الخميس، 16 مارس 2023

مفهوم جريمة العدوان في نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة pdf

 


مفهوم جريمة العدوان في نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة pdf


إقرأ أيضا

دراسة: جريمة العدوان في ظل النظام الأساسي للمحكمة الجنائية pdf

أركان جريمة الإبادة الجماعية في القانون الدولي doc

محاضرات في القانون الدولي الجنائي د: فؤاد خوالدية

أركان جريمة العدوان. وتطوراتها بحسب القانون الدولي. doc

القيمة القانونية للخرائط في التسوية التحاكمية للمنازعات الحدودية والإقليمية pdf

محاضرات القانون الدولي العام doc الجزائر .

جرائم الحرب في القانون الدولى الانسانى

دراسة: أركان جريمة العدوان في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .pdf

توثيق انتهاكات حقوق الإنسان من قبل ممثلي الدول حول العنف الجنسي

مقترحات لاتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

الأثار المترتبة عن المعاهدات الدولية

تحميل: أطروحة دكتوراه القانون الدولي لحقوق الإنسان و دساتير الدول - سلوان رشيد السنجاري


مفهوم جريمة العدوان في نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة
أ. كينة محمد لطفي
أستاذ مساعد - أ-
كلية الحقوق والعلوم السياسية
جامعة الوادي (الجزائر)
لقد مر مفهوم العدوان في نظام روما بمرحلتين : الأولى أثناء انعقاد المؤتمر المعني بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية عام 1998، حيث تباينت المواقف الدولية من إدراج جريمة العدوان ضمن اختصاص المحكمة، وتم الاتفاق على تأجيل ممارسة المحكمة لاختصاصها بالنظر في الجريمة إلى غاية اعتماد حكم يعرف الجريمة، ويضع الشروط والأركان اللازمة لقيامها، وهو ما تم بالفعل في المرحلة الثانية في مؤتمر "كامبالا سنة 2010، حيث تم الاتفاق على تعريف للجريمة، وتحديد اختصاص المحكمة للنظر في هاته الجريمة، ولكن الممارسة الفعلية لذلك سوف لن تكون ممكنة قبل سنة 2017.
الكلمات المفتاحية : جريمة العدوان القانون الدولي الجنائي، المحكمة الجنائية الدولية المؤتمر الاستعراضي، العدالة الجنائية الدولية، نظام روما الأساسي جمعية الدول الأطراف.
Abstract:
The concept of aggression in the Rome Statute has undergone two phases: the first was during the Conference on establishing the International Criminal Court in 1998- where varied international positions of the inclusion of the crime of aggression within the jurisdiction of the Court. It, therefore, was agreed to postpone the exercise of the court's jurisdiction to consider the crime until the adoption of a rule that characterizes as crime, and its necessary conditions for its existence. Accordingly, this has led to adopting the aforementioned conditions during the second conference in the "Kampala" conference in 2010, where it has been agreed on the definition of the crime, and determined the court's jurisdiction to deal with the crime, but the actual practice it will not be possible until 2017.
Key words: The crime of aggression, International Criminal Law, International Criminal Court, Review, Conference, International criminal justice, The Rome Statute, Assembly of States' Parties

مقدمة : لا شك أن جريمة العدوان تشكل أقسى وأفظع الجرائم في حق البشرية لما يصحبه من ارتكاب انتهاكات خطيرة أخرى للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، ووصفت هذه الجريمة بأنها (أم الجرائم إذ كثيرا ما تكون هي السبب الأصلي لارتكاب الجرائم الأخرى، والاعتداء على حقوق الإنسان، والجرائم الأخرى الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، جرائم الإبادة غالبا ما تكون فرعية لجريمة العدوان، ونظرا لخطورتها فهي يجب أن ألا تترك دون عقاب لتحقيق العدالة الجنائية الدولية في المجتمع الدولي (1).
والمقصود بجريمة العدوان شن الحرب العدوانية من دولة ما ضد دولة أخرى، ولقد عاني المجتمع الدولي لفترة زمنية طويلة من آثار وكوارث الحرب العدوانية التي قامت بها الدول القوية ضد الدول الضعيفة، ورغم ذلك لم يحاكم المسؤولون عن هذه الحروب جنائيا، ولم توقع عليهم العقوبات المناسبة الرادعة، وذلك لعدم وجود تعريف واضح ومحدد للعدوان آنذاك، على الرغم من أن مفهومـــــه ثابت ومستقر في وجدان المجتمع الدولي منذ بداية القرن العشرين وجرمته العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية دون أن تضع تعريف له(2).
وما إن بدأت الجهود الدولية لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية حتى تولد لدى غالبية أعضاء المجتمع الدولي الأمل في إدراج الجريمة ضمن الجرائم الخاضعة لاختصاص المحكمة والعقاب عليها، فلا توجد عدالة جنائية دولية دون العقاب على جريمة العدوان، لذلك كان هناك شبه إجماع علـى ضرورة إدراج الجريمة في النظام الأساسي، وهذا الأمر لم يكن بالسهولة التي كانت تتوقعها الدول، إذ ظهرت معارضة شديدة من الدول التي تتضرر مصالحها القومية بإدراج الجريمة في النظام الأساسي (3).
ومر إدراج جريمة العدوان ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بمرحلتين : المرحلة الأولى أثناء انعقاد المؤتمر الدبلوماسي المعني بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية عام 1998، والمرحلة الثانية أثناء المؤتمر الاستعراضي في مدينة "كامبالا" بأوغندا سنة 2010. وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل حول ما هو مفهوم جريمة العدوان في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؟ ، وكيف تم التوصل إلى تحديد اختصاص المحكمة للنظر في هاته الجريمة؟. وللإجابة على هذه الإشكالية فسنتعرض إلى ما يلي:
- المبحث الأول: الخلاف حول إدراج الجريمة ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. - المبحث الثاني : جريمة العدوان في نظام روما الأساسي حسب مؤتمر كامبالا الاستعراضي 2010 المبحث الأول: الخلاف حول إدراج جريمة العدوان ضمن اختصاص المحكمة : تباينت المواقف الدولية من إدراج جريمة العدوان ضمن الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية، وانقسمت ما بين أغلبية مؤيدة لهذا الاختصاص، وأقلية معارضة له، وهو ما يدعونا إلى عرض أهم المواقف
المؤيدة لإدراج الجريمة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المطلب الأول)، وكذلك أهم المواقف المعارضة لذلك مطلب ثاني)، وأخيرا عرض ما تم التوصل إليه بهذا الشأن (مطلب ثالث). المطلب الأول: الدول المعارضة لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالنظر في جريمة العدوان: لقد عارضت قلة من الدول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالنظر في جريمة العدوان، وطالبت باستبعاد العدوان من اختصاص المحكمة وعدم خضوعه لها، متذرعة بعراقيل شتى قانونية، وسياسية، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمة هذه الدول المعارضة، حيث أكد مندوبها في الجلسة السادسة لاجتماعات اللجنة أن إثارة جريمة العدوان يثير مشكلة التعريف، ومشكلة لدور مجلس الأمن، وأنها متشككة فيما إذا كان المؤتمر سوف يستطيع أن يعتمد تعريفا مرضيا من أجل إقرار المسؤولية الجنائية قبل الغير، وأن قرار الجمعية العامة 3314" لا يحاول تعريف العدوان كجريمة فردية، وما يفعله هو مجرد تكرار صيغة ميثاق "نورمبرغ"، ولهذا فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعارض إدراج جريمة العدوان ضمن الاختصاص الموضوعى للمحكمة (4).
وهو ما أيده المندوب الإسرائيلي الذي أشار إلى أنه غير مقتنع بوجوب إدراج جريمة العدوان في اختصاص المحكمة، وقال: "إن النظام الأساسي لهذه المحكمة ينص على جزاءات عقابا علــى الأفعال الإجرامية أو الامتناع، ويتعين أن يستند إلى تعريف دقيق ومقبول عالميا، ولا يلوح في الأفق حتى الآن ظهور تعريف لجريمة العدوان بهذا الشكل، وقد يؤدي عدم وجوده إلى استعمال تعريف وراءه دوافع سياسية قد يؤثر على استقلال المحكمة وطابعها غير السياسي(5).
وحجج الولايات المتحدة وإسرائيل الموضحة أعلاه ليست هي الدافع الرئيسي لوقوفهمــا ضــــد إدراج العدوان، فإسرائيل كانت تدرك أنها ستكون مقصرة، ووجود جهاز قضائي عادل يعني تجريم الأفعال التي ترتكبها ، ومعاقبة مسؤوليها، وهذا يعتبر تهديدا لمشاريعها التوسعية، أما الولايات المتحدة الأمريكية فإن معارضتها لم تكن تتعلق بعدم وجود تعريف للعدوان وإنما تنصب هذه المعارضة علــى إدراج جريمة العدوان بشكل نهائي في اختصاص المحكمة، فضلا عن أنها كانت تريد أن يحتفظ مجلس الأمن بسلطته المطلقة في تحديد وقوع العدوان، وبذلك تتحكم هي في هذه المسألة، وإدراجه يعني فرض قيد على قدرتها في استخدام القوة تحقيقا لمصالحها القومية بصورة منفردة دون الرجوع إلى مجلس الأمن، كما فعلت في العراق وأفغانستان (6).
ولم يقتصر المعارضة لاختصاص المحكمة للنظر في جريمة العدوان على الدول الكبرى، بل حتى الدول النامية قد وجد فيها من يعارض اختصاص المحكمة بالنظر في جريمة العدوان مثل: باكستان المكسيك، المغرب، فمثلا ذكرت المغرب أن العدوان يعتبر سياسيا في طبيعته، ومع صعوبة إيجاد تعريف دقيق له، ودور مجلس الأمن، فإن المغرب يرى استبعاد العدوان من قائمة الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة (7).
المطلب الثاني: الدول المؤيدة لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالنظر في جريمة العدوان بدا واضحا أثناء انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي المعني بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية وجود إرادة قوية لدى غالبية الدول في أن يشمل الاختصاص الموضوعي للمحكمة جريمة العدوان وهو ما عبرت عنه الدول بصورة واضحة وصريحة، سواء في الكلمات الرسمية أمام المؤتمر، أو في المناقشات المنفصلة التي تمت في اجتماعات اللجان المتخصصة (8). وكان من الطبيعي أن تكون الدول العربية في مقدمة هذه الدول المؤيدة لاختصاص المحكمة بالنظر في جريمة العدوان، وهو ما عبرت عنه مصر في كلمتها أمام المؤتمر والتي جاء فيها أنه: "بالنسبة للجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة، فقد أيدت مصر دائما إدراج العدوان ضمن هذه الجرائم، لأنها تشكل أقسى، وأفضع الجرائم في حق البشرية، ولا يمكن أن تترك بلا عقاب من نظـــام قضائي جاء ليدعم العدالة في المجتمع الدولي أنه على الرغم من - الصعوبات التي تعترض إدراج هذه الجريمة إلا أن تلك الصعوبات يمكن التغلب عليها إذا توافرت الإرادة اللازمة لذلك...". وهو ما أكده وتبناه أيضا وفد سوريا الذي جاء في كلمته: "... تمكين المحكمة من ملاحقة مرتكبي العدوان بوصفه جريمة ضد السلام بدقة وبمعيار واحد ... (9) ، وهو ذات الموقف الذي أكدته معظم الدول العربية. أما عن مواقف الدول الكبرى والتي أيدت إدراج العدوان ضمن اختصاص المحكمة، فقــــد اجتمعت كل من فرنسا وبريطانيا على نفس الرأي، فقد أعرب ممثلا الوفدين عن قبول إدراج جريمة العدوان في اختصاص المحكمة على أساس شرطين الشرط الأول: أنه ينبغي أن يكون بالإمكان الموافقة على تعريف دقيق وواضح بما فيه الكفاية. أما الشرط الثاني فهو ضرورة الإبقاء على الصلة المناسبة مع مجلس الأمن، فلا يمكن للمحكمة أن تتناول أي قضية إلا بعد أن يقرر مجلس الأمن في أن فعلا عدوانيا قد وقع (10).
وأيدت كل من سلوفينيا، بلجيكا، إيران الاتحاد السوفياتي، الهند، جنوب إفريقيا، الدانمارك، اليونان ألمانيا، وكوستاريكا ، وسلوفاكيا، السنغال، تايلاندا زامبيا، ايطاليا وغيرها موقفا مؤيدا لإدراج جريمة العدوان في اختصاص المحكمة، وأن الإخفاق في إدراج هذه الجريمة سوف يعرض وجود المحكمة للخطر، وأن المحكمة دون وجود اختصاص لها بشأن العدوان ستكون رمزية أكثر منها فعلية (11). . وفي هذا الصدد قدمت مجموعة من الدول اقتراحات لتعريف العدوان وشـــروطا لممارسة المحكمة لاختصاصها المتعلق بجريمة العدوان، فهناك من الدول من أيد تعريف الجمعية العامة للعدوان في قرارها رقم 3314 سنة 1974 ، وذلك نظرا لأهمية التعريف الذي جاء بتوافق الآراء بعد مناقشات استمرت أكثر من 20 عاما، كما أن تعريف الجمعية العامة يحمل علامات حل وسط نظرا لأنه احتفظ بدور مجلس الأمن، حيث تنص المادة الرابعة من قرار تعريف العدوان على أن الأعمال المذكورة ليست شاملة، ويجوز لمجلس الأمن أن يقرر أن أعمال أخرى تشكل عدوانا بمقتضى
الميثاق (12) وقد قدمت اللجنة التحضيرية المتعلقة بجريمة العدوان اقتراحا لتعريف العدوان في فقرتين كما يلي(13) "- لغرض هذا النظام الأساسي تعني جريمة العدوان: أي فعل من الأفعال التالية يرتكبه الفـــرد فــــي
وضع يمكنه من ممارسة السيطرة، أو يكون قادرا على توجيه العمل السياسي، أو العسكري للدولة: بدء، أو تنفيذ هجوم مسلح من جانب دولة ضد السلامة الإقليمية، أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى، عندما يكون هذا الهجوم المسلح منافيا - بشكل ظاهر - لميثاق الأمم المتحدة، ويكون هدفـــه أو نتيجتــه الاحتلال العسكري، أو الضم لإقليم الدولة الأخرى، أو جزء منه من قبل القوات المسلحة للدولة القائمة بالهجوم". وقد اقترحت مجموعة من الدول من بينها الجزائر، والبحرين أن يدرج في إطار التعريف إشارة إلى حق الشعوب في تقرير المصير، والحرية والاستقلال، جنبا إلى جنب مع السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي)، ذلك لأن الاستعمار عدوان دائم ومستمر (14). المطلب الثالث: ما تم الاتفاق عليه بالنسبة لجريمة العدوان : مع إصرار غالبية الدول وحركة عدم الانحياز وبعض الدول الأوروبية، ورغم المعارضة الأمريكية والإسرائيلية وبعض الدول الأخرى، فإن جريمة العدوان قد أدرجت ضمن المادة (5) من النظام الأساسي لكي تكون ضمن الجرائم الأخرى (جرائم الحرب، الجرائم ضد الإنسانية جريمة (الإبادة التي تخضع لاختصاص المحكمة، ورغم أن إدراجها في النظام الأساسي يعتبر انجازا كبيرا إلا أن نتائج الإدراج جاءت بالشكل الذي يرضي الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. فالفقرة الثانية من المادة الخامسة أجلت ممارسة المحكمة لاختصاصها بنظر جريمة العدوان إلى حين اعتماد حكم يعرف الجريمة، ويضع الشروط والأركان اللازمة لقيامها ودخولها فى اختصاص المحكمة (15).
فبالرجوع إلى أحكام المادتين (121) و (123) من نظام روما نجد أنها قد عالجت المسائل المتعلقة بكيفية إيجاد تعريف العدوان، والأغلبية المطلوبة لذلك في جمعية الدول الأطراف، والاستثناءات بالنسبة للدول التي ترفض الموافقة على التعريف، وبالتالي واستنادا لذلك فإنه يلزم
لاعتماد التعريف، ومن ثم دخول هذه الجريمة في اختصاص المحكمة ما يأتي (16):
- انقضاء مدة سبع سنوات على بدء نفاذ نظام روما الأساسي.
- أن يتم ذلك في مؤتمر استعراضي لجمعية الدول الأطراف.
- قبول تعريف العدوان بإجماع دول جمعية الدول الأطراف، أو بأغلبية ثلثي هذه الدول.
- إرجاء ممارسة المحكمة الجنائية الدولية اختصاص النظر في الجرائم العدوان إلى ما بعد مضي سنة واحدة من تاريخ إيداع وثائق التصديق، أو الموافقة بالنسبة للدول التي وافقت عليه. - عدم جواز ممارسة المحكمة الجنائية الدولية اختصاص النظر في العدوان فيما يتعلق بالدول التي ترفض التعريف، وذلك عندما يرتكب العدوان في إقليمها، أو يتهم بارتكابه أحد رعاياها. وهذا كله يعد إرضاء وامتيازا للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، لأن المادتين تقتضيان مرور سبع سنوات لنفاذ النظام، ومرور سنة بعد إيداع صك التصديق، أي 8 سنوات لتمارس المحكمة
اختصاصها، وهي مدة طويلة وفرصة مناسبة للإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة، وتؤدي إلى ضياع الأدلة والإثباتات، وما يزيد من فرص الإفلات من العقاب أن الفقرة (5) من المادة (121) قد علقت ممارسة المحكمة لاختصاصها على إرادة الدول، فهي ستمارس هذا الاختصاص تجاه الدول التي ستوافق على التعريف، وبالتالي حتى ولو انضمت الولايات المتحدة وإسرائيل للنظام الأساسي، ورفضتا التعريف فلن تمارس المحكمة اختصاصها على الجرائم التي يرتكبها رعاياها (17). وما يثير التساؤل أيضا هو رفض الدول المتفاوضة اعتماد التعريف الذي جاءت به الجمعيــة العامة للأمم المتحدة لعام 1974 في قرارها رقم (3314)، مع أنه يعد تعريفا شاملا، فضلا عن أن القضاء الدولي السابق، وخاصة محاكمات نورمبرغ" قد جرمت العدوان، وعاقبت مرتكبيه دون تعريف محدد له. وبالنظر لما جاء في النظام الأساسي من نصوص نجد أنه قد حدد نفسه بنفسه، وقرر صراحة أنه لا يمكنه تجاوز أحكام ميثاق الأمم المتحدة، وبالتالي لا يمكن تجاوز صلاحيات مجلس الأمن في مسألة العدوان واختصاصه في تحديد وجود هذه الحالة من عدمه، وهذا من شأنه تعطيل عمل المحكمة قانونيا، والسيطرة عليها سياسيا (18).
هذا وتجدر الإشارة إلى أن جمعية الدول الأطراف في دورتها الأولى المنعقدة في نيويورك للمدة من 3-3-10 سبتمبر 2002 قد اعتمدت مشروع قرار مقدم من اللجنة التحضيرية بشأن مواصلة العمل المتعلق بجريمة العدوان قضى بإنشاء فريق عمل خاص يعني بجريمة العدوان، تكون عضويته مفتوحة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وأعضاء الوكالات المتخصصة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بغية صياغة مقترحات لوضع أحكام العدوان على أن يعرض الفريق العامل هذه المقترحات على الجمعية في مؤتمر استعراضي بهدف التوصل إلى أحكام مقبولة بشأن جريمة العدوان، يمكن أن تدرج في النظام الأساسي (19).
المبحث الثاني: جريمة العدوان في نظام روما حسب مؤتمر كامبالا الاستعراضي لعام 2010: إن مؤتمر "كامبالا الاستعراضي لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المنعقد ما بين 31 ماي و 11 جويلية 2010 بأوغندا، والذي جاء تطبيقا للمادة (123) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تطلب من الأمين العام للأمم المتحدة بعقد مؤتمر استعراضي للنظر في أي تعديلات للنظام الأساسي بعد نفاذه بسبع سنوات، قد تضمن تعديلات هامة على النظام الأساسي خاصة فيما يتعلق بجريمة العدوان وأهمها ما يتعلق بتعريف الجريمة (المطلب الأول)، وكيفية ممارسة المحكمة لاختصاصها فيما يتعلق بالجريمة المطلب الثاني، وأهم التعديلات فيما يخص أركان جريمة العدوان المطلب الثالث).
المطلب الأول : تعريف جريمة العدوان حسب المؤتمر الاستعراضي لعام 2010 : حيث ورد تعديل على جريمة العدوان، وذلك بحذف نص الفقرة 2 من المادة (5) من نظام روما الأساسي، ونص على وجوب إدراج تعريف جريمة العدوان بموجب نص المادة 8 مكرر) كالتالي (20) :
اختصاصها، وهي مدة طويلة وفرصة مناسبة للإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة، وتؤدي إلى ضياع الأدلة والإثباتات، وما يزيد من فرص الإفلات من العقاب أن الفقرة (5) من المادة (121) قد علقت ممارسة المحكمة لاختصاصها على إرادة الدول، فهي ستمارس هذا الاختصاص تجاه الدول التي ستوافق على التعريف، وبالتالي حتى ولو انضمت الولايات المتحدة وإسرائيل للنظام الأساسي، ورفضتا التعريف فلن تمارس المحكمة اختصاصها على الجرائم التي يرتكبها رعاياها (17). وما يثير التساؤل أيضا هو رفض الدول المتفاوضة اعتماد التعريف الذي جاءت به الجمعيــة العامة للأمم المتحدة لعام 1974 في قرارها رقم (3314)، مع أنه يعد تعريفا شاملا، فضلا عن أن القضاء الدولي السابق، وخاصة محاكمات نورمبرغ" قد جرمت العدوان، وعاقبت مرتكبيه دون تعريف محدد له. وبالنظر لما جاء في النظام الأساسي من نصوص نجد أنه قد حدد نفسه بنفسه، وقرر صراحة أنه لا يمكنه تجاوز أحكام ميثاق الأمم المتحدة، وبالتالي لا يمكن تجاوز صلاحيات مجلس الأمن في مسألة العدوان واختصاصه في تحديد وجود هذه الحالة من عدمه، وهذا من شأنه تعطيل عمل المحكمة قانونيا، والسيطرة عليها سياسيا (18).
هذا وتجدر الإشارة إلى أن جمعية الدول الأطراف في دورتها الأولى المنعقدة في نيويورك للمدة من 3-3-10 سبتمبر 2002 قد اعتمدت مشروع قرار مقدم من اللجنة التحضيرية بشأن مواصلة العمل المتعلق بجريمة العدوان قضى بإنشاء فريق عمل خاص يعني بجريمة العدوان، تكون عضويته مفتوحة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وأعضاء الوكالات المتخصصة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بغية صياغة مقترحات لوضع أحكام العدوان على أن يعرض الفريق العامل هذه المقترحات على الجمعية في مؤتمر استعراضي بهدف التوصل إلى أحكام مقبولة بشأن جريمة العدوان، يمكن أن تدرج في النظام الأساسي (19).
المبحث الثاني: جريمة العدوان في نظام روما حسب مؤتمر كامبالا الاستعراضي لعام 2010: إن مؤتمر "كامبالا الاستعراضي لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المنعقد ما بين 31 ماي و 11 جويلية 2010 بأوغندا، والذي جاء تطبيقا للمادة (123) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تطلب من الأمين العام للأمم المتحدة بعقد مؤتمر استعراضي للنظر في أي تعديلات للنظام الأساسي بعد نفاذه بسبع سنوات، قد تضمن تعديلات هامة على النظام الأساسي خاصة فيما يتعلق بجريمة العدوان وأهمها ما يتعلق بتعريف الجريمة (المطلب الأول)، وكيفية ممارسة المحكمة لاختصاصها فيما يتعلق بالجريمة المطلب الثاني، وأهم التعديلات فيما يخص أركان جريمة العدوان المطلب الثالث).
المطلب الأول : تعريف جريمة العدوان حسب المؤتمر الاستعراضي لعام 2010 : حيث ورد تعديل على جريمة العدوان، وذلك بحذف نص الفقرة 2 من المادة (5) من نظام روما الأساسي، ونص على وجوب إدراج تعريف جريمة العدوان بموجب نص المادة 8 مكرر) كالتالي (20) :
1- لأغراض هذا النظام الأساسي تعني "جريمة العدوان": قيام شخص ما له وضع يمكنه فعلا من التحكم في العمل السياسي، أو العسكري للدولة، أو من توجيه هذا العمل بتخطيط، أو إعداد، أو بدء، أو
تنفيذ عمل عدواني يشكل بحكم طابعه، وخطورته، ونطاقه، انتهاكا واضحا لميثاق الأمم المتحدة. 2- لأغراض الفقرة (1) يعني "العمل العدواني": استعمال القوة المسلحة من جانب دولة ما ضد سيادة دولة أخرى، أو سلامتها الإقليمية، أو استقلالها السياسي، أو بأي طريقة أخرى تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، وتنطبق صفة العمل العدواني على أي عمل من الأعمال التالية سواء بإعلان حرب أو بدونه، وذلك وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3314 (د - 29) المؤرخ في 14 ديسمبر 1974: أ- قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى، أو الهجوم عليه، أو أي احتلال عسكري ولو كان مؤقتا ينجم عن مثل هذا الغزو، أو الهجوم، أو أي ضم لإقليم دولة أخرى، أو لجزء منه باستعمال
القوة.
ب- قيام القوات المسلحة لدولة ما بقصف إقليم دولة أخرى بالقنابل، أو استعمال دولة ما أية أسلحة ضد إقليم دولة أخرى.
ج- ضرب حصار على موانئ دولة ما، أو على سواحلها، من جانب القوات المسلحة لدولة أخرى. د - قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية، أو البحرية، أو الجوية، أو الأسطولين البحري والجوي لدولة أخرى.
ه قيام دولة ما باستعمال قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بموافقة الدولة المضيفة على وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها الاتفاق، أو أي تمديد لوجودها في الإقليم المذكور إلى مـــا بعد نهاية الاتفاق.
و - سماح دولة ما وضعت إقليمها تحت تصرف دولة أخرى بأن تستخدمه هذه الدولة الأخرى لارتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة.
ز - إرسال عصابات أو جماعات مسلحة، أو قوات غير نظامية، أو مرتزقة من جانب دولــة مــا أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى بأعمال من أعمال القوة المسلحة، تكون من الخطورة بحيث تعادل الأعمال المعددة أعلاه، أو اشتراك الدولة بدور ملموس في ذلك".
ويتبين من نص المادة (8) مكرر أنها استندت إلى تعريف الجمعية العامة لجريمة العدوان في قرارها رقم (3314) لسنة 1974 ، والذي كان وسطا بين التعريف العام للعدوان والتعريف الحصري له، أي أخذت بالتعريف المختلط، أو الاسترشادي، الذي يعطي تعريفا عاما، ثم يعدد بعض الأعمال العدوانية على أساس التوضيح.
المطلب الثاني: ممارسة الاختصاص فيما يتعلق بجريمة العدوان : سنتعرض في هذا الفرع إلى كيفية ممارسة المحكمة لاختصاصها فيما يتعلق بجريمة العدوان، وذلك من خلال الإحالة من قبل الدولة


التسميات: