان أصبح ذو قوة ملزمة بعد أن تم دمجه في معاهدة دولية هي نظام روما بعد أن كان عبارة عن توصية غير ملزمة من توصيات الجمعية العامة كما أنه جاء مؤكدا للفقرة 04 من المادة 02  من ميثاق الأمم المتحدة. إلا أنه أغفل الحديث عن استثناءات جواز استخدام القوة المذكورة في

ميثاق الأمم المتحدة حيث لا نجد لها مثيلا في نظام روما فهل استبعدت عمدا، أم نطبق قواعد ميثاق

الأمم المتحدة على أساس أنه الشريعة العامة؟

وعلى العموم، ورغم أي تحفظات يمكن إبداؤها، فان قرار تعريف العدوان يبقى مكسبا سبق للدول العربية أن نادت به خلال أعمال الدورة الثالثة للجنة التحضيرية في نيويورك في الفترة ما بين 12/29 إلى 1999/1/7 على أساس أن القرار 3314 خصص تحديدا لتعريف العدوان وصوره، وأن اللجنة الخاصة المشكلة لهذا الغرض بموجب قرار الجمعية العامة رقم (3330(د-22) في 1967/01/18 كانت قد اعتمدت هذا التعريف بالاتفاق وأقرته الجمعية العامة كذلك. كما أنه وبالنظر لمرور سنوات طويلة على اعتماده دون اعتراض فقد أصبح جزءا من القانون الدولي العرفي، كما أن الفقرة 04 من ديباجة القرار تفرض على مجلس الأمن مراعاته كدليل يهتدي به حين يبت في أمر وجود عمل من أعمال

العدوان، هذا بالإضافة لشمول القرار الصور وأشكال العدوان جميعها على أساس التعبير على العدوان بمفهوم عام العمل العدواني، أعمال العدوان الأعمال العدوانية...)، وذلك للدلالة على أن العدوان

يقع ولو لم يكن واسع النطاق وجسيم الآثار و أن الصور المذكورة في المادة 03 في الفقرات من أ إلى ز كانت واضحة في شمول تعريف العدوان للأفعال العدوانية كلها، إضافة إلى إشارة المادة 04 من القرار إلى صلاحية مجلس الأمن وسلطته التقديرية في حالات عدوانية جديدة، والمادة 05 إلى نفي التبرير عن الأفعال العدوانية مهما كانت (63) .

ولقد حاولت بعض الدول وخاصة الغربية منها التقليل من أهمية قرار التعريف على أساس:

*أنه ذو طبيعة سياسية توافقية صدر في ظروف سياسية دولية خاصة؛

* أن صياغته تجعله دليلا استرشاديا وليس تعريفا يصلح للتطبيق القضائي؛

*أنه يتناول المسئولية الدولية دون المسئولية الفردية؛

* أنه لا يتفق مع مدلول العدوان بموجب القانون الدولي العرفي.(64)

إلا أن هذه الدول لم تفلح في مساعيها لعدة أسباب متعلقة أساسا بالرغبة في منع قيام الحروب

والنزاعات المسلحة وإقامة نظام إنساني عادل للسلم والأمن الدولي وبذلك، فإن النص على تعريف

العدوان كان خطوة جد تقدمية نجحت المحكمة في تحقيقها بعد سنوات طويلة من الجهود المتواترة

والتي توجت في نهاية المطاف بالنجاح في ذلك.

خاتمة

من خلال ما سبق توصلنا إلى النتائج التالية:

أن مؤتمر كمبالا قد نجح في التوصل إلى تعريف العدوان بالجمع بين توصية الأمم المتحدة لسنة 1974 وجهود الفرق الخاصة، حيث جمع بين نسبة المسئولية عن العدوان للدولة وفق توصية الجمعية العامة و مسئولية الفرد التي أقرها المؤتمرون؛

أن الحجج التي أبداها معارضو وضع تعريف للعدوان قد أصبحت لا قيمة لها حاليا بعد تغير الخارطة السياسية والعلاقات الدولية في المجتمع الدولي المعاصر؛

أن الاختلاف الكبير حول تعريف العدوان كان له جانبان أحدهما سلبي، وهو تأخر الوصول إليه حتى 2010 في مؤتمر المراجعة لنظام روما وذلك كان بسبب بعض الدول التي أرادت الاحتفاظ  لنفسها بإمكانية ارتكاب الجرائم العدوانية دون عقاب خصوصا في ظل استمرارية وجود المادة 121 من النظام التي يعطي حصانة لمرتكبي الجرائم، والثاني إيجابي وهو الكم الهائل من التعاريف التي اجتهدت الدول ومنظمة الأمم والقضاء الجنائي في صياغتها، مما يعكس الرغبة الدولية الكبيرة في التصدي لهاته * أن تنوع الأساليب المقترحة لتعريف العدوان أمر يعكس اهتمام الفقه بهذا الموضوع وأن مؤتمر كمبالا الجريمة؛

في نهاية المطاف قد اعتمد على أسلوب التعريف الإرشادي، الذي يعد حاليا الأسلوب الأمثل للتعريف، إلا أنه في الواقع أسلوب يصعب من مهمة المدعي العام في المحكمة الذي سيجد نفسه من جديد أمام مشاكل تكييف الأفعال المرتكبة والتي تكون من غير المنصوص عليها سابقا؛

أن تعريف العدوان لم ينجح لحد ما في تحقيق الردع المناسب له بسبب وقف اختصاص المحكمة الجنائية عن نظر هذه الجريمة إلى ما بعد جانفي 2017 ، كما أنه لم يوضح كيفية دخوله حيز النفاذ

فہل بكون النفاذ مباشرا أم بمؤتمر لاحق لإعطائه الضوء الأخضر ، كما لم يوضح كذلك كيفية نفاذه

في حق الدول غير الأطراف في نظام روما والتي ترغب مستقبلا في الانضمام، فهل يستلزم صدور إعلان

خاص منها بالقبول به أم يطبق عليها مباشرة؛

* أن إعطاء دور المجلس الأمن قد يسيس عمل المحكمة بسبب اختلاف طبيعة عمل المجلس عن طبيعة

عمل المحكمة وقد يمثل تدخلا يحد من فعاليتها؛

أن التعريف المتوصل إليه أغفل الحديث عن صور أخرى للعدوان تشكل اعتداءا على سيادة الدولة

أو سلامتها الإقليمية.

وبناء على ما تم التوصل إليه من نتائج نوصي بما يلي:

*الإسراع بعقد مؤتمر مراجعة جديد للسماح للمحكمة الجنائية بممارسة الاختصاص على جريمة

العدوان في ضوء أن الحجة المتعلقة بالتعريف أصبحت غير ذات قيمة وبالتالي لا داعي لانتظار سنوات

لاحقة لفعل ذلك؛

*مراجعة سلطات المدعي العام للمحكمة الجنائية ومنحه حرية أكبر في تكييف الجرائم المتعلقة

بالعدوان وعدم ربط تحقيقاته الابتدائية بالدائرة التمهيدية أو بمجلس الأمن؛

إسراع الدول غير الأطراف في نظام روما بالانضمام إليه وبخاصة الدول العربية ودول العالم الثالث

حتى تشكل قوة فعالة في جمعية الدول الأطراف تمكنها من الضغط لوقف ارتكاب العدوان وعقاب

فاعله

*إلغاء الحصانة الممنوحة بموجب المادة 121 وفرض تطبيق نظام روما على كل الدول بما فيها تلك

التي لا تكون قبلت به أو بالتعديلات الواردة عليه طالما ثبت ارتكابها جرائم تهدد السلم والأمن الدوليين.

الهوامش:

(1): محمد عبد المنعم عبد الخالق الجرائم الدولية، دراسة تأصيلية للجرائم ضد الإنسانية والسلام وجرائم الحرب، د

دن، القاهرة، 1989، ص ص

 (2): طارق الحسيني، "المحكمة الجنائية الدولية كتطور لمفهومي السيادة والمسئولية مع التطبيق على قضية

دارفور"، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه، إشراف شافعي البشير كلية الحقوق جامعة المنصورة، مصر،

2009، ص486.

(3): سدي عمر،دور" منظمة الأمم المتحدة في الحد من جريمة العدوان"، مذكرة مقدمة لنيل درجة ماجستير، إشراف

بن الزين محمد الأمين ، كلية الحقوق ، بن عكنون، الجزائر، 2010، ص8.

(4):حسنين صالح عبيد، الجريمة الدولية، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1979، ص ص 158-159.

انظر كذلك: محمد عبد المنعم عبد الخالق المرجع السابق، ص 170.

(5): محمد محمود خلف ، حق الدفاع الشرعي في القانون الدولي الجنائي ، دراسة تحليلية تأصيلية مقارنة، دار النهضة

العربية، 1973،

 (6): حسنين صالح عبيد، المرجع السابق، ص158.

(7): محمد محمود خلف ، المرجع السابق، ص245.

(8): المرجع نفسه، ص 246.

(10): حسنين صالح عبيد المرجع السابق، ص 159. انظر كذلك: محمد محمود خلف المرجع السابق،ص246.

(11): حسنين صالح عبيد، المرجع نفسه.

(12): ذكره محمد محمود خلف، المرجع السابق، ص 249 نقلا عن Roling A/A C .77/S R3

(13) : المرجع نفسه، ص 247 ، نقلا عن .4/28. Alfaro A/C N

(14): محمد محمود خلف المرجع السابق، ص 249.

(15): طارق الحسيني، المرجع السابق، ص 489.

(16): إبراهيم الدراجي، جريمة العدوان ومدى المسئولية القانونية الدولية عنها، منشورات الحلبي الحقوقية، 2005،

بيروت، ص 183-184

(17):محمد محمود خلف ، المرجع السابق، ص 250.

(18) طارق الحسيني المرجع السابق، ص 488.

(19): صالح عبيد، المرجع السابق، ص158.

(20): إبراهيم الدراجي، المرجع السابق، ص 184.

(21):وهو ما خلصت إليه لجنة القانون الدولي باستحالة وضع تعريف للعدوان خلال عمل اللجنة الثلاثية المجتمعة

في سان فرانسيسكو 1945 ، حيث أفادت بان التطور في تكتيك الحروب العصرية يجعل من الصعوبة بما كان

تعريف جميع أنواع الأعمال العدوانية وان أي قائمة لتحديد تلك الإعمال ستكون غير كافية.

se serait

على جريمة العدوان.

(27): محمد محمود خلف ، المرجع السابق، ص 256-257.

(28): في هذا الخصوص قال الرئيس الأمريكي "نزومان أن أي تعريف للعدوان سيكون بمثابة شرك للبريء ودعوة

للمذنب".

Melvin smaol, j David singer, restore to armes, international and civil wars 1816-1989, 1982, Californie, :(29)

Vespasien pella, << la codification du droit pénal international «<, in R G D P I,No3, juillet-sep 1952, p 44. :(30)

Ricardo, j. Alfaro, «< question of défining agression »>, doc A/CN/.4/L .6, mémoire présenté par M Gilberto :(31)

Amado, in year book of the international law commission, vol 2, United nations, new York, 29 mai 1951, p 37.

(33): إبراهيم الدراجي المرجع السابق، ص 188. كذلك: صالح عبيد ،المرجع السابق، ص

وفي هذا الإطار يرى الفقيه جرافن أن هذه التعاريف عامة جدا لا تحل الصعوبات العملية في التفسير والتطبيق، كما

وصفها الفقيه تولينتينو بأنها حبر على ورق وان الصيغ المستعملة فيها هي نفسها تحتاج إلى تعريف.

(34): عبد الفتاح بيومي حجازي، المرجع السابق، ص 219..220.

(35): قدم هذا التقرير إلى مؤتمر نزع السلاح المنعقد في 1933/2/6 المنعقد في لندن والذي حظرته 61 دولة.

aggression and self defence, fifth edition,cambridge university press, 2011, p 124.

youram dinstein, war

قدم هذا التعريف إلى مؤتمر نزع السلاح السابق الذكر من طرف المندوب السوفييتي ، للرجوع إلى نص التعريف كاملا

راجع محمد محمود خلف المرجع السابق ص ص 267.... 269.

(37): عبد الرحمن حسين علي هلام المسئولية الجنائية في نطاق القانون الدولي الجنائي، الجريمة الدولية

وتطبيقاتها، الجزء الأول ، دار نهضة الشرق القاهرة 1988

(38): من الفقهاء الذين عارضوا وانتقدوا هذا الأسلوب يمكن أن نذكر جرافن الفارو امادو، شوشي هيس، ايدين،

وغيرهم. للتفصيل حول هاته النقطة راجع:

عبد الواحد محمد الفار ، الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها، ص164 . كذلك: عبد الرحمن حسين علام، المرجع

السابق، ص 143 ، كذلك محي الدين محمد عوض دراسات في القانون الدولي الجنائي ، ص 500.

(39): عبد الواحد محمد الفار المرجع السابق، ص 165.

(40): قدم هذا التعريف إلى اللجنة السادسة سنة 1957 من طرف السيد المفتي واعتمد في تعريفه للعدوان على

شقين شق متعلق بالمادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة وشق متعلق بالمادة 51 منه.

(41): جابر إبراهيم الراوي المنازعات الدولية مطبعة دار السلام، بغداد، 1978، ص146.

(42): وفق البند 2 من القرار 22/2330 عين رئيس الجمعية العامة الدول التالية كأعضاء في لجنة تعريف العدوان:

الجزائر،استراليا، بلغاريا، كندا، كولومبيا، الكزنغو، قبرص، اکوادور، فنلندا، فرنسا، غانا، غينيا، هايتي، اندونيسيا، ايران، ايطا

ليا، اليابان، مدغشقر، المكسيك النرويج ،رومانيا، سيراليون، اسبانيا، السودان سوريا، تركيا، أوغندا،

روسيا، الجمهورية العربية المتحدة، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، ارجواي،يوغسلافيا.

 (43): للرجوع إلى نص التعريف كاملا راجع محمد محمود خلف، المرجع السابق، ص297.

(44): قدم هذا المشروع إلى اللجنة بتاريخ 1968/06/26.

(45):قدم هذا المشروع إلى اللجنة بتاريخ 1968/07/03.

(49): عبد الوهاب حومد، الإجرام الدولي، مطبوعات جامعة الكويت 1978، ص 247-248.

(50) كمال حماد، "جريمة العدوان إحدى أركان الجرائم الخطيرة في اختصاص المحكمة الجنائية"، محاضرة ألقيت في

ندوة علمية بعنوان "المحكمة الجنائية ، تحدي الحصانة"، كلية الحقوق، دمشق، 43 نوفمبر 2001،ص270.

قوسين لم يتفق عليها بين

أعضاء الفريق.

A/G/Doc/Sessions25/N19.(8019).P67.

.A/G/Sessions26/A/AC-134/L31 (53): الجمل الواردة بين

(54): الوثائق الرسمية للجمعية العامة، الدورة 29 ، الملحق ،19 ، (9616/A). كذلك القرار د (29)3314، 1974/12/14.

(55): انظر المحاضر الموجزة للجلسات العامة لمؤتمر روما : الوثائق الرسمية الوثيقة A/Conf.183L13 vol2

Muhammad Aziz Chukri, »>the crime of agression, between the rome statut and the preparatory

(57) راجع الوثيقة:

(58): تم الاقتصار على ذكر النقاط المتعلقة بالتعريف للاطلاع على النص الكامل: PCNICC/2002/L.1/REV1




التسميات: